كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية النقاب عن تقديم شركة إسرائيلية خدمة اختراق هواتف محمولة لصالح سلطات آل سعود في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بينما دافعت الشركة عن نفسها بأنها تعمل وفقا للقانون.
وقالت الصحيفة العبرية إن مندوب شركة إسرائيلية هي “سيلبرايت” وصل إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض على متن رحلة تجارية من لندن، لاختراق هاتف محمول بحوزة وزارة العدل السعودية، في زيارة تم الاتفاق على تفاصيلها مسبقا.
وبناء على طلب من المدعي العام في الرياض، اخترق المندوب هاتفا محمولا من النوع (سامسونغ إس 10).
وذكرت الصحيفة أن الشركة لم تتطرق لمعرفة المالك الأصلي للهاتف. وردا على ما جاء في التقرير، قالت الشركة -التي صُنفت أنها تخدم قوات الشرطة والأمن في 150 دولة- إنها توفر تقنيتها للمؤسسات المعتمدة فقط، وتطبق مجموعة من الأدوات التي تملي الطريقة التي يمكن استخدامها بها.
وأضافت أنها تطور تقنياتها بشكل يساعد مؤسسات إنفاذ القانون حول العالم على جمع الأدلة الرقمية وتسريع التحقيقات المعقدة وفقا للقانون.
ووفقا للتقرير، فإن الشركة الإسرائيلية لا تعد الوحيدة التي تساعد السلطات السعودية في خدمات الاختراق، حيث أشارت التقارير لتورط شركة “إن إس أو” (NSO) في عمليات اختراق لها علاقة بمقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي.
وكانت وثائق سرية وبيانات قضائية حصلت عليها صحيفة The Marker الإسرائيلية، وكشفت النقاب عن أن شركات الاختراق الإلكتروني والتجسس السيبراني الإسرائيلية تخوض “حرباً إلكترونية” لفائدة حكومات ومنظمات سرية ومعروفة، من أجل التجسس أو التعقب، بما فيها منطقة الخليج.
وأظهرت الصحيفة تفاصيل أكثر الشركات غموضاً في العالم، وهي شركة NSO، التي أُشِير مراراً إلى أنَّها تبيع معداتها لبلدان مثل السعودية والمكسيك، التي تستخدمها للتجسس على المعارضين وقمعهم، وشركة “Candiru – كانديرو”، التي تُعَد واحدةً من أكثر شركات الحرب السيبرانية (الإلكترونية) الإسرائيلية غموضاً.
ولا تملك شركة كانديرو موقعاً إلكترونياً، ويتعين على العاملين بها توقيع اتفاقات صارمة لعدم الكشف عن المعلومات، ولا يُحدِّثون حتى ملفاتهم الشخصية على موقع التوظيف “LinkedIn” لإضافة مكان عملهم.
لكنَّ وثائق سرية وبيانات قضائية تم تسريبها تكشف بعض تفاصيل هذا الغموض.
وشركة NSO متخصصة في اختراق الهواتف المحمولة، وحتى الآن، لا يُعرَف الكثير بشأن شركة كانديرو.
وتقدم شركة كانديرو تُقدِّم أدوات قرصنة تُستخدَم لاختراق الحواسيب والخوادم (السيرفرات)، وأكدت الآن، للمرة الأولى، أنَّ الشركة تملك أيضاً تكنولوجيا لاختراق أجهزة الهواتف المحمولة.
ووفقاً لوثيقة مُوقَّعة من جانب أحد نواب رئيس شركة كانديرو، الذي لم تُكشَف هُويته، تُقدِّم الشركة أيضاً “منصة استخباراتية سيبرانية متطورة مخصصة للتسلل إلى الحواسيب الشخصية، والشبكات، والهواتف المحمولة” باستخدام أساليب مثل عمليات نشر البيانات.
وتوضح الوثيقة أن النظام يتيح “عمليات استخباراتية سيبرانية سرية فعَّالة وقابلة للتوسع في الهواتف المحمولة للأفراد”.
وتتباهى الشركة بأنه بمجرد “نشر العملاء الذين لا يمكن تعقبهم، فإنهم على الفور يحددون ويعينون خريطة للشبكات المتصل بها الهدف”.
وتعد تلك الوثيقة أول تأكيد على أنَّ شركة برمجيات التجسس، شأنها شأن منافستها NSO، لم تنته من تطوير تكنولوجيا تجسس تُركِّز على الهواتف المحمولة وحسب، بل أيضاً باتت هذه التكنولوجيا قيد التشغيل ومطروحة للبيع بالفعل.
وتأسست “كانديرو” عام 2015 على يد “إران شورر” و”يعكوف وايزمان”، ويُعَد أكبر مُساهم فيها “إيزاك زاك”، وهو رئيسها منذ البداية وكان أيضاً مُموِّلاً مؤسِّساً لشركة NSO.
نقلت الشركة مقرها مراراً، لكنَّه يقع الآن في شارع هئربعا بتل أبيب، كما غيرت اسمها أيضا عدة مرات، وباتت تُعرَف اليوم باسم “Saito Tech Ltd – سايتو تيك المحدودة”.
ورغم ذلك فإن جميع العاملين في المجال ما يزالون يشيرون إليها باسم كانديرو.
وتزعم الشركة إنها تساعد أجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات في بلدان عدة على اختراق أنظمة الحواسيب دون إذن، بهدف المراقبة، والاستيلاء على المعلومات، بل وحتى التسبُّب بأضرار.
ووفقاً للدعوى، لم يكن لدى شركة كانديرو في عامها الأول عملاء، لكنَّها كانت في خضم عمليتي تفاوض مختلفتين، و”بحلول بداية عام 2016، كان لدى المُدَّعى عليها عدد كبير من الصفقات في مراحل متقدمة مع عملاء في أوروبا، والاتحاد السوفييتي السابق، والخليج، وآسيا، وأمريكا اللاتينية.
وأظهرت النتائج مبيعات مثيرة للإعجاب تبلغ 10 ملايين دولار في 2016، و”في 2017، كان لدى المُدَّعى عليها مبيعات بقرابة 30 مليون دولار في مختلف أنحاء العالم، لعملاء في الخليج وأوروبا الغربية والشرق الأقصى وغيرها”.
وتتمثل إحدى الحجج التي تستخدمها شركات الهجوم السيبراني في الدفاع عن نفسها في أنها تبيع خدماتها للأنظمة الديمقراطية فقط.
لكن وفقاً للدعوى، ليس الحال كذلك بالنسبة لكانديرو، لأنَّه لا توجد بلدان ديمقراطية في الخليج، كما أنَّ معظم البلدان السوفيتية السابقة ليست ديمقراطية.