شركات إسرائيلية ستستثمر في أراضي قبيلة الحويطات
كشفت تقارير إعلامية متطابقة عن إقدام ولي العهد محمد بن سلمان على خطوة خطيرة ستقلب عليه القبائل البدوية وتؤجج غضبهم، إبرام صفقة لتمكين شركات إسرائيلية من الاستثمار في أراضي قبيلة “الحويطات” ضمن مشروع نيوم.
وذكرت التقارير أن رجل الأعمال اليهودي “إيريل مارغليت” التقى بسفير المملكة في القاهرة نهاية الشهر الماضي وقدم له عدة اقتراحات بشأن استثمار شركات إسرائيلية في مشروع نيوم.
وأوضحت التقرير أن “إيريل مارغليت” قال للسفير أنا ومجموعة من التجار اليهود المقيميين في مصر على جهوزية للمشاركة والاستثمار في مشروع نيوم الواقع في شمال غربي المملكة وفي شاطئ البحر الأحمر.
ويبدو كما ورد على لسان “إيريل مارغليت” أن تنفيذ مثل هكذا مشروع الذي يضم إنشاء مجموعة فنادق ومزارع ومعامل متطورة و تكنولوجيا النانو يتطلب نقل جزء من الأراضي المخصصة لمشروع نيوم لهذه للشركة التي يترأسه “مارغليت”.
ويسعى بن سلمان، في إطار رؤيته للمملكة 2030، إلى بناء مدينة “نيوم” على البحر الأحمر لتكون الواجهة الحضارية للمملكة، بحسب ما أعلن عنه في 24 أكتوبر 2017.
والمشروع الذي يتربع على مساحة إجمالية تصل إلى 26.500 كم 2، ويمتد 460 كيلومتراً على ساحل البحر الأحمر، تأمل المملكة أن يحل محل وادي السيليكون في مجال التكنولوجيا، وهوليوود في مجال الترفيه، والريفيرا الفرنسية في مجال السياحة وتمضية العطلات.
وبناء على بعض الدراسات أن رجال قبيلة الحويطات يحتجون بشأن نقل أراضي أبائهم وأجدادهم التي تدخل في نطاق هذه الخطة ويبدو أنه إذا تم تسليم أراضي قبيلة الحويطات للشركات الإسرائيلية فإنه سيتسبب في احتجاجات عارمة من قبلهم في تبوك.
ويواجه أفراد قبيلة الحويطات خطر التهجير القسري من منازلهم ومنطق سكنهم بشكل تعسفي خدمة لأطماع ولي العهد محمد بن سلمان ورؤيته 2030.
ويشن منذ أيام سكان منطقة ديار الحويطات شمال غربي المملكة حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ معلنين رفضهم بيع أراضيهم لتنضم إلى مشروع مدينة “نيوم”.
ويؤكد أبناء “الحويطات” أنهم لن يتركوا أرضهم، معلنين أنها بالنسبة إليهم تمثل تاريخ الأجداد، وأن أبناءها ساهموا في بناء المملكة، وكانوا جنوداً مخلصين في حمايتها.
وبحسب ما يشير إليه موقع قبيلة الحوطيات فإن هذه القبيلة تنتشر على مساحة واسعة في شمال غربي المملكة، وتنتشر أيضاً في الأردن وفلسطين ومصر.
وتبدأ ديار الحويطات على ساحل البحر الأحمر ممتده إلى الداخل حتى جبال السروات، حيث تقع إلى الشرق من ديار بني عطية، وتنتشر عشائر الحويطات على ساحل خليج العقبة من مدينة حقل، وتمتد حتى الجنوب على شاطئ البحر الأحمر حتى مدينة الوجة.
والحويطات هم من الجمامزة من الأشراف بني الحسين الذين هاجروا من المدينة المنورة إلى بادية الشام، واستوطنوا حول العقبة، وأدت هذه القبيلة “دوراً بارزاً” في الثورة العربية بقيادة الشريف حسين ضد العثمانيين.
ومشروع “نيوم” خصص له صندوق الاستثمارات العامة السعودي 500 مليار دولار، وبحسب ما أعلنت الرياض فمن المخطط أن يصبح أحد أهم العواصم الاقتصادية والعلمية العالمية.
ويركز المشروع على 9 قطاعات استثمارية متخصصة؛ وتشمل مستقبل الطاقة والمياه، ومستقبل التنقل، ومستقبل التقنيات الحيوية، ومستقبل الغذاء، ومستقبل العلوم التقنية والرقمية، ومستقبل التصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، ومستقبل الترفيه، ومستقبل المعيشة.
وضخامة المشروع هذه، بحسب ما تشير وسائل إعلام، سوف تفرض على الحويطات الرحيل عن ديارهم في مقابل تعويضات يرفضها الأهالي.
ودشن أهالي الحويطات منذ أيام حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لرفض “التهجير” المحتمل.
وتحت وسم “#الحويطات_ضد_ترحيل_نيوم2″، عبر أهالي الحويطات عن تمسكهم بديارهم، ورغبتهم بأن يكونوا جزءاً من المشروع الجديد.
وانتشر على موقع التواصل “تويتر” مقطع فيديو يظهر أبناء الحويطات وهم يحيطون بمسؤول سعودي؛ ويبلغونه أن يوصل رسالة لولي العهد وحكومة بلدهم بأنهم لن يتنازلوا عن منطقتهم.
واستغرب مغردون من محاولة ترحيل سكان هذه المنطقة، واعتبروا أن حقهم الطبيعي البقاء في الأرض التي ولدوا فيها وولد وعاش عليها من قبلهم أجدادهم.
كما عبر مغردون عن اعتزازهم بالحويطات لما يمثلونه من ارتباط بتاريخ الجزيرة العربية شاركت هذه القبيلة في صناعته، فضلاً عن مشاركتهم في الدفاع عن المملكة، ومقتل المئات من أبناء هذه القبيلة في معارك خاضتها البلاد.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية سلطت الضوء على مدينة “نيوم”، المشروع الأضخم الذي أطلقه محمد بن سلمان، لتكون مدينة المستقبل.
وأكّدت الصحيفة، في تقرير مطول نشرته في تموز/يوليو الماضي، أنّ المشروع يواجه صعوبات أخرى تتعلق بـ”عملية تهجير أكثر من 20 ألف مواطن بشكل قسري”.
وقالت: إن “بناء نيوم سيكلف أموالاً لا تملكها المملكة، التي عانت مؤخراً من عجز في الميزانية، حيث لجأت الرياض إلى استخدام القروض للبدء بالمرحلة الأولى من هذا المشروع”، بحسب ما أكده أشخاص مطلعون.
تحدٍّ آخر تشير إليه الصحيفة يتعلق باعتماد “نيوم” على الاستشاريين الأجانب؛ فالسعودية كدولة شابة كانت حتى 1957 دون جامعة، وهي تفتقر تاريخياً إلى الخبرة في التخطيط والهندسة والإدارة، ومن ثم لجأت منذ عقود إلى الشركات الاستشارية الأجنبية.
وأضافت الصحيفة أنها اطلعت على الوثائق الأصلية للمشروع منذ أن كان فكرة، وقبل أن تعهد به السعودية وولي عهدها الشاب إلى مجموعة شركات استشارية من أجل وضع الخطط اللازمة للبدء في المشروع، لافتةً النظر إلى أن المشروع خيالي جداً، وهو يسعى لبناء مدينة مستقبلية في منطقة خالية لا موارد فيها سوى الشمس الساطعة والرمال.
وبحسب الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة، فإن شركة “ماكينزي” الأمريكية، إحدى الشركات التي عُهد لها بتصميم وتخطيط المدينة، تدرس مع مجموعة من الخبراء والمختصين الآخرين كيفية تحويل هذا المكان الصحراوي القاحل إلى واحد من أفضل الأماكن للعيش في العالم، كما يريد بن سلمان.
وعلى الرغم من أن نيوم محاطة بالصحراء، فإنها ستحتوي على العديد من أسواق المزارعين؛ حيث تقول الوثائق: إن “درجات الحرارة ستكون أبرد من دبي، وستكون خاضعة للإشراف من خلال البذر السحابي لجعلها تمطر”.
وأردفت الوثائق: “يمكن العيش في المدينة مع أعلى نصيب من الناتج المحلي الإجمالي للفرد، كما يمكن للمقيم أن ينغمس في مأدبة عشاء فاخرة”.
وبحسب الصحيفة فإنه من أجل تطوير “نيوم” تخطط حكومة آل سعود لنقل أكثر من 20 ألف شخص بالقوة، وكان العديد منهم قد سكنوا في المنطقة لعدة أجيال.
وذكرت أن إحدى خطط نقل السكان تفيد بأن مجموعة بوسطن الاستشارية قالت: إن “ذلك سيستغرق حتى عام 2025، لكن بناءً على طلب محمد بن سلمان للتحرك بسرعة تم تقديم التاريخ حتى عام 2022”.
وواصلت الصحيفة الأمريكية تقول إن سكان المنطقة التي ستُنشأ “نيوم” فيها يعيشون قلق الترحيل القسري، إذ يخبر أحدهم الصحيفة: إن “ذلك يعني تقطيع مجتمع كامل، إنه مثل الموت”.
وبينت الصحيفة أنه بعد أسابيع من إعلان نيوم، في عام 2017، زار الأمير فهد بن سلطان المنطقة، وعندما سئل من قبل الأهالي عما إذا كانوا سيرحّلون قال إنه لا يستطيع أن يساعدهم.
وأضافت الصحيفة: إن “المستشارين الغربيين نصحوا بن سلمان باعتماد معايير البنك الدولي لعمليات النقل القسري، كما أن مجلس إدارة المدينة قرر لاحقاً أنه ربما يمكن الاستعانة ببعض السكان بعد إعادة تأهيلهم وتدريبهم”.