جديد محمد بن سلمان: شراء قوى ناعمة جاهزة للدعاية له
عمد ولي العهد محمد بن سلمان مؤخرا إلى إطلاق أسلوب جديد لتعزيز وتدعيم أركان حكمه عبر شراء قوى ناعمة جاهزة للدعاية له والتغطية على جرائمه وانتهاكاته وفشل سياساته.
ويقوم نهج محمد بن سلمان في هذه المرحلة على الهرولة لاستقطاب وتجنيس مشاهير الفن والرياضة والإعلام في العالم ومن ثم استخدامهم كواجهات إعلامية للدعاية له.
وقد برز ذلك مؤخرا بإعلان الفنان المصري محمد هنيدي عن حصوله على الجنسية السعودية، موجهًا شكره لرئيس هيئة الترفيه السعودية تركي آل الشيخ “الذي يقدر الفن المصري والعربي”، على حد وصفه.
وبذلك ينضم هنيدي إلى قائمة مطولة من مشاهير الفن والإعلام تم تجنسيهم سعوديًا خلال الآونة الأخيرة على أيدي “سمسار التجنيس” آل الشيخ، وأبرزهم الإعلامي عمرو أديب والموسيقار هاني فرحات والموسيقار وليد فايد، بجانب السيناريست صلاح الجهيني، فضلًا عن مشاهير عرب آخرين على رأسهم الفنان السوري محمد القس.
ويرى مراقبون أن مهرجان الاستقطاب الذي فتحته المملكة بقيادة متعهدها، المقرب من محمد بن سلمان، لم يتوقف عند حاجز منح الجنسيات لبعض المشاهير، لكنه حاول توسيع رقعة السعودية بمنح ما يسمى بـ”الإقامات الذهبية” لعدد آخر من رموز القوى الناعمة، كما حدث مع الفنانين المصريين أنغام وتامر عاشور خلال مشاركتهما في موسم الرياض قبل أيام.
وتحاول الرياض جلب أكبر عدد ممكن من رموز القوى الناعمة في الفن والرياضة والإعلام، بجانب المشاهير في مجالات ريادة الأعمال والفكر الاقتصادي، علاوة على أصحاب المواهب وأفضل العقول في المنطقة.
وتستخدم السلطات السعودية في ذلك ما لديها من قدرات مادية كبيرة لإقناع كل هؤلاء بالانضمام إلى قافلة السعودة، سواء كان ذلك من خلال منح الجنسية أم الإقامات الذهبية.
وكان مركز الإقامة المميزة في السعودية أعلن قبل أيام عن إطلاق 5 منتجات للإقامة المميزة في السعودية والذي يهدف “إلى تعزيز مكانة المملكة لتكون مركزًا عالميًا يحتضن أفضل العقول والمواهب والاستثمارات، ولتمكين الاقتصاد الوطني من خلال إيجاد الوظائف، ونقل المعرفة”، حسبما أعلن رئيس مجلس إدارة المركز ماجد بن عبد الله القصبي.
وهي: إقامة كفاءة استثنائية، وإقامة موهبة، وإقامة مستثمر أعمال، وإقامة رائد أعمال، وإقامة مالك عقار، حيث يرى أن هذا التحرك “يشكل تعبيرًا عمليًا لتوجهات المملكة المستقبلية نحو اقتصاد متنوع قائم على المعرفة والاستثمار في قطاعات جديدة.
ومنذ تعيين محمد بن سلمان وليًا للعهد في يونيو/حزيران 2017 تهرول المملكة عبر أذرع مشبوهة لخلق منظومة جديدة من القوى الناعمة لتكون القطار السريع نحو تعميق نفوذ السعودية في المنطقة تحديدًا وفي العالم بصفة عامة، وفُتحت لأجل هذا الهدف خزائن الدولة النفطية بلا سقوف محددة.
وفي ظل افتقار السعودية للأسماء والرموز المؤثرة في مجالات القوى الناعمة، كذلك ما تحتاجه من وقت طويل لبناء منظومة وطنية خالصة، كان اللجوء للحل الأسهل والأسرع، وذلك باستيرادها من الخارج.
وذلك إما بتجنيسها وإما منحها إقامات مميزة أو الحصول على خدماتها من خلال عقود عمل مغرية، هذا بخلاف دعوة من يصعب معه كل ما سبق لحضور الفعاليات والأنشطة الترفيهية والفنية والإعلامية التي تقيمها البلاد بين الحين والآخر.
ويمثل تركي آل الشيخ، رأس حربة محمد بن سلمان في تلك المهمة التي تنقل فيها بين الرياضة والإعلام والفن، باذلًا الجهود المضنية لاحتضان المملكة حزمة من المشاهير والأعلام في المجالات المختلفة، ومنحها صفة “المواطن السعودي”.
وهي الصفة التي يعتبرها البعض جواز السفر الأسرع نحو خلق عهد جديد من القوى الناعمة السعودية التي تستطيع من خلالها سحب البساط من تحت أقدام القوى التقليدية في المنطقة.
واستغل آل الشيخ الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها بعض البلدان كمصر لاستقطاب قواها الناعمة الفنية والإعلامية والرياضية، ففتح أمامها الأبواب على مصراعيها لتقديم أعمالها وإبداعاتها بمقابل مادي كبير.
وقد ساعده على ذلك القبضة الأمنية المشددة والاحتكار المخابراتي لخريطة الفن والدراما والرياضة والإعلام في مصر، ما زج بعشرات النجوم نحو مستنقع البطالة، وحولها إلى بلد طارد للفنانين والمبدعين في مختلف المجالات، وهو المشهد الذي وظفته المملكة لصالحها بشكل كبير.
ومن ثم تحول موسم الرياض وملاعب المملكة وشاشاتها الفضائية خلال الأعوام الأخيرة إلى قبلة عريضة للصف الأول من مشاهير ونجوم العالم في مختلف المجالات.
وفد أنفقت السلطات السعودية لأجل ذلك عشرات المليارات من أجل الحصول على تلك المشاهد التي تتناقلها وسائل الإعلام المختلفة بهدف الإيحاء بأن السعودية تحت ولاية محمد بن سلمان على مشارف مرحلة جديدة ومختلفة تمامًا عما كانت عليه قبل 2017.
وكل ذلك يندرج في إطار خطط تجميل صورة النظام السعودي الإقليمية والدولية، بما يتقاطع شكلًا ومضمونًا مع نمطية الصورة السابقة التي تتخذ من الهوية الدينية للمملكة ركيزتها الأساسية، وهي الهوية التي يهرول ولي العهد نحو طمسها بشتى السبل، وتمرير صورته كأمير إصلاحي تنويري يقود بلاده نحو عصر جديد من الانفتاح غير المشروط.
فلأول مرة تعلن المملكة أنها ستفتح متجرًا في الرياض لبيع المشروبات الكحولية، وهو أول متجر من نوعه منذ 70 عامًا، في تحول وإن لم يكن مستغربًا، لكن يؤكد المؤكد ويرسخ المرسخ بطبيعة الحال.
ويجمع المراقبون على أن هذه الخطوة بداية الطريق نحو مرحلة شرعنة الخمور في السعودية وتداولها بشكل رسمي قانوني، ما ينسف كل الثوابت القديمة.
ويتزامن ذلك مع بدء الترويج التمهيدي لتغيير عطلة نهاية الأسبوع من الجمعة وهي العطلة الرسمية للبلدان الإسلامية إلى النظام الأمريكي والفرنسي حيث السبت والأحد كما فعلت الإمارات من قبل.