أزالت أمانة منطقة الرياض، اسم “سليمان القانوني” من أحد شوارع المدينة في خطوة جديدة من نظام آل سعود لتصعيد السجال مع تركيا.
ونشرت وسائل إعلام سعودية، صورا تظهر إزالة السلطات للافتة تحمل اسم السلطان العثماني “سليماني القانوني”، من أحد شوارع العاصمة الرياض.
أمانة منطقة #الرياض تزيل اسم سليمان القانوني من أحد شوارع #الرياض .
.— أخبار السعودية – هام (@Newss_24) June 12, 2020
وسليمان خان الأول بن سليم خان الأول، هو عاشر السلاطين العثمانيين وخليفة المسلمين الثمانون، وثاني من حمل لقب “أمير المؤمنين” من آل عثمان.
وبلغت الدولة الإسلامية في عهده أقصى اتساع لها حتى أصبحت أقوى دولة في العالم في ذلك الوقت، وهو صاحب أطول فترة حكم من 6 نوفمبر 1520م حتى وفاته في 7 سبتمبر سنة 1566م.
وسبق أن تداول مغردون سعوديون في أغسطس/ آب 2019م صورا قالوا إنها لتعديلات جديدة في المناهج الدراسية تتعلق بنشأة الدولة العثمانية وتصفها بأنها “غازية” بعد أن كانت تطلق عليها دولة “الخلافة العثمانية”.
وتناولت المناهج التعليمية “كيف شن القائد العثماني مصطفى بك حربا على الدولة السعودية الأولى وحرض عليها القبائل في معركة تربة التي انتهت بخسارة العثمانيين أمام قوات السعوديين”.
وتحدثت تلك المناهج عن “تعذيب العثمانيين لأئمة الدولة السعودية الأولى وتهجير سكان المدينة ومنطقة الأحساء”.
ورأى مغردون سعوديون في التغيرات الأخيرة “بداية مرحلة جديدة تنهي إرث الإخوان وتيار الصحوة اللذين سيطرا على قطاع التعليم في السعودية على مدى العقود الماضية”.
ويأتي هذا الحديث متسقا مع تصريح لوزير التعليم السعودي السابق أحمد العيسى، إذ أكد أن الوزارة تسعى إلى “تنقيح المناهج من أي تأثير لجماعة الإخوان المسلمين وتيار الصحوة”.
واتهم ولي العهد بن سلمان جماعة الإخوان “بنشر الأفكار المتطرفة في المملكة إبان لجوء العديد من نشطائها إليها في ستينات القرن الماضي”.
في المقابل، سخر البعض من التغيرات التي طرأت على المنهج التعليمي، قائلين إنها “تكتسي أبعادا سياسية تسعى من خلالها الرياض إلى تصفية حساباتها مع أردوغان”.
وأثار المعارض السعودي المقيم في كندا، عمر الزهراني، قضية مؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، كان تابعا للدولة العثمانية أم لا.
ونشر الزهراني صورة من أرشيف مجلة “المنار” الإسلامية التي أسسها محمد رشيد رضا، ويظهر في عددها الصادر عام 1904، أن الملك عبد العزيز بعث برقية إلى السلطان عبد الحميد الثاني، قائلا: “إلى أعتاب سيدي وولي نعمتي سلطان البرين وخاقان البحرين خليفة رسول الله السلطان المعظم، السلطان عبد الحميد الثاني، أدام الله عرش سلطنته إلى آخر الدوران آمين”.
وتابع: “أقدم عبوديتي وطاعتي ودخالتي إلى الأعتاب السامية المقدسة ممثلا كل إرادة وفرمان لست بعاصي ولا خارج عن دائرة الأمر، بل إن العبد الصادق في خدمة دولتي وجلالة متبوعي الأعظم أريد الإصلاح ما استطعت”.
https://twitter.com/oamaz7/status/1269004931018735621
وأثارت تغريدة عمر الزهراني جدلا واسعا، إذ قابلتها حسابات سعودية بالتكذيب، والتشكيك، بحجة أن مجلة “المنارة” لا تعد مصدرا، وليست ذات مصداقية.
وأكد آخرون صحة البرقية، قائلين إن الملك عبد العزيز حاول التودد للدولة العثمانية في سبيل التمكن من فرض سيطرته على نجد.
يشار إلى أن هذه البرقية كان قد نشرها المؤرخ السعودي الراحل مقبل الذكير، في كتابه “مطالع السعود في تاريخ نجد وآل سعود”.
وتصاعدت حدة الخلافات بين المملكة وتركيا، عقب إقدام عناصر سعودية – بأوامر من ولى العهد – على قتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية، 2 أكتوبر/ تشرين أول 2018م.
وحجبت السلطات التركية مواقع إخبارية للسعودية والإمارات 19 أبريل/ نيسان 2020، بعد أيام من حجب مواقع حكومية تركية في المملكة.
وجاءت الخطوات المتبادلة فيما يبدو بعد أربعة أسابيع من اتهام الادعاء التركي 20 سعوديا بقتل الصحفي خاشقجي في القنصلية السعودية مما أدى إلى تدهور العلاقات بين أنقرة والرياض.
ولعل أبرز نقاط الخلاف بين تركيا والمملكة، خلال السنوات الماضية، أولها تصريحات بن سلمان: “إن مثلث الشر بالمنطقة مكون من العثمانيين وإيران والجماعات الإرهابية”، لافتا إلى أن “تركيا تريد الخلافة وفرض نظامها بالمنطقة، باستخدام جماعة الإخوان المسلمين”.
وقبل تصريحات بن سلمان المنسوبة، أعلنت مجموعة قنوات “إم بي سي” السعودية إيقاف عرض جميع المسلسلات التركية عبر شاشاتها اعتبارا من مارس/ آذار 2018.
وبحسب تقرير لموقع “ميدل إيست آي” فإن القرار يضيف بعدا جديدا للتوترات المتصاعدة بين تركيا والسعودية والإمارات، حيث يجري تسييس الفن أيضا من خلال منع المد الثقافي التركي الداعم والحليف لقطر وجماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها الرياض وأبو ظبي “إرهابية”.
وردا على زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2017، إلى السودان، بادرت صحيفة سعودية بمهاجمة العلاقات بين البلدين، معلقة بأن “الأطماع التركية في القارة الأفريقية ليس لها حدود”.
جاء ذلك تعقيبا على إعلان أردوغان أن السودان خصص جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر شرق السودان لتركيا؛ كي تتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية، لم يحددها.
وقالت صحيفة “عكاظ” السعودية، إن طلب أردوغان من السودان السماح لتركيا بإعمار الجزيرة “كشف عن الوجه الحقيقي له، وطمعه في التمدد والتوسع على طريقة نظام الملالي”، وفق وصفها.
وزعمت “عكاظ” أن “تركيا تسعى إلى فرض هيمنتها على منطقة القرن الأفريقي، عبر تقديم الدعم العسكري وإنشاء قواعد عدة لها في دول أفريقية”، لافتة إلى أن “إنشاء أي قواعد عسكرية في السودان يمثل تهديدا واضحا للدولة المصرية”.
ولم تبد السعودية التفاعل المطلوب تجاه دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقد قمة إسلامية طارئة في إسطنبول، 2018 ردا على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده تعترف بالقدس “عاصمة لإسرائيل”، وهو ما أثار غضبا إسلاميا وعربيا.
وكان تمثيل السعودية، قد اقتصر على إيفاد وزير الدولة للشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد صالح بن عبد العزيز بن مدمض آل الـشيخ، إلى القمة الإسلامية في إسطنبول، ليمثلها في اجتماع وزراء الخارجية.
ووصفت وكالات الأنباء العالمية من بينها الفرنسية و”رويترز”، التمثيل السعودي في القمة الإسلامية في إسطنبول بأنه كان “ضعيفا”، وبشكل لافت.
وذكرت “رويترز” أنه في وقت انعقاد القمة الإسلامية في تركيا، فإن وزيري خارجية السعودية والإمارات قررا أن يشاركا في قمة تستضيفها باريس حول “تسريع الجهود لتشكيل قوة غرب أفريقيا لقتال من تسميهم المتشددين الإسلاميين”.
وتجاهل الإعلام السعودي، تغطية القمة الإسلامية، حيث تبين أن جميع الصحف السعودية، فضلا عن الوكالة الرسمية، لم تتطرق إلى القمة الإسلامية الطارئة في إسطنبول التي دعت إليها تركيا.
أما محطات التلفزة السعودية فكانت أسوأ حالا من الصحف حيث انشغلت قناة “العربية” بتغطية أخبار البورصة وأسواق المال والاقتصاد بدلا من بث الجلسة الافتتاحية للقمة الإسلامية.
ومع وبدء الأزمة الخليجية في حزيران/ يونيو 2017، حين قررت المملكة والإمارات والبحرين ومصر، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، فقد باشرت تركيا بنشر قوات من جيشها يصل قوامها إلى خمسة آلاف جندي في قطر.
وعلى إثر ذلك شنت أبرز الصحف السعودية، هجوما لاذعا على تركيا ووجهت لها تهما خطيرة، وصلت إلى حد دعم الإرهاب والتدخل بشؤون الدول العربية لزعزعة استقرارها.