بالنسبة إلى ولي العهد محمد بن سلمان فإن وجود الأصوات الإصلاحية داخل المجتمع يشكل التحدي الأكبر له لأنهم على دراية بحقوق المواطنين ويعرفون المجتمع بالحقوق السياسية والمدنية.
ويرى بن سلمان في الإصلاحيين الخطر على فرصه في دعم استفراده بالحكم بسبب دورهم في زيادة الوعي السياسي والمجتمعي وطرحهم التوزيع العادل للثروات والمطالبة بتحسين الخدمات المقدمة للمواطن فضلا عن المطالبة بكشف الفساد وملاحقته عند الأقوياء قبل الضعفاء وتؤكد أن يكون القضاء مستقلاً ونزيهاً.
ويدرك بن سلمان أن الوعي السياسي والمجتمعي ومعرفة المواطنين بحقوقهم هي البداية التي ستمحق عرشه خاصة لمواقفهم كذلك المرتبطة بالمحافظة على قيم وأخلاق المجتمع ورفضهم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
لذلك منذ توليه ولاية العهد وهو يعمل على اعتقال وقمع الاصلاحيين والدعاة والنشطاء وكل من يفكر لمصلحة المملكة او لمصلحة المواطن.
ومنذ وصول محمد بن سلمان إلى سدة الحكم، تم اعتقال العديد من النشطاء المجاهرين بآرائهم، أو الحكم عليهم بالسجن لمدة طويلة لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات وحرية التجمع.
استهدفت السلطات المجتمع الصغير، ذا الصوت البارز، من المدافعين عن حقوق الإنسان، من خلال استخدام قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة الجريمة الإلكترونية، لقمع نشاطهم السلمي في فضح انتهاكات حقوق الإنسان، والتصدي لها.
وشهدت المملكة خلال العامين الماضيين، اعتقال المئات من النشطاء والحقوقيين على خلفية مواقفهم العلنية ومطالبهم بالإصلاح السياسي والاجتماعي وإطلاق الحريات العامة، وسط مطالبات حقوقية متكررة بالكشف عن مصيرهم وتوفير العدالة لهم.
ويمارس نظام آل سعود أسلوب القمع والترهيب ضد كل ما يكتب أو ينتقد أو يعبر عن رأيه سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو على العلن.
ولم يكن غريباً على نظام آل سعود هذا الأسلوب، لكنه زاد عندما تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، وعمل على اعتقال كل من يعارض سياساته أو نظامه القمعي.
ويطالب النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي سلطات آل سعود بوقف كافة الانتهاكات ضد أصحاب الفكر والرأي الحر وبالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفياً.
ويعيش “معتقلو سبتمبر” في ظروف إنسانية سيئة، وفق ما تقول المنظمات الحقوقية المهتمة بملف المعتقلين في البلاد، إذ يعاني الكثير منهم، وعلى رأسهم سلمان العودة، من عدة أمراض مزمنة، ولم تستجب السلطات لنداءات أهالي المعتقلين بالسماح لهم برؤيتهم أو معرفة أماكنهم، لكنها استثنت حالات بسيطة جداً.
وتتحفّظ سلطات آل سعود على معظم “معتقلي سبتمبر” و”معتقلي ابريل” في أماكن مجهولة وشقق خاصة تابعة لجهاز أمن الدولة، وهو الجهاز الذي أنشأه محمد بن سلمان ليدير حملات الاعتقال ضد مناوئيه.
وقالت منظمات دولية إن سلطات آل سعود مستمرة في ارتكاب انتهاكات الاحتجاز التعسفي للنشطاء والمعارضين السلميين لفترات طويلة دون محاكمة حيث يقضي المئات منهم عقوبات بالسجن لفترات طويلة لانتقادهم السلطات أو الدعوة إلى إصلاحات سياسية وحقوقية أو لمجرد تغريدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وشددت على أن ذلك يتناقض مع التزامات المملكة تجاه المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تكفل الحق في الرأي والتعبير، وأن أي إصلاح حقيقي في المملكة مرهون بشكل جوهري بالسماح للمفكرين الدينيين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والمدونين بالتعبير عن أنفسهم دون خوف من الاعتقال والإعدام.
وقد حول بن سلمان منذ قدومه للسلطة سجون السلطات بالمملكة إلى مسالخ بشرية ومقابر جماعية من يدخلها يتعرض لأسوأ أنواع التعذيب والتنكيل حد الوفاة بفعل سوء المعاملة والإهمال الطبي.
يستخدم بن سلمان أسلوب القمع مع جميع معارضيه وجميع مواطنين المملكة، إذ أنه يحكم المملكة بقبضة من حديد من خلال حملات الاعتقال التي يشرف عليها ومن خلال التعذيب الجسدي والنفسي الذي يتعرض له المعتقلين داخل السجون.
وشهدت المملكة، خلال العامين الماضيين، اعتقال المئات من النشطاء والحقوقيين، الذين حاولوا -فيما يبدو- التعبير عن رأيهم الذي يعارض ما تشهده المملكة من تغييرات، وسط مطالبات حقوقية بالكشف عن مصيرهم وتوفير العدالة لهم.
وطالبت منظمات دولية عديدة بإجراء تحقيق دولي بظروف معتقلي الرأي في سجون آل سعود لا سيما في ظل ما يتعرضون له من سوء معاملة وتعذيب.
وأعربت المنظمات عن إدانتها الشديدة لسوء أوضاع معتقلي الرأي في المملكة التي تملك سجلا سيئا في معاملة المعتقلين المعارضين للنظام بما في ذلك شبهات تعذيب وإهمال طبي.
كما طالبت بتحقيق دولي مستقل في سوء أوضاع اعتقال المعارضين في سجون آل سعود وتجاهل السلطات في المملكة المطالب الداعية لتوفير الرعاية الصحية لهم ووقف انتهاكات سوء المعاملة وأشكال التعذيب النفسي والجسدي بحقهم.
وسبق أن كشفت المنظمات الحقوقية -وبينها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش- في تقارير متعددة عن تعرض معتقلي الرأي في سجون آل سعود لأساليب تعذيب مختلفة لا تفرق أحيانا بين سن المعتقل أو جنسه.
ووصف عبد الله الحامد طريقة الحكم في المملكة وشبهها بطريقة الحكم في العصور الوسطى من حيث شيوع الاستبداد وتهميش إرادة الشعوب وقمع حرية الرأي والتعبير والتجمع.