إصرار النظام السعودي على إعدام قاصر يفضح زيف الإصلاحات
أثارت مراجعة صحيفة “نيويورك تايمز” لوثائق محكمة سعودية حكمت بإعدام القاصر عبد الله الحويطي، وإصرار النظام السعودي على إعدامه، شكوكا حول القضاء وفضح زيف الإصلاحات السعودية المزعومة.
واعتقلت قوات الأمن السعودية في مايو 2017م، القاصر الحويطي (14عاما)، بزعم ارتكابه تهم جنائية.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن المحكمة رفضت أدلة تشير إلى أن عبد الله الحويطي، الذي يبلغ من العمر الآن 19 عامًا، كان في مكان آخر عندما وقعت السرقة، وتجاهلت ادعاءه بأن اعترافه الأولي انتُزع منه بالإكراه.
وتستشهد المنظمات الحقوقية بالقضية – كمثال على استمرار المملكة في إعدام أشخاص على جرائم ارتكبوها وهم قاصرون – على الرغم من الإصلاحات القانونية التي تهدف إلى الحد من هذه الممارسة.
وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، كان اثنان على الأقل دون سن 18 عامًا وقت ارتكاب الجريمة من بين 37 شخصًا أُعدموا بسبب جرائم مرتبطة بالإرهاب في يوم واحد في عام 2019.
وفي بيان حول قضية الحويطي أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في فبراير، نفت السعودية تعرضه لسوء المعاملة.
وأصرت على أنه اعترف من تلقاء نفسه، قائلة إنها استندت إلى أدلة دامغة.
وأضافت صحيفة “نيويورك تايمز”: لطالما انتقدت منظمات حقوق الإنسان نظام العدالة في السعودية، لفشله في ضمان محاكمات عادلة وإنزال عقوبات مثل الجلد العلني وقطع الرؤوس.
في السنوات الأخيرة، أعلنت المملكة عن تغييرات قانونية لمعالجة بعض هذه المخاوف كجزء من حملة الإصلاحات التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان.
في عام 2020، حظرت المحكمة العليا في المملكة الجلد، وأصدرت تعليمات للقضاة بدلاً من ذلك بفرض غرامات أو عقوبة بالسجن.
في يناير 2021، أعلنت المملكة أن عدد عمليات الإعدام قد انخفض إلى 27 في 2020 من 184 في عام 2019، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تعليق أحكام الإعدام في جرائم المخدرات.
كما دعا نشطاء حقوقيون الرياض إلى وقف إعدام الأشخاص على جرائم ارتكبوها عندما كانوا دون سن 18 عامًا.
وهو أمر محظور بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، والتي صدقت عليها الرياض ولكن مع تحفظ على الشروط التي اعتبرتها “تتعارض مع الشريعة الإسلامية”.
في 2018، حدد الملك سلمان عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات كحد أقصى في الجرائم التي يرتكبها القصر، باستثناء الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام.
لكن في عام 2020، أصدر مرسوماً بإنهاء مثل هذه الإعدامات في القضايا التي تحدد أحكامها وفقاً لتقدير القضاة.
ولم يمتد هذا الحظر إلى جميع أنواع القضايا. ولا يزال من الممكن إعدام المدانين بتهمة القتل فيما يسمى بقضايا القصاص، وجرائم مثل الزنا والردة والسرقة بالإكراه.
وجاءت إدانة القاصر عبد الله الحويطي – بسرقة المحل وإطلاق النار على موظفين وقتل ضابط شرطة – في الفئة الأخيرة، وحكم عليه بالإعدام بغض النظر عن عمره في ذلك الوقت.
واتهمت النيابة الحويطي وخمسة متهمين آخرين بتشكيل عصابة مسلحة لارتكاب السرقة.
كان متهم آخر قاصرًا أيضًا عندما وقعت الجريمة، وحاول الستة جميعًا إلغاء الاعترافات التي قدموها للمحققين.
وحكم على المتهمين الآخرين بالسجن لمدة 15 عاما وطُلب منهم تعويض تكلفة السلع المسروقة.
وقال الحويطي إن المحققين ضربوه وحرموه من النوم وهددوا بإيذاء أقاربه إذا لم يعترف، وفقا لوثائق قُدمت للمحكمة.
اعترافات تحت التعذيب
بينما استشهد الادعاء بالعثور على رصاصات في منزله بعد السرقة، رغم أن الأسلحة النارية ليست نادرة في المناطق النائية من المملكة.
وعينة الحمض النووي المأخوذة من سيارة الشرطة المستخدمة في المهرب، واعترافات أولية من قبله ومن قبل المتهمين الآخرين.
وأثناء المحاكمة، قال اللواء وليد الحربي، المحقق الذي فتح القضية ولكن تم إبعاده عنها بعد فترة وجيزة لأسباب لم يتم توضيحها
“إن بيانات الهاتف المحمول ولقطات المراقبة لم تضع أيًا من المشتبه بهم بالقرب من المتجر وقت وقوع الجريمة”.
ولم يعترض اللواء الحربي على تطابق الحمض النووي، لكنه قال إن الحويطي أخبره أنه اعترف بالجريمة في البداية لأن المحققين أخبروه أنه تم القبض على والدته وشقيقاته ولن يفرج عنهما إلا إذا اعترف.
ورفضت المحكمة أقوال الحويطي بأنه تعرض لسوء المعاملة أو أُجبر على الاعتراف.
وقال طه الحاجي، الخبير القانوني السعودي في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان: “هناك أدلة على الحمض النووي، لكن لا توجد طريقة للتحقق منها. لا يمكنك الوثوق بالإجراء القانوني”.
وأضاف الحاجي: “المدعون ضغطوا لإدانة الحويطي لتجنب ترك قضية ضابط شرطة ميت دون حل. وتابع: “مات زميلهم. لم يريدوا أن يذهب دمه سدى”.
وقالت والدة الحويطي إن ابنها عاد إلى المنزل قرابة منتصف الليل ليلة الجريمة، وهو يتصرف بشكل طبيعي.
كان يتسوق لتناول الإفطار في اليوم التالي، وذهب إلى المدرسة في اليوم التالي، واعتقل في تلك الليلة عندما اقتحمت قوات الأمن منزل العائلة.
وتصر على براءة ابنها، قائلة إنه لا يمكن لصبي في هذا العمر أن يرتكب مثل هذه الجريمة الشنعاء.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن القضية معروضة الآن على أعلى محكمة في المملكة، والتي تنظر في جميع قضايا عقوبة الإعدام.
وختمت “إذا أيدت المحكمة الحكم، فإنه يذهب إلى الملك الذي يجب أن يوقع قبل المضي قدما في الإعدام”.