خلاف نفطي قريب وانفصال محتمل بين السعودية وروسيا
سيتفاجأ عمالقة سوق النفط إذا صدقنا التصريحات الأخيرة لقادة أوبك بلس (السعودية وروسيا)، حيث أن نهج أوبك بلس الحالي ليس مستداما، وإذا ظلت مخزونات النفط مرتفعة والطلب ضعيفا، فلن تشهد الأسواق انتعاشا كاملا.
في هذه الحالة، يتعين على موسكو والرياض أن تجدا حلا طويل الأمد إذا أرادتا رؤية انتعاش حقيقي في أسواق النفط، وإذا لم يحدث ذلك، فإن الخلاف المحتمل بين المملكة وروسيا يلوح في الأفق، بحسب تقرير نشره موقع “أويل برايس” (oil price) الأميركي.
يقول الكاتب سيريل ويدشوفين إن وجهات النظر الرسمية التي اقترحتها لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لأوبك بلس خلال الأيام القليلة الماضية تعتبر علامة إيجابية، بينما يجري تخفيف نسق تخفيضات الإنتاج الحالية في أغسطس/آب نتيجة لارتفاع الطلب المتوقع.
ويتصور وزير الطاقة السعودي ووسيط القوة الرئيسي في أوبك، الأمير عبد العزيز بن سلمان، حدوث تطور سيقع بموجبه تمديد اتفاقية إنتاج النفط لأوبك بلس حتى نهاية عام 2021 أو حتى بداية عام 2022.
وذكر الكاتب أن الأسواق لم تستوعب هذا الخبر حتى الآن، كما أنه يظهر انقساما محتملا في وجهات النظر داخل أوبك بلس، ويشار إلى أن تصريحات الأمير عبد العزيز تختلف عن وجهة نظر وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك حول سوق النفط.
وقال نوفاك يوم الأربعاء إن التخفيف المتوقع لنسق تخفيض إنتاج النفط من قبل مجموعة أوبك بلس بداية من أغسطس/ آب إلى 7.7 ملايين برميل يوميا له ما يبرره ويتماشى مع اتجاهات السوق، وتبدو وجهات نظر روسيا بشأن الزيادة المحتملة في الطلب على النفط والمنتجات النفطية على مستوى العالم أكثر تفاؤلا.
وأوضحت المملكة أنها لا تريد مواجهة تعاف اقتصادي محتمل على شكل حرف “دبليو” وموجة ثانية محتملة من كورونا، وعلى الأقل تبدو هذه هي الرسالة الرسمية التي تريد المملكة توجيهها، ولكن يمكن أن تكون الرسالة الضمنية أكثر التباسا وأن تتسبب في مناقشة داخلية في أوبك بلس، حيث يمكن أن تهدد المملكة بالتراجع عن كونها المسؤولة عن أكبر نصيب من تخفيضات إنتاج النفط.
وتواجه إستراتيجية النفط السعودية الكبرى نقدا في الداخل مع استمرار انخفاض عائدات التصدير، حيث تشير البيانات الرسمية التي قدمتها الرياض ومبادرة بيانات الطاقة المشتركة (جودي) إلى أن إجمالي صادرات المملكة من النفط، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية، انخفض إلى 7.48 ملايين برميل يوميا في مايو/أيار من 11.34 مليون برميل يوميا التي سجلت في أبريل/نيسان.
ويُذكر أن الصادرات في يونيو/حزيران ويوليو/ تموز قد تسجل نسبة أقل، ومن الممكن أن ينطبق الشيء نفسه على إنتاج النفط الروسي.
وأشار الكاتب إلى أن أساسيات النفط لا تبدو طبيعية، حتى مع إدلاء أعضاء أوبك بلس بتصريحات تثبت خلاف ذلك في وسائل الإعلام، لكن تمثل نتيجة الاجتماع الشهري للجنة المراقبة الوزارية المشتركة لأوبك بلس علامة واضحة على الرغبة المتزايدة لروسيا وبعض أعضاء أوبك الآخرين في إلغاء اتفاقية خفض إنتاج النفط الحالية.
ويختفي الصراع الحالي على السلطة خلف ستار التصريحات التي تثير اهتمام وسائل الإعلام، ولكن هناك خطر واضح حاليا من توجه موسكو والرياض نحو نزاع جديد، وفي الوقت الحاضر، لا يوجد خطر مباشر لحدوث مثل هذا الأمر، لكن الرياض سئمت من تحمل العبء الأكبر لتخفيضات الإنتاج، بينما تكافح من أجل الحفاظ على نمو اقتصادها، بحسب الكاتب.
وتطرقت وسائل الإعلام الدولية إلى عدم وجود تحليل نقدي للتطورات الحاسمة الكامنة داخل أوبك بلس، ويعد قرار تخفيف نسق خفض الإنتاج الحالي علامة شاملة على الاعتقاد بإمكانية حدوث تعاف اقتصادي عالمي في الأشهر المقبلة.
والواقع أن هذا الاعتقاد يعتمد على أسس غير مستقرة إلى حد ما، حيث بدأت الموجة الثانية من كوفيد-19 تظهر بالفعل في عدة أماكن، ومع ذلك قررت أوبك وروسيا وحلفاؤها تغيير إستراتيجيتها الناجحة نسبيا بحلول الأول من أغسطس/آب.
ومن أجل عدم المخاطرة بحدوث أزمة داخلية أخرى أو حرب حول حصة النفط وحرب السوق بشكل مباشر بين ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اقتُرحت تسوية تقوم على أسس هشة، وحاليا من المتوقع أن تعاني أسواق النفط من عجز، مما يؤدي إلى سحب النفط الخام في المخازن، وفي عام 2021، تتطلع أوبك إلى زيادة إنتاجها الإجمالي بمقدار 6 ملايين برميل في اليوم.
ومع ذلك ما زال احتمال حدوث انتعاش اقتصادي حقيقي ضعيفا، حتى في تقريرها الخاص، ذكرت أوبك أنها تخشى من تواصل عدم توازن أسواق النفط، خاصة إذا أضعفت موجة ثانية من كوفيد-19 الانتعاش الاقتصادي، وأوضح الكاتب أن قرار أوبك بتخفيض الإنتاج أو زيادته يمثل قرارا أحادي الجانب، وتكمن المشكلة الحقيقية في أنه بمجرد رفع أحد أعضاء أوبك الإنتاج، فقد يسير بقية الأعضاء على خطاه.
بالإضافة إلى ذلك، هناك خطر ازدهار النفط الصخري في الولايات المتحدة من جديد، كما ستؤدي زيادة الإنتاج من قبل أوبك بلس إلى حدوث وفرة متزايدة، حيث إن الدول الأخرى المنتجة للنفط لن تشعر بأنها مضطرة إلى مواصلة تطبيق التخفيضات وستشعر بدلا من ذلك بالحاجة إلى توفير حصتها في السوق.
وختم الكاتب بأن التوازن الهش للغاية في الوقت الحاضر بين العرض والطلب يمكن أن يتحول إلى وفرة في الإنتاج، وبعد أشهر من الأخبار حول أزمة تخزين النفط، ما زالت المخزونات العالمية ممتلئة وبحاجة إلى استهلاكها لتحقيق الاستقرار في السوق، من جهة أخرى، بدأت العلامات السلبية للتأثير الاقتصادي الحقيقي لكوفيد-19 في أوروبا بالظهور خاصة مع تزايد حالات الإفلاس واستمرار ارتفاع مستويات البطالة.