تثبت الحقائق أن رؤية 2030 الاقتصادية التي روج لها طويلا ولي العهد محمد بن سلمان ما هي إلا دعم للأثرياء وسحق للطبقات الوسطى والفقيرة في السعودية.
ويتصاعد الخلل الحاصل في المملكة بفعل الاختلاف الكبير بين مجموعة أمراء ورجال أعمال مقربين من السلطة يضاعفون حساباتهم البنكية وممتلكاتهم باستثمارات ومشاريع على حساب الوطن.
فيما في المقابل تتوسع دائرة المعوزين والفقراء وينضم إليهم تدريجيا الطبقة المتوسطة بفعل حصر الثروات في طبقة محدودة والتركيز على زيادة ثرواتها.
في الوقت نفسه يتعمد بن سلمان ومستشاريه تجاهل المخاطر الحاصلة على الاختلال في توزيع الثروات وفرص العمل في المملكة.
وبهذا الصدد قلل المستشار المقرب من الديوان الملكي السعودي علي الشهابي من مخاطر “الإصلاحات الاقتصادية” التي تؤثر بشدة على الطبقات الوسطى والفقيرة في السعودية.
وقال “الشهابي”: “أعتقد أن المحللين يقللون من تقدير عتبة الألم الذي بإمكان السكان تحمله قبل انهيار التماسك الاجتماعي”.
وادعى أن “السعودية بعيدة عن تجاوز مثل هذه العتبة اليوم”، مشيرا إلى تدابير التقشف التي تأتي كثيفة وسريعة مثل مضاعفة ضريبة القيمة المضافة 3 مرات، وزيادة أسعار الطاقة.
وتحدث الشهابي عن الجهود الحكومية لخصخصة المستشفيات والمدارس.
ومؤخرا أقر بن سلمان بمخاطر مضاعفة الضرائب 3 مرات والطابع المؤذي للإجراء، مشيرا إلى أن الإجراءات المؤلمة ستسمر لمدة 5 أعوام على الأكثر، وبعد ذلك ستعود الأمور إلى طبيعتها”.
ويدفع الاقتصاد السعودي ثمن الاستثمارات المتخبطة لمحمد بن سلمان في ظل فساد حكومي وغياب للتخطيط أو آليات للرقابة والمسائلة.
ومنذ تصدره المشهد في المملكة وتعزيز نفوذه في الحكم أقدم بن سلمان على سلسلة استثمارات فاشلة دفع الاقتصادي السعودي ثمنا باهظا لها.
أحدث ذلك مع كشفت عنه Telegraph البريطانية أن صندوق الثروة السعودي اشتري حصة شركة سيارات McLaren بـ 550 مليون جنيه إسترليني.
وذلك على الرغم من أن الشركة البريطانية قد تراجعت مبيعاتها 60% العام الماضي، مع تكبد الشركة خسارة قدرها 312 مليون جنيه إسترليني.
ويشكل تفرد محمد بن سلمان وغياب أي رقابة شعبية أو برلمانية على قراراته خطرا هائلا على تبديد متدرج لمقدرات وثروات السعودية.
ويعد صندوق الاستثمارات السعودي مثالا مباشرا في ظل ما يشهده من تراجع وبيع مستمر لما يملكه من أصول.
ومؤخرا أوردت وكالة “رويترز” للأنباء أن صندوق الاستثمارات العامة يدرس بيع جزء من حصته في شركة الاتصالات السعودية “إس تي سي”.
وأوضحت الوكالة نقلا عن مصادر أن صندوق الاستثمارات العامة عيّن بنك جولدمان ساكس والأهلي كابيتال لترتيب الصفقة.
ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة 70% من رأس مال شركة الاتصالات السعودية بما يعادل 1400 مليون سهم.
ويشغل بن سلمان منصب رئيس صندوق الاستثمارات ولم يترك صندوقا سياديا أو شركة أو مالا إلا وأخضعه تحت سيادته؛ بشكل يعكس عقلية الحاكم المستبد.
غير أن هذه الاندماجات والخطط غير المدروسة تزيد من مخاطر فشل رؤية 2030 التي أطلقها بن سلمان لتنويع مصادر الدخل في المملكة.
ويعاني الاقتصاد السعودي من تدهور حاد منذ سنوات بفشل فشل التخطيط وتخبط سياسات ولي العهد.
وكدلالة على ذلك، قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني،
إنه من المتوقع ارتفاع الدين الحكومي في السعودية من الناتج المحلي الإجمالي، وأن ينخفض صافي الأصول الأجنبية السيادية على المدى المتوسط.
وذكرت الوكالة أن “الحكومة السعودية ستحتفظ بهوامش أمان مالية كبيرة.. فالودائع في البنك المركزي تتجاوز 10 بالمئة من الناتج المحلي، والاعتماد على النفط مجدٍ حاليا.. لكن مؤشرات الحوكمة الضعيفة والتعرض للصدمات الجيوسياسية يقيد التصنيف”.
وتوقعت أن يتقلص عجز الميزانية إلى 3.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2021 من 11.3 بالمئة في 2020 مع افتراض متوسط سعر البرميل 63 دولارا.
ونوهت أن توقعات الدين العام تشير لبلوغه 35 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية 2023، مقارنة مع متوسط 33 حاليا.