تجمع الشواهد والحقائق أن ولي العهد محمد بن سلمان الذي يمثل رأس الفساد في السعودية غير موثوق في محاربة الفاسدين بل إنه السند الحقيقي لهم ولممارساتهم الشنيعة.
وقد خيم خبر إيقاف الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا عمرو بن صالح المدني على سطح الأخبار المحلية منذ الأمس بعد انتشار أخبار عن تورّطه بجرائم استغلال النفوذ الوظيفي وغسل الأموال.
والخبر كان يمكن أن يمرّ كغيره من الأخبار لولا الزخم الإعلامي الرسمي الذي رافقه.
إذ أن الإعلام الرسمي بكل أجنحته تبعه المئات من حسابات الوطنجية وأسراب ذباب الديوان تناولت الموضيع بنفس الوقت ونفس الصيغة وربطته بالتطبيل لولي العهد وزعمه التصدي للفساد ومحاربته له.
وبعيدا عن أي محاولة دفاع عن عمرو المدني، فهو قد يكون فاسدًا ومختلسًا كما أُشير لذلك، لكن المهم فحص سياقات إيقافه واتهامه.
إذ أن ما تم فعله تجاهه ليس إجراءات قانونية بل أشبه بعمل العصابات والمافيات، وأشبه بالتشهير والتسقيط الإعلامي المتعمّد مارسته أدوات النظام بلا شرف أو مروءة.
فحين تسمح الحكومة بالطعن في مسؤول كبير على وسائل التواصل، فهذا يعني أنها هي من تقود الحملة وتوجّهها، خصوصًا مع بيان هيئة النزاهة الواضح بأنه جاري استكمال الإجراءات النظامية بحقه وإحالته للقضاء.
فهو لا يزال “متهمًا” بنظر القانون ويجب أن يأخذ القضاء مساره الطبيعي ويُمنع الطعن.
الغريب أن أوامر التسقيط وصلت لكل الأدوات من كتاب ووطنجية وذباب… بل حتى مشايخ السلاطين أدلوا بدلوهم.
فـ “واعظ القلوب” عائض القرني، والذي لم تحرّك جنباته مجازر غزة وآلامها، غرّد عن الموضوع بعد أن أصبح في صف الذين لا يستطيعون الصمت فضلًا عن الاعترا.
وما يؤكد الأصابع القذرة للديوان الملكي وتوجيهاته الواضحة لاغتيال المدني معنويًا قبل محاكمته، هو حملة التسقيط القذرة والتي أخذت منحى خبيثًا بعد محاولة ربط المدني بالإرهاب والتنبيش خلف تغريدات قديمة له تفاعل فيها مع علماء أو مفكرين اعتقلهم نظام ولي العهد.
وعمرو المدني، مهندس حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة من جامعة كانساس الأمريكية، شغل عدة مناصب سابقة أهمها:
-الرئيس التنفيذي لهيئة الترفيه.
المدير التنفيذي لمعرض مشكاة.
– رئيس الاتحاد الوطني للمنطاد.
وقد وُصف بأحد المدراء التنفيذيين الناجحين في المملكة قبل أن يُصبح رمزًا للفساد!.
وعلى غير عادة الصف الأول من المسؤولين في المملكة، خلا حساب عمرو المدني من التطبيل المبتذل لولي العهد والذي بات السمة السائدة لكل المسؤولين.
وإنما اكتفى بإعادة التغريد لمنشورات أخرى بين حين وآخر، وحتى لقاءاته التلفزيونية القليلة شهدت نفس النمط، فهل لهذا علاقة باعتقاله؟!
ففي عهد الأمير محمد بن سلمان لا يكفي لبقائك في منصبك أن تكون مهنيًا أو كفوءً، ولو حقّقت نجاحات، بل يجب أن يرافق ذلك جرعات هائلة من التملّق والتطبيل لولي أمر يحب الثناء ويعشق التزلّف ويتنفّس المديح، وهذا ما لم يمتلكه الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا.
والفاسد الأكبر هو ولي العهد نفسه الذي بدّد المليارات من أموال البلد على صفقات فاشلة ومشاريع وهمية دون حسيب أو رقيب.
وهو الذي منح تركي آل الشيخ حسابًا مفتوحًا يبعثره على الراقصات والإباحيات والمغنيات، وهو الذي أضاع 45 مليار دولار في 45 دقيقة فقط، فمن الأحق بالمحاسبة والإعفاء؟
وفي الخلاصة إما أن يكون المدني فاسدًا ومختلسًا بالفعل وهذا يعكس جهل ولي العهد بحيث اختار فاسدًا لملف مهم كتطوير العلا ولم ينتبه له.
أو أن المدني غير فاسد بل جعله محمد بن سلمان “كبش الفداء” لتحميله هو مسؤولية الفشل والإخفاقات والاستيلاء على أمواله وليخرج ولي العهد بمظهر المنقذ.
ما حصل لا يمتّ لإجراءات قانونية أو أمر متعلّق بلجنة نزاهة، بل حلقة في سلسلة فساد حكومي كبير شمل كل مرافق الدولة بما فيها مكافحة الفساد نفسها، لكنّ يمكن القول إن الفساد لا يسقط بالتقادم، وفي الغد القريب سيكون موعد محاسبة الفاسد الأكبر محمد بن سلمان.