رغم قرار ولي العهد محمد بن سلمان بالسماح بفتح دور السينما داخل المملكة وإقامة محطات ضخمة لعرض أشهر الأفلام الأجنبية، غير أن الرقابة المشددة تلاحق منتجو الأفلام.
ويشتكى منتجو الأفلام من الرقابة السعودية على الأفلام وأهدافها بغرض توجيها لصالح نظام آل سعود.
افتتحت أبواب أول دار سينما في السعودية بعد إنهاء الحظر يوم 18 أبريل/نيسان 2018، وكان أول عرض سينمائي هو فيلم “النمر الأسود” أمام جمهور مختلط.
غير أن السلطات أتاحت للراغبين في الدخول إلى دور السينما الاختيار بين حضور مختلط أو حضور مخصص للرجال أو النساء.
تقول زينة صفير، الخبيرة في صناعة السينما العربية ومخرجة ومنتجة الأفلام الوثائقية في لبنان: “قبل جائحة كورونا، كانت مراكز التسوق مكتظة أيام الجمعة بالناس الذين يذهبون إلى دور السينما”.
تتوقع الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في السعودية أن يصل عدد دور السينما بحلول عام 2030 إلى 350 داراً بـ2500 فيلم يعرض في عموم المملكة.
وأن تصل قيمة الصناعة السينمائية إلى مليار دولار، كما تتوقع المملكة أن يرتفع الإنفاق الأسري على الترفيه من 3 بالمائة إلى 6 بالمائة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي.
وركز ولي العهد على مجال الترفيه في خططه للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، في إطار “رؤية 2030” التي أعلنها عام 2016
(كان حينها وليا لولي العهد)، وأعلن لاحقاً عن تمويل بقيمة 64 مليار دولار لإنتاج المسلسلات التلفزيونية.
خطة ولي العهد تعني تخفيف القيود الاجتماعية والمساح بصناعة سينمائية عبر توفير البنى التحتية اللازمة لذلك وتشجيع الإنتاج المحلي وخلق ما يصل إلى 30 ألف فرصة عمل.
ولأجل تحقيق هذا الهدف، أسست السلطات السعودية الهيئة العامة للترفيه والمجلس السعودي للأفلام والهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع.
كما بدأت منصة نتفليكس شراكة مع الاستوديو السعودي “تلفاز 11” لأجل تقديم إنتاج محلي.
“نقوم بتوسيع مكتبتنا الخاصة بالمحتوى السعودي، ونحاول إظهار جمالية السرد السينمائي السعودي عبر دعم الجهود المحلية”
“والهدف إنتاج قصص أصلية وجذابة تروق للمتابع العربي والعالمي” يقول مسؤول من نتفلكس الشرق الأوسط.
خصوصية سعودية
يعني هذا التشجيع الرسمي أن الأفلام المنتجة ستكون سعودية بالأساس بشكل لا يتعارض مع إنتاجات سعودية قليلة ظهرت قبل عام 2018
منها فيلم “وجدة” لهيفاء منصور الذي صدر عام 2012 ويعدّ أول فيلم روائي طويل في السعودية، “الزيارة الأخيرة” للمخرج عبدالمحسن الدهبان.
و”بركة يقابل بركة” للمخرج محمود صباغ. “صُنّاع الأفلام السعوديون الجدد يصدّرون موضوعاتهم وهويتهم”، توضح المنتجة صفير.
ومن الثيمات والمواضيع السينمائية التي ستظهر في هذه الأفلام ما يخصّ التفاعلات الأسرية والاجتماعية كالحب والغيرة والتغيّر المجتمعي.
وبات ممكناً في السعودية الآن إنتاج الأفلام وتوزيعها وتصديرها.
ويقول سيباستيان سونس، باحث في شؤون الشرق الأوسط إن ولي العهد يدفع في اتجاه الأفلام.
لكن رغم كل هذا التشجيع، فالرقابة على الأفلام السعودية لا تزال حاضرة بقوة في البلد، كما توجد رقابة كذلك على طرق تمويل الإنتاجات.
ووفق استطلاع رأي من المجلس البريطاني في السعودية، فـ43 في المائة من المشاركين قالوا إن التمويل المالي هو أحد أكبر المشاكل التي تواجه صناعة الأفلام.
بما أن التمويل لا يزال حكوميا ويأتي من ثلاثة مصادر رئيسية، مركز الملك عبد العزيز لثقافات العالم، ولجنة للدعم من وزارة الثقافة، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.
وكشف استطلاع للمجلس البريطاني في السعودية، شارك فيه صناع أفلام وطلبة وأطر في التعليم حول نظرتهم لمستقبل السعودية في السينما،
أن 77 بالمائة من المستجوبين يعتقدون أن منصات الفيديو تحت الطلب ستكون أكبر وسيلة لمشاهدة الإنتاجات السعودية.
غير أن هذه المنصات ستبث فقط الإنتاجات المرخص له، في بلد تحضر فيه الرقابة بقوة.
كينيث روث، المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش، أشارإلى أن وثائقي “المعارض” (أو المنشق، بالإنجليزي The dissident) لصاحبه برايان فوغل.
وهو عمل يحكي قصة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، قد تعرّض لهجوم واسع منظم من حسابات سعودية على موقع “روتن توماتوس” الخاص بتقييم الأفلام، بغرض تعميم تقييم سلبي عن الفيلم بشكل لا يشجع الناس على مشاهدته.