منظمة حقوقية: دمويّة مستمرّة بأحكام إعدام غير معتادة في السعودية
كشفت منظمة حقوقية أن السلطات السعودية نفذت في عام 2023، 172 حكم إعدام في واقع وصفته بأنه يعبر عن دمويّة مستمرّة.
وذكرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في بيان أن عدد الإعدامات التي تم تنفيذها أكبر ب 15% من العدد الذي كانت وزارة الداخلية قد أعلنت عنه في 2022، حيث تم رصد 147 حكم، على الرغم من تنفيذ إعدام جماعي طال 81 شخصا في 2022.
وبحسب المنظمة نفذت السعودية أول الإعدامات في الشهر الثالث من العام، ما يجعل معدل الإعدامات الشهرية خلال 10 أشهر، 17 إعداما تقريبا شهرياً.
يضاف ذلك إلى تنفيذ حكم قتل حدا خلال شهر رمضان المبارك، وهو خطوة غير مسبوقة حيث لم يتم رصد إعدامات خلال هذا الشهر سابقا.
من غير المستبعد أن يكون عدد الإعدامات أعلى، حيث كانت هيئة حقوق الإنسان الرسمية قد صرحت أن عدد إعدامات 2022 أعلى بنسبة 29%، وقالت في تصريح لمنظمة العفو الدولية أن السعودية نفذت 196 حكم إعدام فيما نشرت وكالة الأنباء الرسمية بيانات عن إعدام 147.
يضاف ذلك إلى معلومات رصدتها المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عن إعدامات سرية.
وقد نفذت السعودية أحكام قتل بحق 134 سعودي الجنسية، بما نسبته 78 % تقريبا. فيما توزع بقية الأفراد على جنسيات مختلفة وهي: 8 يمنية، 8 بنغلادشية، 4باكستانية، 4 هندية، 2 بحرينية، 2 مصرية، 1 فيليبينية، 1 نيبالية، 1 أميركية، 1 نازح، 2 سودانية، 1 أثيوبية، 1 فلسطينية، 1 غانية، 1 أردنية.
ارتفعت نسبة الإناث من إعدامات السعودية، حيث تم إعدام 6 نساء ما نسبته 3.4% فيما لم تتجاوز النسبة 0.69%عام 2022، وكذلك في 2021.
بحسب تتبع البيانات الرسمية، 30 من أحكام القتل المنفذة صدرت عن المحكمة الجزائية المتخصصة بالإرهاب سيئة الصيت لاستخدامها في تجريم النشطاء، إلا أن 8 فقط من هذه الأحكام تضمنت تهما بالقتل.
بالتالي فإن أكثر من 70% من أحكام الإعدام في المحكمة الجزائية المتخصصة هي على تهم ليست من الأشد خطورة بحسب القانون الدولي، وهي تهم القتل العمد.
وقد تضمنت التهم التي ذكرتها بيانات وزارة الداخلية، إطلاق المولوتوف، التستر على مطلوبين ومعالجة مطلوبين والخروج من البلاد بطريقة غير شرعية وحيازة الأسلحة.
من بين الذين تم إعدامهم الشابين البحرانيين، جعفر سلطان وصادق ثامر اللذين كان المقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة قد طالبوا الحكومة السعودية بوقف الأحكام الصادرة بحقهما بسبب الانتهاكات التي تعرضا لها خلال الاعتقال والمحاكمة، ولكونهما لم يواجها تهما من الأشد خطورة.
من ضمن أحكام القتل في جرائم لا تعد من الأشد خطورة في القانون الدولي، نفذت السعودية في 2023 حكمي إعدام بتهم مخدرات، لتستمر في خرق وقف تنفيذ هذه الأحكام، الذي كانت هيئة حقوق الإنسان قد أعلنت عنه في يناير 2020 وخرقته السعودية في نوفمبر 2022.
ومن بين الذين أعدموا بتهم مخدرات مواطن باكستاني والمواطن الأردني حسين أبو الخير. وكان الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة قد اعتبر أن اعتقاله والحكم عليه تعسفي، كما وصلت إلى الحكومة السعودية عدة رسائل من مقرري الأمم المتحدة حول قضيته.
على الرغم من انعدام الشفافية ومنع أي دور للمجتمع المدني، إلا أن القضايا التي تم تتبعها، تؤكد استمرار الانتهاكات التي ترافق الإعدامات، بما في ذلك السرية في التنفيذ وحرمان العائلات من حقها في الوداع، حيث تم إعدام أبو الخير من دون إبلاغ عائلته.
يضاف ذلك إلى الانتهاكات في المحاكمات حيث تصدر الأحكام بعد محاكمات غير عادلة تتضمن تعذيب وسوء معاملة وحرمان من الحق في الدفاع الكافي عن النفس.
وبحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية، استمرت الحكومة في سياسة احتجاز الجثامين في 2023، حيث وصلت أعدادها إلى 146 جثمانا على الأقل.
وقد توزعت أنواع أحكام الإعدام عام 2023 على 66 قصاصا، 54 تعزير، 50 حد و 2 أحكام عسكرية.
القصاص: تشمل جرائم الأذى الجسدي الذي يتسبب بالوفاة بما في ذلك القتل العمد والقتل غير العمد. في هذه الحالة يمكن لعائلة المجني عليه أو الضحية العفو عن القاتل أو التنازل مقابل التعويض الذي يعرف بالدية. شكلت أحكام القتل قصاصا، 38 % من مجمل الإعدامات المنفذة في 2023.
من اللافت للنظر كان شناعة التهم التي ذكرتها بيانات وزارة الداخلية السعودية، بما في ذلك قتل الأقارب والأطفال، وغياب هذه الجرائم عن الرأي العام، مما يشير إلى أنها حدثت قبل سنوات، إلا أن التنفيذ بمعدلات عالية تم في 2023 لأسباب غير واضحة.
ويزيد من عدم وضوحها غياب أي دور للمجتمع المدني أو للصحافة الاستقصائية إلى جانب ترهيب المواطنين.
الحدود: هي عقوبات ثابتة ومحددة في الشريعة الإسلامية في جرائم محددة، وهناك متطلبات قانونية وإجرائية صارمة من المفترض على القاضي الالتزام بها لإصدار الحكم. شكلت أحكام القتل حدا، 29% من مجمل إعدامات 2023.
التعزير: يطبق التعزير في الجرائم الأخرى التي تعتبر جرائم ضد الدولة أو المجتمع وهي تقديرية حيث يقررها القاضي كما أنها غير محددة بموجب الشريعة الإسلامية، وتستخدم السعودية أفهام وتفسيرات متطرفة لتطبيق عقوبة الإعدام تعزيرا. شكلت أحكام القتل تعزيرا، 31% من مجمل إعدامات 2023.
إلى جانب الفئات الثلاث، أعلنت وزارة الدفاع في 2023، عن تنفيذ إعدامين بموجب أحكام عسكرية، وهي أحكام نادراً ما تصدر ولا يمكن تتبعها حيث تتسم بالسرية ما يثير مخاوف جدية حول الانتهاكات التي تتضمنها.
وأبرزت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أنها لحظت تغيرا في توزع نسبة أنواع الأحكام.
فبحسب دراسة مشتركة للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومنظمة ريبريف تناولت الإعدامات بين 2010 و2021، شكلت أحكام الإعدام التعزيرية 47% من مجمل الإعدامات، فيما شكلت أحكام القصاص، 40% وأحكام الحدود 13%.
إلى جانب ذلك، لاحظت المنظمة أن تهما متشابهة كانت لها أحكام مختلفة، حيث أن تهما بالقتل نفذت فيها أحكام حد وقصاص وتعزير.
وبحسب الأرقام، انخفضت نسبة الأحكام التعزيرية من مجمل الإعدامات في 2023 مقارنة ب11 عاما السابقة، 16% تقريبا.
وأوضحت المنظمة أن الوعود الرسمية المتتالية، كانت تؤكد أن الحد من أرقام الإعدامات التعزيرية سيساهم في خفض أرقام الإعدامات بشكل عام، وبالتالي تبين النسب عدم جدوى هذه الوعود.
ولم ترصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان سوى 5 قضايا قبل تنفيذ الأحكام أي ما نسبته 2.8% فقط من مجمل العمليات المنفذة في 2023، في ظل استمرار انعدام الشفافية في تعامل الحكومة السعودية في ملف الإعدام. يؤكد ذلك أن عدد المحكومين بالقتل غير معروف.
على الرغم من ذلك، تتبّع المنظمة حاليا 66 قضية لأفراد يواجهون خطر الإعدام، من بينهم 9 قاصرين. وبحسب المعلومات فإن 2 من القاصرين وهم عبد الله الدرازي وجلال اللباد يواجهان أحكاما نهائية وبالتالي فإن القتل قد ينفذ في أي لحظة.
فيما ينتظر 7 قاصرين آخرين مصادقة المحكمة العليا وهم يوسف المناسف، حسن زكي الفرج، جواد قريرص، مهدي المحسن، علي السبيتي، علي المبيوق، عبد الله الحويطي.
على الرغم من الوعود السابقة التي قالت السعودية فيها أن أوقفت كافة أحكام القتل بحق القاصرين، فيبدو أنها مصرة على تنفيذ الأحكام، حيث ردت على رسائل من مقرري الأمم المتحدة حول الانتهاكات التي تعرض لها القاصون بالنكران والتضليل.
إضافة إلى القاصرين، فإن المعتقلين الآخرين الذين تتابع المنظمة قضاياهم يواجهون تهما ليست من الأشد خطورة، حيث يواجه الشاب محمد الفرج الإعدام بتهم بينها الإساءة إلى العائلة المالكة من خلال ترديد شعارات مسيئة خلال المظاهرات والتجمعات.
كما حكمت المحكمة بالقتل على محمد لباد على الرغم من أنه سلم نفسه بعد وعود بالعفو لكونه لا يواجه تهما خطرة.
وحكمت المحكمة المتخصصة بالإعدام على شبان من قبيلة الحويطي على خلفية اعتراضهم على مخططات لتهجريهم من مناطقهم.
وبحسب تتبع المنظمة فإن الانتهاكات بحق المعتقلين المهددين بالإعدام تستمر بعد إصدار الأحكام، وهو ما دفع سعود الفرج إلى إعلان الإضراب عن الطعام، بسبب رفض الجهات الرسمية تقبل شكاويه.
كما تطالب النيابة العامة بالقتل بحق معتقلين بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي مثل الشيخ حسن المالكي وسلمان العودة والداعية عوض القرني.
وفي 2023، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في محاكمة لم تتجاوز مدتها الشهر الواحد على محمد الغامدي، بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
استمرار إصدار ومصادقة أحكام الإعدام أكد أن الوعود التي أطلقت خلال السنوات الماضية فيما يتعلق بعقوبة الإعدام تأتي ضمن إطار الدعاية الرسمية ولا تنعكس على واقع تنفيذ هذه العقوبة ووقف استخدامها السياسي.
كرس هذا الواقع ولي العهد محمد بن سلمان في مقابلة تلفزيونية في سبتمبر 2023، أكد فيها صدور حكم بتهم تتعلق بالتغريد بحق الغامدي، وفي جواب حول إمكانية قتله، تمنى أن يكون القاضي في المرحلة القضائية الجديدة أكثر خبرة.
تأكيد بن سلمان إصدار أحكام قتل بتهم تغريد، يبين النفاق الرسمي خلال السنوات الماضية حيث تكرر التصريحات الرسمية أن أحكام القتل لا تصدر إلا على أشد الجرائم خطورة، كما أنه ينسف كافة الوعود التي كان قد أطلقها شخصيا وأكد فيها أن أحكام القتل باتت تقتصر على قضايا القتل فقط.
ورأت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن 2023 أظهرت التخبط في استخدام السعودية لعقوبة الإعدام.
فإلى جانب التغير في أنواع الأحكام المنفذة بدون سبب واضح، وتنفيذ أحكام إعدام بتهم مخدرات، والاستخفاف بالآراء القانونية الدولية، تظهر الأرقام المرتفعة إصرار السعودية على استخدام عقوبة الإعدام دون روادع.
كما اعتبرت المنظمة أن الأحكام والمصادقات إلى جانب تصريح ولي العهد تنسف التطلعات إلى تنفيذ الوعود السابقة التي كانت جهات مختلفة قد أطلقتها، وتؤكد أن التصريحات هي جزء من الدعاية والترويج لصورة غير واقعية للتعامل الرسمي مع حقوق الإنسان في السعودية.
وشددت المنظمة أن الأرقام والمعطيات تزيد المخاوف على حياة المهددين بالقتل حاليا وبينهم القاصرين.