بالأرقام: خمسة أعوام عجاف على السعودية منذ إطلاق رؤية 2030

تثبت الأرقام الرسمية مرور خمسة أعوام عجاف على السعودية منذ إطلاق ولي العهد محمد بن سلمان رؤية 2030 والمبالغة في الترويج لها بوصفها انقاذ لاقتصاد المملكة.

ويجمع مراقبون على أن رؤية محمد بن سلمان مجرد سراب وبيع للوهم وتقوم على مشاريع أقرب إلى السراب وهو ما يؤكده تدهور اقتصاد المملكة منذ إطلاقها.

إذ روج بن سلمان عند إطلاق رؤيته الاقتصادية أنها ستؤدي إلى خلص ملايين فرص العمل لكن الواقع يظهر أن نسبة البطالة ارتفعت من 11.5% إلى أكثر من ١٢.٦% بحسب الإحصائيات الرسمية المشكوك في دقتها.

وقبل إطلاق رؤية بن سلمان بلغ الدين العام على المملكة 5.8% من الناتج المحلي للمملكة ليتضاعف إلى 34% بعد خمسة أعوام من إطلاق الرؤية.

خمسة أعوام وإحصائيات صادمة

تضاعف التضخم المالي من 2.2% إلى 5.7%، في حين فيما كانت تسجل المملكة نسبة نمو بواقع 3.5% فإنها حاليا تسجل انكماشا بنسبة 4.1%.

في هذه الأثناء فإن الاحتياطي المالي العام للمكة تدهور من 654 مليار ريال قبل إطلاق رؤية 2030 إلى 363 مليار ريال فقط دون معرفة أين تبخرت كل هذه الأموال.

وبعد أن كان الميزان التجاري للمملكة يسجل ازدهارا قياسيا بواقع 108 مليار ريال فإنه انخفض إلى 24 مليار ريال فقط.

وحال الانخفاض القياسي أصاب كذلك تدفق مستوى الاستثمار الأجنبي الذي انخفض من 7.5 مليار دولار سنويا إلى 4.7 مليار دولار فقط.

والارتفاع الوحيد الذي صاحب رؤية 2030 اقتصر على فرض الضرائب وزيادة الأسعار، ومن ذلك ارتفاع سعر البنزين 95 من 0.60 ريال إلى 2.13 ريال.

انفصال عن الواقع

قال معهد دول الخليج في واشنطن (AGSIW) إن رؤية 2030 منفصلة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي في السعودية.

وذكر المعهد أنه بعد مرور خمسة أعوام على رؤية بن سلمان، تواصل السلطات السعودية الضغوط لتنفيذ الخطط الاقتصادية وإجراءات التقشف على الشعب السعودي.

واعتبر أن ذلك يظهر مدى انفصال الرؤية الاقتصادية لبن سلمان عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي في المملكة.

ضغوط مشاريع رؤية 2030

وأشار المعهد إلى اعتراف الحكومة السعودية بالضغوط التي فرضتها خطط التنويع وإجراءات التقشف على الشعب السعودي.

ونبه إلى تركيز محمد بن سلمان في تصريحاته الأخيرة على الاقتصاد، خاصة بالنسبة للسعوديين المثقلين بأعباء التقشف المالي الحالي الذي تفرضه الحكومة والوظائف منخفضة الأجر، يهدف إلى إظهار نهج متجاوب تجاه الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها السعوديون، والتي يروج أنها ستكون مؤقتة.

في الوقت نفسه، فإن الإنفاق الحكومي خلال جائحة فيروس كورونا مع رفع ضريبة القيمة المضافة أظهر درجة من الانفصال عن الواقع الاقتصادي على أرض الواقع.

ولفت إلى أن بن سلمان خصص 810 مليار دولار لتطوير العديد من المشاريع على صلة بالسياحة والترفيه على مدى السنوات العديدة القادمة.

رغم ذلك اشتكى السياح السعوديون من عدم وجود بنية تحتية مناسبة للسياحة الداخلية، وارتفاع الأسعار، وتدني معايير الفنادق.

استمرار الاعتماد على النفط

شدد الوزراء والمسؤولون السعوديون على أهمية تعافي أسعار النفط لتحسين الوضع الاقتصادي للسعوديين وتخفيف بعض إجراءات التقشف التي فرضتها الحكومة.

من جهته أقر بن سلمان باستمرار مركزية عائدات النفط، قائلاً: “هناك تصور خاطئ بأن السعودية ترغب في التخلص من النفط”.

وذكر المعهد أن تصريحات بن سلمان تمثل محاولة للتراجع عن تعليقه المغطى على نطاق واسع لعام 2016 أنه إذا اختفت عائدات النفط بحلول عام 2020، فسيكون السعوديون قادرين على “العيش بدون نفط”.

أكد محمد الجدعان ، وزير المالية ورئيس برنامج تطوير القطاع المالي في رؤية 2030 ، أنه سيتم تخفيض ضريبة القيمة المضافة عندما تتعافى أسعار النفط.

تخفيض ضريبة القيمة المضافة

يبدو أن الوعد بتخفيض معدل ضريبة القيمة المضافة هو اعتراف بكيفية تلقي الجمهور لمثل هذه الإجراءات التقشفية بشكل سلبي.

في حين أن ربطها بانتعاش أسعار النفط يؤكد كذلك على أهمية النفط المستمرة للاقتصاد السعودي.

وبينما يقيم السعوديون رؤية 2030 عند مرور خمس سنوات، يبدو أن العودة إلى الحياة قبل الوباء تجري ببطء في المملكة، مما يوفر فرصة للنظر في كيفية أداء الإصلاحات مع بدء انفتاح المجتمع.

إن الواقع الاجتماعي والاقتصادي بعد الوباء والذي يتضمن زيادة في نفقات المعيشة الأساسية (مثل أسعار الوقود) والتأثير الذي يلوح في الأفق لضريبة القيمة المضافة وعملية الخصخصة المستمرة، قد يردع العديد من السعوديين عن الإنفاق خلال هذه الأوقات المضطربة.

اعترفت القيادة السعودية بالصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها الكثيرون. يهدف الوصول إلى السعوديين من خلال المقابلات والأفلام الوثائقية – مدعومة بالبيانات لدعم الآراء الفردية المعبر عنها – إلى طمأنة السكان بجهود الحكومة المستمرة.

ومع ذلك، فإن إصرار القيادة السعودية على أن سياسات التقشف والوظائف المتدنية الأجور مؤقتة فقط لن يكون مقنعًا حتى يتم اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين الظروف المعيشية لتلك الشريحة الكبيرة من السكان السعوديين والتي غالبًا ما يتم تجاهلها في مخطط المشاريع الكبرى للمملكة.