قال الكاتب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست إن المسؤول السابق في الاستخبارات السعودية سعد الجبري، يشكل أكثر خطورة على ولى العهد محمد بن سلمان مما كان يمكن أن يكون عليه الصحفي الراحل جمال خاشقجي.
ووصف الدعوى القضائية التي رفعها الجبري في المحاكم الأمريكية بأنها ” أكبر تحدّ خارجي لمحاولة بن سلمان الاستيلاء على الحكم”.
ورجح هيرست أن يكون الجبري على استعداد لمواجهة شاملة مع نظام آل سعود.
ورأى هيرست في مقال له بموقع ميدل إيست آي (Middle East Eye) البريطاني، تحت عنوان “سعد الجبري: السعودي الذي يستطيع إسقاط محمد بن سلمان” أن شبح خاشقجي لا يزال يلاحق بن سلمان.
وقال إن الجبري مصمم على منع القاتل من الاستمتاع بغنائم سلطته، وهو ما يقود إلى استنتاج واحد، وهو أن محمد بن سلمان يواجه الآن أكبر تحدّ خارجي لمحاولته الاستيلاء على الحكم.
وأشار إلى أن تفاصيل الدعوى التي أقامها الجبري ضد ولي العهد السعودي في محكمة أميركية، تكشف عن صورة كبيرة هي أن معركة السلطة التي بدأت بالإطاحة بمحمد بن نايف عن ولاية العهد، لم تنته بعد.
وأضاف هيرست أن محمد بن سلمان -الذي استولى على منصب محمد بن نايف- لم ينجح منذ ذلك الحين في تحقيق النصر أو الحصول على الشرعية، وأن ذلك هو سبب حرصه على القضاء على كل المقربين من محمد بن نايف، فقد استهدف خاشقجي أولا وهو يستهدف الجبري الآن.
وأشار هيرست إلى المعلومات التي تم الكشف عنها مؤخرا بشأن “فرقة النمر” للاغتيالات، والتي تتكون من 50 شخصا وكانت مكلفة باغتيال الجبري، ويزعم أنها وصلت مطار مدينة تورنتو وحاولت دخول كندا، وتضم خبيرا في الطب الشرعي لمحو آثار الجريمة.
وتابع إن الصيد الذي كان يلاحقه فريق الاغتيال -أي الجبري- كان أكثر خطورة على ولي العهد السعودي مما كان يمكن أن يكون عليه خاشقجي، فالجبري كان الذراع اليمنى للأمير محمد بن نايف في وزارة الداخلية، وكان برتبة وزير، كما أنه كان مطلعا على كل الأسرار المحرجة في وزارة الداخلية.
ونبه إلى أن الجبري يعلم ملفات تورط الملك سلمان وابنه ولي العهد في أموال صندوق مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الداخلية، والمبالغ التي تصل إلى عشرات الملايين من الريالات السعودية شهريا.
فالجبري إذن كان -وما زال- شخصا من الداخل لذلك يشكل أكثر خطورة خلافا لجمال خاشقجي الذي لم يكن سوى صحفي ذي علاقات جيدة، وبعد انتهاء مهمته كصحفي لمسؤول الأمن السابق، كان خارج الديوان الملكي.
وأشار الكاتب البريطاني إلى أن شخصيات أخرى من داخل الديوان الملكي على خلاف مع نظام بن سلمان، ولكن الجبري يختلف عنها بكونه على استعداد لمواجهة النظام بشكل كامل، فضلا عن أنه ليس لديه ما يخسره.
وضرب مثالا بالأمير أحمد بن عبد العزيز -الشقيق الأصغر للملك سلمان- والذي ألمح إلى عدم رضاه عن الطريقة التي تدار بها الحرب في اليمن، عندما اقترب من متظاهرين يمنيين وبحرينيين خارج منزله في لندن، ولكنه لم يذهب إلى أبعد من ذلك ولم يشكل خطورة فعلية على بن سلمان.
كما التزم بن نايف الصمت إزاء الإذلال الذي تعرض له، شأنه في ذلك شأن أمراء كثر آخرين تم تجريدهم من ممتلكاتهم في فندق ريتز كارلتون وكان موقفهم سلبي لا يحمل خطورة فعلية على بن سلمان.
وأشار هيرست إلى علاقة الجبري القوية بوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) (CIA) وهو ما يشكل خطورة أكبر، وقال إنها لن تبقى على هامش الحرب المفتوحة بين الجبري وولي العهد السعودي، وإن الجبري بذل قصارى جهده ليؤكد في دعواه القضائية ضد بن سلمان علاقته القوية بالاستخبارات الأميركية.
وأكد هيرست أن الجبري يزعم أن هناك أشخاصا قليلين على قيد الحياة يملكون من المعلومات عن أسرار محمد بن سلمان الخطيرة مثلما بحوزته، وقد ترك تعليمات بنشر الأشرطة التي سجلها، والتي تدين بن سلمان، فهي بمثابة التأمين على حياته.
واختتم الكاتب البريطاني بأن الأمل الوحيد لولي العهد السعودي لتجنب الكارثة، هو فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لأنه إذا خسر، فإن كل شيء تقريبا سيتحطم معه.
ورفع ضابط الاستخبارات السعودي السابق، الخميس الماضي، دعوى قضائية في واشنطن ضد ولي العهد يتهمه فيها بأنه أرسل فريقا لاغتياله في كندا سعيا للحصول على تسجيلات مهمة، وذلك بعد أسبوعين من اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
ووفقا لمستندات الدعوى القضائية، فإن محمد بن سلمان أرسل فريقا إلى كندا لتنفيذ عملية قتل خارج القانون ضد الجبري، وهو مستشار ولي العهد السابق محمد بن نايف، وإن مسؤولين أميركيين كبارا كانوا على علم بتفاصيل محاولة الاغتيال.
وفي هذه المستندات -التي نشرتها وسائل إعلام كندية، نقلا عن صحيفة محلية- فإن “فرقة النمر” التي كانت مكلفة باغتيال الجبري حاولت دخول كندا بتأشيرات سياحية حصلت عليها في مايو/أيار 2018، وكانت تحمل حقيبتين من أدوات الطب الشرعي، وكانت تضم خبيرا مثل اختصاصي الطب الشرعي الذي قام بتقطيع خاشقجي.
وجاء في الوثائق أن السلطات الكندية اشتبهت في أعضاء الفريق، الذين حاولوا التمويه بادعاء عدم معرفة بعضهم البعض، ولم تسمح سوى لأحدهم بالدخول لأنه يحمل جوازا دبلوماسيا.
وتضمنت الدعوى القضائية نص رسالة من ولي العهد السعودي يطلب فيها من الجبري العودة خلال 24 ساعة، وإلا سيقتل.
وورد فيها أيضا أن محمد بن سلمان يعتقد أن الجبري وراء خلاصة توصلت إليها وكالة الاستخبارات الأميركية “سي آي أيه” (CIA) بضلوع ولي العهد في اغتيال خاشقجي، وبأنه أخبر الأميركيين بأن بدر العساكر، وهو أحد المقربين من بن سلمان، أدار عملية تصفية الصحفي الراحل بإسطنبول.
كما جاء فيها أن محمد بن سلمان أرسل فريقا آخر لاغتيال الجبري خلال إقامته في مدينة بوسطن الأميركية عام 2017، وأنه حاول على مدى أشهر نشر عملاء سريين في الولايات المتحدة في محاولة لتعقب مكان الضابط السابق.
وأفاد الإعلام الكندي بأن ولي العهد السعودي تقفى أثر مستشار بن نايف في الولايات المتحدة لاغتياله والحصول على تسجيلات فائقة الأهمية، وأشار إلى أن التسجيلات تتضمن معلومات خطيرة للنشر في حال الاغتيال.
وتطالب الدعوى بتعويضات من محمد بن سلمان ومقربين منه لتدبيرهم محاولة الاغتيال.
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال في يوليو المنصرم النقاب عن محاولة الرياض إغراء الجبري عبر شريكه بالسفر إلى تركيا كي يكون أقرب إلى عائلته.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن السعودية أرسلت إلى الجبري صديقا لإقناعه بالعودة قبل أن تصدر مذكرات توقيف بحقه وتبلغ الانتربول بها وتسجن اثنين من أبنائه في مارس/ آذار الماضي.
وقالت الصحيفة إن عائلة الجبري تعتبر أن الرياض تريد إعادته لأنه يعرف أسرار العائلة المالكة. وأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لديه ثأر شخصي ضده بسبب خلافات معه حول اليمن ونزاعات أخرى.
ووفق الصحيفة فإن الوثائق التي لدى الجبري تكشف أن الرياض مولت الرئيس السابق عمر البشير وقبائل في غرب العراق.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين غربيين سابقين وحاليين أنهم يخشون أن يؤدي النزاع بين الرياض والجبري لكشف معلومات حساسة عن العمليات ضد ما يعرف بالإرهاب.
وختمت الصحيفة الأمريكية أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن ابن سلمان يستخدم تحقيقات الفساد لملاحقة معارضيه أو منافسيه.