أكد معهد أمريكي أن خطط ولي العهد محمد بن سلمان تواجه فشلا ذريعا على كافة الأصعدة في تأكيد على تخبط سياساته وقيادته المملكة إلى مستقبل مجهول.
وقال مدير “برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة” في معهد واشنطن، سايمون هندرسون، إن إعادة تشكيل مستقبل المملكة سيتعذر تحقيقه بالشكل الذي روج له بن سلمان.
ولفت العهد إلى الأحداث في الآونة الأخيرة من انخفاض النفط، ومقتل شاب من قبيلة الحويطات بسبب اعتراضه على تسليم بيته من أجل مشروع نيوم.
وتابع: “يُعدّ مشروع نيوم، مدينة أحلام تبلغ قيمتها 500 مليار دولار، تقع في شمال غرب المملكة، وتطل على البحر الأحمر وعلى مصر والأردن أيضا. ومن المفترض أن يمثّل المشروع مستقبل السعودية في مرحلة ما بعد النفط، ذلك المستقبل الذي سيكون قائما إلى حدّ كبير على التكنولوجيا فائقة التطور. ومن شأن العلماء وعباقرة الحواسب الآلية في السعودية أن يعيشوا في عالم آلي، حيث سيتمّ توقّع كل حاجاتهم إلكترونيا -كتنظيف منازلهم وشراء الطعام- والتعامل معها خلال وجودهم في العمل”.
ونبه إلى أن أحلام بن سلمان اصطدمت بالواقع فرغم كون منطقة إقامة المشروع نائية، إلا أنها ليست خالية، فهنالك من يعيش فيها، ويقدر عددهم بـ20 ألف شخص، معظمهم من قبيلة الحويطات، يكسبون رزقهم من النخيل، وصيد الأسماك.
وأشار إلى أنه في الولايات المتحدة، يشمل حق الاستملاك للأراضي اللازمة للتنمية إلى الحكومة خيار اللجوء إلى المحامين، غير أنه ليس كذلك في المملكة، وشهدت الأيام الأخيرة مقتل عبد الرحيم الحويطي الذي رفض إخلاء منزله، وقتله قوات الأمن، وأصدرت بيانا قالت فيه إنه كان مطلوبا وقتل في تبادل إطلاق النار.
وبعد أن دفنت القبيلة ابنها، نشرت وكالة الأنباء الرسمية بيانا، قالت فيه إن مشايخ وأعيان وأبناء قبيلة الحويطات في تبوك رفعوا عبارات الولاء للملك سلمان، وعبروا عن دعمهم لمشروع نيوم الذي أطلقه ولي العهد ومشروع أمالا على البحر الأحمر.
وتوقع هندرسون أن تتم إعادة الحسابات فيما يتعلق بخطط ابن سلمان، وسيتعين تشذيبها، أو تأجيلها، سواء داخل المملكة أو خارجها.
وختم بأن هناك تقارير تقول إن صندوق الثروة السعودي السيادي استثمر 500 مليون دولار في شركة “لايف نيشن” للترفيه، وهي أكبر شركة لتنظيم الحفلات الموسيقية حول العالم، ما يشير إلى ثقة مفرطة في عالم ما بعد كورونا، وذلك يتعارض مع توصيات صندوق النقد الدولي، بأنه يجب استخدام صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط لتعزيز الاقتصادات المحلية.
ومؤخرا شككت صحيفة تايمز البريطانية بقدرة بن سلمان على إتمام خطته لبناء مدينة “نيوم” على ساحل البحر الأحمر بتكلفة خمسمئة مليار دولار، في ظل العديد من الأزمات، آخرها مقتل أحد معارضيها عبد الرحيم الحويطي.
وسلط مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر الضوء في مستهل تقريره على آخر الأزمات، وهي أن عبد الرحيم الحويطي نشر مقاطع فيديو على الإنترنت يقول فيها إنه كان من بين العديد من الأشخاص الذين يرفضون التفريط في ممتلكاتهم لإفساح المجال لمخطط نيوم، ويشير إلى أنه يتوقع أن تكون نهايته الموت نتيجة لذلك.
وينقل عن الحويطي في أحد مقاطع الفيديو قوله إن “كل من يرفض الانتقال يتعرض للهجوم. وقع اقتحام منازل تسعة أشخاص واعتُقلوا، وسوف يحين دوري قريبا. لقد حكمنا أطفال مثل محمد بن سلمان. لا تتفاجأ إذا وقع اتهامي بالإرهاب بعد أن وضعت قوات الأمن أسلحة في منزلي”.
وزعمت حكومة آل سعودفي بيان صدر يوم الأربعاء الماضي إن الحويطي أطلق النار على الضباط الذين حاولوا اعتقاله.
وأضاف البيان أنه عُثر على مخبأ للأسلحة في منزله، حيث “كان الرجل متحصنًا فوق المبنى خلف أكياس رمل ولم ينصع هو وأخوه لنداءات رجال الأمن الذين طالبوهما بالاستسلام”.
ويرى مراسل الصحيفة أن ما يعزز الشكوك بشأن جدوى مشروع نيوم -الذي يهدف إلى الجمع بين السياحة وصناعة التكنولوجيا المتقدمة وأسلوب الحياة المبني على “الاقتصاد الأخضر”، حيث يشمل الروبوتات والسيارات الطائرة- هو انهيار أسعار النفط نتيجة حرب الأسعار بين المملكة ومنافستيها روسيا والولايات المتحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، قللت جائحة فيروس كورونا الطلب على النفط، الذي تعتمد عليه المملكة بالكامل تقريبا.
وتشير الصحيفة إلى تقرير استشاري سُرب إلى صحيفة “وول ستريت جورنال” العام الماضي، تطرق إلى مصير عشرين ألف شخص يعيشون على مساحة عشرة آلاف كيلومتر مربع من الصحراء والشواطئ التي ستتأثر بهذا المشروع.
وقد ورد في هذا التقرير أن أولئك القادرين على تطوير “مهارات تتناسب مع مشروع نيوم” يتوجب عليهم البقاء، أما البقية فمن المرجح أن ينتقلوا من هناك.
وتضيف الصحيفة أن صندوق النقد الدولي أصدر الأربعاء الماضي أحدث تقرير له للاستفسار عن الأسس المالية لدول الخليج، و”مقارنة بالقيمة الحقيقية، فإن أسعار النفط تراجعت إلى مستوى لم تشهده منذ عام 2001″.
وحتى قبل تفشي فيروس كورونا، الذي أثر على طلب النفط، حذّر صندوق النقد الدولي من أن دول الخليج تنفق أكثر بكثير مما تسمح به أسعار النفط المنخفضة، الأمر الذي قد يتسبب في نفاد احتياطياتها النقدية في غضون 15 عامًا.
في هذه الأثناء أطلق مغردون حملة على تويتر للمطالبة بالإفراج عن جثة المواطن الحويطي في ظل تعنت سلطات آل سعود بالسماح بدفنه بعد أكثر من أسبوع على جريمة قتله.
وأبرز المغردون أن سلطات آل سعود ترفض الإفراج عن جثة الحويطي بسبب شناعة طريقة القتل وخوفاً من الملاحقة الدولية.