تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة السعودية بنسبة 2.3 في المائة ليغمر لون الهبوط الأحمر شاشة التداول بعد أن هبطت أسهم 165 شركة، من إجمالي 193 شركة مقيدة فيما لم ترتفع سوى 11 شركة
ويأتي ذلك في أولى جلسات أسبوع التداول، بعد هجمات بالطائرات المسيرة على منشأتين لشركة أرامكو، أحدهما أكبر معمل لتكرير النفط في العالم.
وهبط سهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، أكبر شركة بتروكيماويات في المملكة، بنسبة 3.5 في المائة، بعد أن أعلنت عن نقص في إمدادات اللقيم بنحو 49 في المائة عقب الهجوم.
واللقيم هي المادة الخام المستعملة في المصانع والمعامل، ومن المواد التي تقيد تحت هذا التصنيف الغاز الطبيعي والنفط والكهرباء والسوائل مثل البيوتان والغازات مثل الإيثان.
وأدى الهجوم إلى فقدان المملكة نحو نصف إنتاجها، أعلن وزير الطاقة عبد العزيز بن سلمان أن الانفجارات أدت إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام، تقدر بنحو 5.7 ملايين برميل، أو حوالي 50 في المائة من إنتاج شركة أرامكو، وفق التقديرات الأولية.
واستهدف الهجوم معملين لأرامكو في محافظة بقيق (شرق) وهجرة خريص (تتبع محافظة الأحساء شرق المملكة وتبعد عن العاصمة الرياض نحو 150 كيلومتراً).
وأعلن الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم عن الهجوم من خلال عشر طائرات من دون طيار.
وتدير أرامكو أكبر مصفاة لتكرير النفط ومعالجة الخام في العالم في بقيق بالمنطقة الشرقية.
وتزيد الطاقة التكريرية للمصفاة عن سبعة ملايين برميل من النفط الخام يومياً، بينما يعد حقل خريص أكبر مشروع بترول في العالم، إذ يقدر إنتاجه بـ1.2 مليون برميل يومياً من الزيت العربي الخفيف.
وتتوالى ضربات الحوثيين لمنشآت النفط السعودية. وفي 17 أغسطس/ آب الماضي، أعلن الحوثيون تنفيذ عملية نوعية، باستهداف حقل ومصفاة نفطية في المملكة قرب الحدود مع الإمارات، باستخدام 10 طائرات مسيرة من دون طيار.
وسبق أن استهدف الحوثيون، في مايو/ أيار، محطتي ضخ أنبوب نفطي في المملكة، وأكدت الأخيرة وقف التصدير بسبب الأضرار.
وأضحت خطط ولي العهد محمد بن سلمان، لبيع حصة من أرامكو، مهددة بالاحتراق، بعد أن تزايدت وتيرة ضربات الحوثيين لمعامل النفط التابعة للشركة، ما يضعف التقييم المادي للشركة، ويجعل مخاطر الاستثمار في أسهمها الأكثر تأثيراً على قرار المستثمرين.
ولم تعد الخسائر مقتصرة على توقف حقول وأنابيب صادرات النفط، بل أضحت القيمة السوقية لشركة أرامكو، التي يجرى التخطيط لطرحها في أسواق المال المحلية والدولية مهددة بالتهاوي، لا سيما أن هذه القيمة مهددة بالأساس من تراجع أسعار النفط في السوق العالمية، ما يضرب رؤية بن سلمان لخصخصة حصة من الشركة وجني عشرات مليارات الدولارات من ورائها.
وقال أحمد إبراهيم، محلل أسواق المال والمتخصص في قطاع الطاقة بأحد أكبر بنوك الاستثمار الإقليمية، إن “المخاطر المتزايدة المحيطة بشركة أرامكو تخصم كثيراً من تقييمها ومن اهتمام المستثمرين بها، عامل الأمان والاستقرار هو الأكثر حضوراً عندما يضع أي مستثمر أمواله في شراء أسهم أي شركة”.
وأضاف إبراهيم، “للأسف مخاطر أرامكو تتزايد مع الاستهداف المستمر للحوثيين، الأمر أضحى يهدد فكرة طرح الشركة بالأساس في أسواق المال رغم ضخامة حجمها وأصولها”.
وأعلنت أرامكو، الشهر الماضي، لأول مرة في تاريخها، عن إيراداتها النصفية، مشيرة إلى تراجع أرباحها الصافية في النصف الأول من عام 2019 إلى 46.9 مليار دولار، مقابل 53.0 مليار دولار للفترة ذاتها من العام الماضي.
وكان تقرير لوكالة رويترز في الثامن من أغسطس/آب الماضي، قد ذكر أن ولي العهد، يصر على تقدير قيمة الشركة بمبلغ تريليوني دولار، وذلك رغم أن بعض المصرفيين والمطلعين على بواطن الأمور في الشركة يقولون إن على المملكة أن تقلل القيمة المستهدفة إلى 1.5 تريليون دولار.
وتستهدف المملكة جمع 100 مليار دولار من عملية الطرح الأولي لـ 5 في المائة من أسهم الشركة، منها 2 في المائة في السوق المحلي، أي نحو 40 مليار دولار.
وحسب تقرير حديث لوكالة بلومبيرغ الأميركية، فإن بن سلمان طلب من العائلات الثرية في المملكة أن تكون “ركائز استثمارية” في طرح حصة في أرامكو، من أجل تحفيز الطلب على الاكتتاب. وطلبت أرامكو رسمياً، الشهر الماضي، من بنوك كبرى تقديم اقتراحات بشأن أدوار محتملة في طرحها العام الأولي المزمع.
ويأتي التلهف لطرح أرامكو بعد تعثّر متكرّر خلال العامين الماضيين.
وكانت فكرة اكتتاب أرامكو قد طُرحت للمرة الأولى في 2016 بوصفها مشروعا مركزيا في رؤية بن سلمان 2030، وكان الهدف إدراجها في النصف الثاني من 2018، لكن الخطط تأخرت عدة مرات، لا سيما بعد اغتيال الكاتب والصحافي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول.