أثبتت مصادر استخباراتية غربية، قتل ولى العهد محمد بن سلمان، الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في أكتوبر/ تشرين أول 2018.
وأطلع موقع “ويكليكس السعودية” على المصادر التي تناقلتها صحف غربية عن ثمانية جهات استخباراتية تثبت أن ولى العهد هو القاتل الحقيقي للصحفي السعودي.
وذكرت المصادر أن اللواء أحمد عسيري مستشار ولى العهد تلقى التعليمات من المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني بتجميع فريق اغتيال خاشقجي.
وقالت إن ولى العهد أرسل ما لا يقل عن 11 رسالة إلى القحطاني قبل وبعد وأثناء الجريمة.
وأضافت أن القحطاني تابع جريمة الاغتيال عبر برنامج “سكايب” ووجه شتائم للراحل.
ونوهت إلى أن القحطاني أدار فرفة النمر – المسؤول عن تنفيذ عدة جرائم وقتل خاشقجي- لافتة إلى أنه كان لديه علم بالعملية منذ 2017 .
وتعتقد السلطات الأميركية أن القحطاني هو من أشرف علي قتل خاشقجي، بحسب المصادر، فيما تثبت وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA، أن القاتل والمسؤول عن جريمة الاغتيال هو ولى العهد محمد بن سلمان.
وكشفت المصادر الاستخباراتية النقاب عن مكالمة هاتفية طلب فيها ولى العهد ممن القحطاني باتخاذ ترتيبات خارج المملكة اذا لم تنجح محاولات استدراج خاشقجي.
وكانت صحيفة “ميدل إيست آي” ذكرت في تقرير آب/ أغسطس الماضي، أن هناك توجه من ولي العهد محمد بن سلمان لإغلاق ملف قضية خاشقجي، عبر عفو أولياء الدم عن قتلته.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” في نيسان/ أبريل 2019م، النقاب عن منح آل سعود أبناء خاشقجي منازل تقدر قيمتها بملايين الدولارات ودفعات شهرية لا تقل عن عشرة آلاف دولار، إلا أن صلاح نفى أن تكون تلك المنح لإسكاتهم عن المطالبة بحق والدهم.
وقال مسؤولين سعوديين إن ذلك يأتي في إطار جهود النظام الحاكم للتوصل إلى ترتيب طويل المدى مع عائلة القتيل، بهدف ضمني هو ضمان استمرار أعضاء عائلة القتيل في إظهار ضبط النفس في بياناتهم العلنية حول مقتل.
وشهدت القنصلية السعودية في إسطنبول، بـ 2 تشرين أول/ أكتوبر 2018، واحدة من أبشع الجرائم باستدراج مسؤولين سعوديين لخاشقجي، وخنقه، وقتله قبل تقطيع جثته وإخفائها، وسط اتهامات مباشرة لولي العهد محمد بن سلمان بالمسؤولية عمّا حدث.
وتوصلت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) بدرجة ثقة “متوسطة إلى مرتفعة” إلى أن محمد بن سلمان أعطى أوامر بقتل خاشقجي، لكن الرئيس دونالد ترامب رفض قبول ما توصلت إليه الوكالة بشأن حليفه المقرب محمد بن سلمان، قائلا: “ربما فعل، ربما لم يفعل”.
وامتنع أبناء خاشقجي منذ ذاك الوقت، عن أي انتقاد قاس للمملكة، رغم أن وفاة والدهم أثارت غضبا عالميا وإدانة واسعة النطاق لوريث العرش السعودي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وظهروا في مقطع فيديو، خلال حضورهم إلى القصر الملكي في الرياض لقبول التعازي التي قدمها لهم الملك سلمان ونجله محمد.
وأصدر القضاء التركي في 5 ديسمبر / كانون الأول الماضي، مذكرة توقيف بحق النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودي أحمد عسيري، والمستشار سعود القحطاني؛ للاشتباه بضلوعهما في الجريمة.
وفي 3 يناير / كانون الثاني الماضي، أعلنت النيابة العامة السعودية عقد أولى جلسات محاكمة مدانين في القضية، ولا يعرف تفاصيل أكثر عن الجلسات المرتبطة بالقضية، وهو ما دعا الأمم المتحدة إلى اعتبار المحاكمة “غير كافية”، وجددت مطالبتها بإجراء تحقيق “شفاف وشامل”.
ولاحقا حكمت بالإعدام على خمسة متهمين من الاستخبارات السعودية لقيامهم بقتل وتقطيع جثة خاشقجي داخل القنصلية السعودية.
وأصدرت أيضا أحكام متفاوتة بالسجن على ثلاثة متهمين، وقررت الإفراج عن نائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري، وعدم توجيه أي اتهام للرأس المدبر للعملية المستشار الملكي السابق سعود القحطاني، وهو حكم وصفته المنظمات الدولية بأنه يفتقر للعدالة.
وقالت مقررة الأمم المتحدة، آنياس كالامار إن أدلة موثوقة تبين أن ولي العهد محمد بن سلمان ومسؤولين كبار يتحملون المسؤولية الشخصية عن جريمة القتل. ودعت إلى تحقيق دولي مستقل في القضية.
كما قال يرى فرِد رايان، المدير التنفيذي لصحيفة واشنطن بوست، في مقال نشرته الصحيفة، إن السلطات السعودية “تتبنى استراتيجية مراوغة” عبر تقديم “مسؤولين يمكن التضحية بهم ككباش فداء” لإجراء محاكمة صورية وتخفيف حدة الغضب العالمي.
ومنذ ذاك الحين، تبحث المملكة عن صورة جديدة أمام المجتمع الدولي في أعقاب سلسلة جرائم هزت الرأي الدولي، أبرزها قضية اغتيال الصحفي خاشقجي.
وكشفت وكالة أسوشيتد برس مطلع مايو/أيار الحالي أن المملكة بصدد إجراء إصلاحات جديدة بغية تحسين سجلها في حقوق الإنسان، وتلميع صورتها التي تضررت نتيجة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي والانتهاكات في حرب اليمن.
وشرعت المملكة مؤخرا – حسب وكالة أسوشيتد برس- في إجراء تعديليْن على الأحكام، يلغي أحدهما عقوبة الجلد، في حين يلغي الثاني تنفيذ حكم الإعدام في المدانين الذين ارتكبوا جرائم عندما كانوا قاصرين.
كما ذفع آل سعود بأموال المملكة إلى الخارج للاستثمار في قطاع الترفيه في الولايات المتحدة الأميركية الذي قد يبدي استعداداً لغض النظر عن سجلها المرتبط بانتهاكات حقوق الإنسان وجريمة اغتيال الصحافي خاشقجي.
واشترى آل سعود خلال إبريل/ نيسان الماضي حصة قيمتها 500 مليون دولار أميركي، أو 5 في المائة، من أسهم شركة البثّ الموسيقي “لايف نايشن” Live Nation، لتصبح ثالث أكبر مستثمر فيها، بعدما انخفضت قيمة أسهمها بأكثر من 40 في المائة.
وخلال الربع الأول من العام الحالي، استثمرت المملكة 500 مليون دولار أميركي في شركة “والت ديزني” Walt Disney.
وأفادت مجلة “هوليوود ريبوتر”، في 6 مايو/أيار الحالي، بأن صفقات جديدة ستعقدها المملكة خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى أن “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي يقدم عروضاً لشراء أسهم في “تايم وارنر ميوزيك غروب” Time Warner Music Group.
شراء الأسهم في “لايف نايشن” شكل أول عملية لـ”صندوق الاستثمارات العامة” في شركة ترفيه أميركية، منذ جريمة اغتيال الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست”، وحينها، أعلنت شركات ومؤسسات في هوليوود مقاطعتها للمملكة السعودية احتجاجاً.
وفي السياق، أبلغ الدوري الإنكليزي الممتاز (بريميير ليغ)، خديجة جنكيز خطيبة الصحفي السعودي، بتعاطفه معها، واعدا بالنظر في مطالبها قبل إتمام صفقة نادي نيوكاسل يونايتد.
وذكرت صحيفة “ديلي تلغراف” في تقرير حصري، أن الدوري الإنكليزي الممتاز (بريميير ليغ) ينظر في مطالب دعت لوقف عملية استحواذ مجموعات مدعومة من الممكة على نادي نيوكاسل يونايتد.
وقال رئيس الدوري ريتشارد ماسترز في رسالته، لمحامي جنكيز إنه “متعاطف جدا مع موقف موكلتك”، بعدما كتب المحامي رودني ديكسون مرتين إلى رئيس الدوري يحثه على منع عملية بيع أسهم نادي نيوكاسل إلى مجموعة تقودها هيئة الاستثمار العام السعودية التي يتولاها ولى العهد محمد بن سلمان.
وهذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها الدوري الممتاز أنه يقوم بالنظر في مزاعم انتهاكات حقوق إنسان كجزء من فحص الملاك والمدراء الذي يقوم الدوري عادة بإجرائه كعملية روتينية قبل موافقته على عرض بيع لواحد من النوادي التابعة له.