يتوقع مراقبون أن يتصاعد تفعيل قضية جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في الولايات المتحدة الأمريكية مع قرب موعد إجراء الانتخابات الأمريكية.
ويرى المراقبون أن إعادة فتح قضية خاشقجي تعود بالأساس إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، فهذه القضية ذات طبيعة خاصة لكونها قابلة للتوظيف في الحملات الانتخابية.
ويجمع المراقبون أن قضية خاشقجي لن تموت لأنها تحتوي على بعد قيمي، واجتماع الجمهوري والديمقراطي يدل على تلك الخصوصية القيمية والضمير الجمعي رغم الاختلافات السياسية.
وتتصاعد الضغوط في الولايات المتحدة على إدارة الرئيس دونالد ترامب من أجل كشف التقرير الاستخباراتي بشأن جريمة قتل خاشقجي والذي يتوقع أن فيه ما يفوق رواية آل سعود ويتجاوز الرواية التركية، خاصة أن التقرير سيضغط على ترامب لاتخاذ قرارات ضد شخصيات في نظام آل سعود.
ويلاحظ أن الأميركيين قد يكتشفون تستر ترامب على شخصيات في نظام آل سعود متورطة في قضية الاغتيال، ولهذا فإن الرئيس الأمريكي يستميت برفص رفع السرية عن التقرير لأنه سيحرج نفسه وكذا قيادة آل سعود.
وتبدو مراهنة آل سعود منصبة كليا على ترامب والتقرب منه ومن الحزب الجمهوري مقارنة بأميركا ككل، وهو قد يسبب مشاكل تتعلق بسمعة المملكة لدى الأطياف السياسية الأميركية، إذ ستتهم إدارة ترامب بعدم الدفاع عن القيم الإنسانية.
وكان تعهد أعضاء في الكونغرس الأميركي بفرض إلغاء السرية عن تقرير استخباراتي حول مقتل الكاتب والصحافي السعودي جمال خاشقجي، متهمين الرئيس دونالد ترامب بحظر نشره بهدف حماية نظام آل سعود.
وطلب الكونغرس العام الماضي، من مدير الاستخبارات الوطنية، تسمية مَن أمر بقتل خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018، لكن مدير الاستخبارات قال إن المعلومات يجب أن تبقى سرية لعدم إلحاق الضرر بالأمن القومي.
وقال النائب توم مالينوفسكي الذي قاد حملة المطالبة بنشر التقرير، إنّ “الإدارة لم تحاول حتى أن تثبت لنا أن هذا الأمر (النشر) يمكن أن يتسبب بهذا النوع من الضرر”. وأضاف للصحافيين، وفق ما أوردته “فرانس برس”: “ما يخشونه باعتقادي واضح للغاية، إنهم يخشون إحراج شخص يملك علاقة وثيقة مع الرئيس ترامب وإدارته”.
وانضمت إلى مالينوفسكي، خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز التي قالت إنّ نزع السرية عن التقرير يجيب على “أسئلة حسّاسة”، مثل مَن أمر بقتله، وأين تم التخلص من رفاته. وأضافت أنّ “الخطوة الأولى لتحقيق العدالة لجمال هي في معرفة الحقيقة”.
وقال السيناتور الديمقراطي رون وايدن، إنّه سيستند إلى فقرة من قانون صادر عام 1976، تسمح للجنة الاستخبارات، التي هو عضو فيها، بنزع السرية عن التقرير.
وفي حال صوتت اللجنة للكشف عن التقرير، فسيكون أمام ترامب خمسة أيام لتقديم اعتراض مكتوب، وبعدها يمكن أن يصوّت مجلس الشيوخ، ذو الغالبية الجمهورية، على القرار.
وقال وايدن: “لقد كان هذا تستراً تاماً وكاملاً”، مضيفا أنّ عدم قيام بلادنا وأصدقائنا وشركائنا بأي تحرك رداً على “هذا الفعل الهمجي”، يوجه رسالة إلى العالم تبيح استهداف الصحافيين.
وتم استدراج خاشقجي، في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، إلى قنصلية المملكة في اسطنبول التركية، حيث تم خنقه وتقطيع جثته، وفقاً لمسؤولين أتراك وأميركيين.
وطالبت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، الخميس الماضي، نظام آل سعود بشفافية كاملة في الإجراءات القضائية الجارية، وبمحاسبة شاملة في ما يتعلق باغتيال خاشقجي على أيدي عملاء سعوديين.
وواجه ولي العهد محمد بن سلمان انتقادات دولية واسعة بعد مقتل الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست”، وقضت محكمة جنائية تابعة لنظام آل سعود بإعدام خمسة من قتلته، لكنها لم تحمِّل أي مسؤول بارز المسؤولية عن مقتله.
والشهر الماضي قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن بن سلمان استنتج بما لا يدع مجالا للشك بأن في وسعه قمع الصحافيين، والمناوئين له، وحتى المواطنين الأميركيين، دون أن يكون لذلك أي تبعات على العلاقات مع واشنطن، بما أنه لم يسجل أي رد فعل أميركي.
وأعادت الصحيفة للأذهان قضية قتل خاشقجي، الذي كان مقيما بالولايات المتحدة الأميركية ويكتب في صحيفة “واشنطن بوست” عمود رأي، وتم اغتياله قبل نحو 16 شهراً على يد فريق اغتيال سعودي.
وقالت الصحيفة إن الإدارة الأمريكية كررت مرات عدة أن الولايات المتحدة تحقق في القضية وستعاقب كل المتورطين، موضحة أنه باستثناء فرض حظر سفر على 21 شخصاً من غير الوارد أنهم سيزورون الأراضي الأميركي، لم تقم الإدارة الأميركية بأي إجراء آخر.
وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن الإدارة الأمريكية لم تستجب لطلب قدمه الكونغرس لتقديم تقرير له حول المتورطين في تدبير اغتيال خاشقجي، ومن يقف وراء ذلك، والمتلاعبين بالأدلة. وأكدت أن ذلك سيقود بالضرورة إلى اسم ولي العهد الذي خلصت وكالة الاستخبارات الأميركي “سي أي إيه” إلى أنه من أعطى الأوامر بقتل خاشقجي.