حكم محمد بن سلمان الفترة الأكثر وحشية في تاريخ المملكة
يواجه العشرات من معتقلي الرأي في سجون نظام آل سعود خطر تنفيذ عقوبة الإعدام بما يؤكد التسييس الحاصل للقضاء في المملكة والتلاعب به وفقا لرغبات السُّلطة وانحيازاتها.
وفي المملكة الكثير من القصص الأشد إيلاما وقسوة لم تروِها أقلام الصحفيين ولم ترصدها عدسات وسائل الإعلام لمعتقلي الرأي في فترة حكم ولي العهد محمد بن سلمان التي يمكن اعتبارها الفترة الأكثر وحشية في تاريخ المملكة.
وشملت سلسلة الاعتقالات بأوامر من بن سلمان على مدار العامين الماضيين مجموعة من دُعاة الإصلاح، والسياسيين، وبعضا ممن لا يطبّلون لصالح السُّلطة كما تصف جهات المعارضة السعودية.
وشملت هذه الحملة الداعية السعودي علي العمري وعوض القرني، وعددا من الشيوخ والدعاة، في إطار حملة اعتقالات قالت السلطات إنها موجهة ضد أشخاص يعملون لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة.
وفي شهر سبتمبر/أيلول 2018، أي بعد مرور عام على الاعتقال التعسفي للعودة دون مُحاكمة، ظهر الشيخ في جلسة استماع مغلقة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي محكمة شكَّلتها وزارة الداخلية السعودية للنَّظر في قضايا الإرهاب، ليوجّه النائب العام حينها للعودة 37 تهمة إرهابية، منها الانتماء لـ “منظمات إرهابية”، التي قالت النيابة إنَّها جماعة الإخوان المسلمين والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، كما وجّهت اتهاما سخر منه الكثير من النشاطين متمثلا فيما أسمته النيابة بـ “عدم الدعاء بما يكفي لولي الأمر”، كما وجهت للعودة تُهَما تشمل “إبداء التهكُّم والسخرية من إنجازات الحكومة”.
ووفق هذا الإعلان، علّق الإعلامي السعودي جمال خاشقجي على تلك التهم قبل اغتياله داخل القنصلية السعودية في تركيا بيومين، قائلا إن هذه الاتهامات السبع والثلاثين تكشف كل ما يحتاج أي إنسان إلى معرفته عن سيادة القانون في المملكة السعودية وحاكمها الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان. ويظهر هنا السؤال جليا: هل هناك حقا ما يُمكن تسميته بسيادة القانون في السعودية، ولماذا يَسمح القضاء بكل تلك الإعدامات؟
هذا ما صرحت به مؤسسة هيومن رايتس ووتش بعد أن قامت السلطات السعودية في 23 أبريل/نيسان 2019 بإعدام 37 رجلا إعداما جماعيا، وتقول المؤسسة إن 33 على الأقل من أصل الـ 37 المتهمين بالقضية أُدينوا في أعقاب محاكمات جائرة لمختلف الجرائم المزعومة، منها المرتبطة بالاحتجاج، والتجسس، والإرهاب.
وبالقياس، فإن ما جرى يجعل توقعات إعدام الدعاة، وعلى رأسهم الشيخ “سلمان العودة”، ممكنة، فلدى السلطات السعودية ماضٍ عريق مع الحكم بالإعدام، بل يبدو باطّراد تساهل القضاء السعودي ومن ورائه السُّلطة بقطع رأس متهم، ليتعظ الجميع.
تُضيف هيومن رايتس ووتش أن هذا الإعدام الجماعي لـ 37 رجلا هو الأكبر منذ يناير/كانون الثاني 2016، حين أعدمت السعودية 47 رجلا بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية. وبهذا الإعدام الجماعي تكون السعودية قد نفّذت أكثر من 100 إعدام حتى الآن في 2019، بما في ذلك 40 إعداما لجرائم المخدرات، وهي نسبة أعلى بكثير من السنوات السابقة.
ودون الحاجة إلى كثير تحليل، فإن تزايد نفوذ ولي العهد محمد بن سلمان ساهم وبصورة أساسية في تسريع وتيرة الإعدام، حيثُ كشف تحقيق لمنظّمة حقوقية بريطانية، في مارس/آذار 2018، تسجيل أعلى عدد من الإعدامات بالسعودية خلال ولاية ابن سلمان التي بدأت منذ تعيينه وزيرا للدفاع في عام 2015.
وأكّد التحقيق ذاته أن الإعدامات تزايدت منذ يوليو/تموز 2017، أي بعد تعيين ابن سلمان وليا للعهد في يونيو/حزيران من العام نفسه، وهذا ما أكدته إحصاءات منظمة “ريبريف” الحقوقية، والتي تتخذ من لندن مقرا لها، والتي استندت في نتائجها إلى تقارير وسائل الإعلام الرسمية.
ووضّح التقرير أن السلطات السعودية بعد تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد، ما بين يوليو/تموز 2017 حتى فبراير/شباط 2018 فقط، نفذت 133 عملية إعدام في المملكة، مقارنة بـ 67 إعداما في الأشهر الثمانية السابقة، من أكتوبر/تشرين الأول 2016 وحتى مايو/أيار 2017.
وصرّحت مديرة “ريبريف” مايا فوا: “إن مضاعفة عمليات الإعدام تكشف أن بن سلمان يُخفي تحت صورته العامة اللامعة أشد الصور وحشيّة في تاريخ المملكة الحديث”، وهي الأرقام ذاتها التي تُقارب ما عرضته منظمة العفو الدولية.