قالت مجلة إيكونوميست (Economist) الدولية إن حكام السعودية يغامرون بحروب خارجية للتغطية على إخفاقاتهم الكبيرة في داخل المملكة.
وذكرت المجلة أن “حكام السعودية يُخفون إخفاقاتهم وراء علم الوطن والمشاعر الوطنية، ويغامرون بحروب خارجية لصرف الانتباه عن إخفاقاتهم الكبيرة في الداخل، حيث يحب المستبدون وجود عدو خارجي، ويصدقون أحياناً دعايتهم الخاصة، لكن هذه الأخطاء ستؤدي في النهاية إلى سقوطهم”.
وتناولت المجلة تطورات الوضع العسكري الميداني في اليمن، كاشفة أوجه “الربح والخسارة” لكلا الفريقين المتحاربين واللاعبين الإقليميين خاصة إيران، معتبرةً أن السعودية تورطت في المستنقع اليمني وعاجزة عن إيجاد طريقة للخلاص.
وأكدت أن التحالف الذي تقوده السعودية انسحب من الحديدة ذات الموقع الإستراتيجي الهام كونها الميناء الرئيسي لليمن على ساحل البحر الأحمر في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، ساخرا من إنكار السعودية لما حدث بأنه انسحاب. ومذكرا بسخرية جنرال أمريكي أثناء الحرب الكورية وقوله إن قواته المحاصرة لم تتراجع، بل “تتقدم في اتجاه مختلف”.
وقالت المجلة إن “التقرير إن انسحاب القوات السعودية كان مفاجئا للجميع تقريبًا .حتى لمراقبي الأمم المتحدة الذين تم نشرهم لمراقبة وقف إطلاق النار في المنطقة منذ عام 2018”.
وسخرت المجلة من اعتبار السعودية هذا الانسحاب يمثل تحولًا كبيرًا في الخطوط الأمامية. معتبرا أن هذه التصريحات جاءت بهدف التقليل من شأن ما حدث.
وبحسب قول التحالف، كان الانسحاب خيارًا استراتيجيًا (ربما تأثر بالإمارات العربية المتحدة الشريك في التحالف الذي يدعم المقاتلين المحليين).
ولفتت المجلة إلى أن الهدف من اتفاق وقف إطلاق النار القديم، الموقع في ستوكهولم، أن يكون خطوة أولى نحو سلام أوسع بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا.
وأوضحت أن الحوثيين لم ينسحبوا من الحديدة أبدًا كما كان مطلوبا. وبينما قللت الهدنة من العنف، تم انتهاكها بشكل روتيني. مع الجمود على الأرض، وهو ما دفع ربما قوات التحالف للانتشارفي مكان آخر.
وشددت المجلة على أن الحديدة كانت ذات يوم من أولويات التحالف. أما اليوم فإنها تمثل عرضًا جانبيًا للمعركة الأكبر التي تحدث على بعد 260 كيلومترًا (162 ميلًا) إلى الشمال الشرقي ، في مأرب.
وأشارت إلى أن الحديدة التي كانت ذات يوم واحة سلام نسبيًا. تستضيف حوالي مليون نازح داخليًا، وتحتوي مصفاة النفط الوحيدة في شمال اليمن. كما تمثل طريقا سريعا يربط اليمن بالمملكة العربية السعودية.
كما أشارت إلى أن الاستيلاء على مأرب يمثل انتصارًا رمزيًا واستراتيجيًا – ويبدو أن الحوثيين لهم اليد العليا بشكل متزايد. موضحا أنه منذ أن صعد الحوثيين من اندفاعهم نحو مأرب في فبراير، استقر الطرفان في حرب استنزاف طويلة.
وتنشر وسائل الإعلام الموالية للسعودية قصصًا متكررة عن الضربات الجوية التي قتلت العشرات من الحوثيين.
وبحسب تقرير المجلة، لا تنكر الجماعة التكلفة. إذ تقول وزارة الدفاع التي يسيطر عليها الحوثيون إن 14700 من مقاتليها قتلوا في مأرب منذ يونيو / حزيران فقط.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 40 ألف شخص نزحوا في مأرب خلال الشهرين الماضيين.
فيما زاد القتال من بؤس اليمنيين حيث يحتاج حوالي 80٪ من سكانها البالغ عددهم 30 مليون نسمة إلى المساعدة للبقاء على قيد الحياة.
في حين يعاني أكثر من مليوني طفل من سوء التغذية الحاد.
وفيما يتعلق بسعر العملة، لفت التقرير إلى أن سعر الريال اليمني سجل مستويات قياسية عدة مرات هذا العام في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. مما ترك العديد من العائلات غير قادرة على تحمل تكاليف الطعام والضروريات الأخرى.
واعتبر التقرير أن للوم في المأزق الدبلوماسي الذي تشهده اليمن يقع عاتقه إلى حد كبير على الحوثيين الذين يعتقدون أنهم ينتصرون ولا يرون سبباً كافياً للتفاوض.
وعلى النقيض، السعوديون يزدادون يأسًا لإنهاء الحرب، ولو لأسباب تتعلق بمصالحهم الشخصية فقط.
وحول هذا الأمر قال التقرير إن الصراع الذي تم بيعه للجمهور في عام 2015 أصبح مستنقعًا، كلف المملكة مليارات لا حصر لها وألحق الضرر بالعلاقات مع الشركاء الرئيسيين لا سيما أمريكا، كما قام الحوثيون بشن هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ متكررة.
وبحسب التقرير، يتحرك السعوديون لتعزيز دفاعاتهم الحدودية في انتظار المزيد من تقدم الحوثيين في مأرب. مع تعثر المحادثات الأمريكية والأمم المتحدة، بدأ السعوديون التفاوض مع خصمهم اللدود إيران التي دعمت الحوثيين بالسلاح والمال.
وأجرت القوتان الإقليميتان محادثات منخفضة المستوى في وقت سابق من هذا العام. ومع ذلك ، ليس لدى السعوديين الكثير لتقديمه لإيران التي تسعد برؤية عدوها ينزف.
واختتم التقرير بالقول أنه “حتى لو أرادت إيران المساعدة، فمن المحتمل أنها لا تملك سيطرة كافية على الحوثيين لإجبارهم على عقد صفقة، في حين أن السعوديين حريصين على تقليص خسائرهم إلا أنهم لا يستطيعون إيجاد طريقة للقيام بذلك”.