أصدرت السعودية تعديلا على حق الجنسية السعودية تضمن خداعا صريخا غرضه الدعاية الحكومية وبروباغاندا تجعل من اللا شيء انجاز عظيم.
إذ عند التدقيق التعديل الصادر يتضح أنه لم يتغير الوضع عن السابق، ولا تستطيع المرأة السعودية ان تمنح الجنسية لأبنائها بشكل تلقائي، بل إن الموضوع مازال جوازي وليس حق طبيعي، وكل ما في الامر انتقال سلطة الموافقة من وزير الداخلية لرئيس مجلس الوزراء.
وأوردت وسائل إعلام سعودية إصدار الملك سلمان بن عبدالعزيز مرسوما بتعديل إحدى مواد قانون نظام الجنسية.
ويتعلق التعديل بالمادة 8 من قانون الجنسية، حيث تضمن إحلال عبارة “بأمر من رئيس مجلس الوزراء” بناء على اقتراح وزير الداخلية محل عبارة “بقرار من وزير الداخلية”.
وتنص المادة الثامنة من نظام الجنسية السعودية قبل التعديل على أنه يجوز منح الجنسية السعودية بقرار من وزير الداخلية لمن ولد داخل المملكة من أب أجنبي وأم سعودية إذا توفرت الشروط المطلوبة.
وبحسب المادة رقم 9، يجوز منح الجنسية العربية السعودية للأجنبي الذي تتوافر فيه عدد من الشروط، وتشمل: أن يكون عند تقديم طلب الجنسية العربية السعودية قد بلغ سن الرشد، واكتسب صفة الإقامة لمدة لا تقل عن 10 سنوات متتالية.
وتشمل الشروط أيضاً أن يكون سليم العقل والجسم، وأن يكون حسن السيرة والسلوك، وألا يكون قد صدر عليه حكم قضائي بالسجن في جريمة أخلاقية لمدة تزيد على 6 أشهر، وأن يكون من أصحاب المهن التي تحتاج إليها البلاد.
ويستثنى من هذا الشرط من ولد في المملكة لأم أجنبية وأب مجهول، وأن يثبت ارتزاقه بطرق مشروعة، ومن الشروط أن يجيد اللغة العربية تحدثاً وقراءة وكتابة.
ويشفع طالب التجنس بطلبه تصريح الإقامة وجواز سفره، أو أي وثيقة تعدها السلطات المختصة قائمة مقام الجواز، وكل وثيقة تتعلق بالجنسية التي ينسلخ منها، وكل ورقة تؤيد ما هو مطالب بإثباته بمقتضى أحكام هذا النظام.
وين الحين والآخر، تتجدد قضية تجنيس أبناء السعوديات المتزوجات من أجانب، في قضية تعكس مدى تجاهل النظام السعودي لحقوق المواطنين والمقيمين في المملكة.
وتداول مغردون وسم #تجنيس_أبناء_السعوديات_خطر اعترض فيه كثير من السعوديين على منح الجنسية لأبناء المواطنات لأسباب مختلفة برز منها الهاجس الأمني.
بينما يرى أبناء السعوديات أنهم يستحقون نيل الجنسية لاعتبارات الولادة والنشأة واكتساب الثقافة المجتمعية في المملكة.
وطبقا لإحصائيات نشرتها وسائل إعلام محلية، فإن عدد أبناء السعوديات المقيمين في المملكة يقدر بمليون و500 ألف، فيما يبلغ عدد السعوديات المتزوجات بأجانب 700 ألف امرأة.
وبالرغم أن من القانون يعطي وزير الداخلية الصلاحية لتجنيس أبناء السعوديات، إلا أن كثير من هذه الفئة يجدون صعوبة في الحصول عليها حتى وإن كانوا مستوفين لشروط قانون الجنسية السعودية.
تجاهل حكومي
“اعتبر نفسي في ضياع”.. هكذا تقول الشابة حورين عالم وهي تشرح قصتها التي تمثل معاناة لمئات الآلاف من أبناء السعوديات الذين يعيشون في المملكة، دون أن يتمتعوا بحقوق مواطنين.
وقالت حورين عالم (25 عاما) إنها قدمت طلبا للحصول على الجنسية السعودية منذ أن كان عمرها 18 عاما وفقا للقوانين، إلا أنها لم تحصل عليها حتى الآن.
وأوضحت الشابة المولودة لأب باكستاني وأم سعودية: بحسب اللوائح، يجب أن نقدم الطلب وفقا لشروط معينة منها أن يبلغ الشخص 18 عاما، وهذا ما فعلته بعد أن سبق لشقيقي الأكبر أن أقدم على الخطوة ذاتها ولكن دون جدوى.
كما يقول طلال (اسم مستعار) إن هناك قانونا يعطي أبناء السعوديات الحق في اكتساب الجنسية، لكنه غير مفعل لأسباب يراها مجهولة.
ووفقا لقانون الجنسية العربية السعودية، فإنه يحق للأجنبي المتزوج من المرأة السعودية اكتساب الجنسية.
“أما أولاده الذين بلغوا سن الرشد أثناء دورة معاملة والدهم فيجوز لوزير الداخلية منحهم الجنسية (…) إذا كانت إقامتهم النظامية في المملكة لا تقل عن خمس سنوات، وقدموا طلبا بذلك خلال سنة من تاريخ منح والدهم الجنسية”.
وأكد طلال، وهو مولود لأم سعودية وأب أجنبي، امتلاكه لطلب رسمي للحصول على الجنسية السعودية في وزارة الداخلية، لكنه يقول إنه يشعر بالمماطلة في الموافقة على طلبه، كما هو الحال مع الآخرين من الحالات المماثلة.
وأضاف طلال: “لقد استوفيت كامل الشروط التي تطلبها الداخلية للحصول على الجنسية، لكني أشعر بالمماطلة في الموافقة على الطلب من قبل المسؤولين حيث نسمع تبريرا جديدا كلما ذهبنا للمراجعة”.
أما حورين، فتقول إن النظام السعودي يعطيهم ردودا مختلفة في كل مرة يذهبون فيها لمراجعة طلباتهم، مؤكدة أنها تستحق نيل الجنسية السعودية لاعتبارات عدة.
وتابعت: “اعتبر نفسي سعودية في كل شيء إلا في الأوراق الرسمية. ولدت هنا وعشت وترعرعت في المملكة. اكتسبت عادات وتقاليد هذا الوطن الغالي ولا أعرف عن باكستان شيئا”.
في الاتجاه ذاته، أشار طلال، إلى أنه لم يعرف غير السعودية وطنا حتى بات يدافع عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأنه لا يشعر بانتماء لوطن آخر، على حد تعبيره.
وقال إنه اكتسب عادات وتقاليد البلد ولا يعرف أي شيء عن موروث بلده الأم.
ولم يسبق لعالم زيارة موطنها باكستان، كما أنها لا تجيد التحدث باللغة الباكستانية إطلاقا.
وقالت، وهي تتحدث بلهجة سعودية، إنها ترفض الاعتراف بباكستان كوطن، في المقابل ترفض السعودية الاعتراف فيها كمواطنة، وفقا لوصفها.
وتقول بمرارة: “اعتبر نفسي في ضياع”.
وأكدت حورين أنها تعامل في الدوائر الرسمية كأجنبية، على الرغم من منح أبناء السعوديات أولوية في التوظيف بعد السعوديين.
طلال هو الآخر كما حوران، لم يزور بلده، ويكتفي بتجديد جواز سفره في سفارة بلاده لدى الرياض.
ويرفض طلال الإفصاح عن هويته أو أي معلومات شخصية أخرى بسبب حساسية الأمر.
مناقشة رسمية
وفي أواخر مايو الماضي، قالت صحيفة “عكاظ” إن مجلس الشورى السعودي سيناقش مشروع تعديل نظام الإقامة لصالح أبناء المواطنات المتزوجات من غير سعوديين.
في المقابل، قال أمين عام جمعية “إعلاميون” ناصر الغربي، إن قرار الحصول على الجنسية السعودية، سيادي للمملكة ولا يمكن التدخل فيه.
وأضاف الغربي: “هناك من يرى أن بعض أبناء السعوديات يستحقون فعلا الحصول على الجنسية، باعتبار أنهم مولودين في المملكة واكتسبوا ثقافة البلد، إلا أن هذا الأمر منوط بالجهات الرسمية وفقا للأنظمة والتشريعات التي تضبط وتؤطر مثل هذه الأمور”.
وفي أكتوبر الماضي، أقر العاهل السعودي تعديلات جديدة لأبناء السعوديات الذين تزوجوا من أجانب بموافقة الجهات المختصة، تتضمن تحمل الدولة رسوم إقامتهم.
والسماح لهم بالعمل لدى الغير في القطاع الخاص دون نقل كفالتهم من والدتهم، بالإضافة إلى معاملتهم معاملة السعوديين من حيث الدراسة والعلاج، ويحتسبون ضمن نسب السعودة في القطاع الخاص.
إلى ذلك، يعلق طلال على ما يثيره بعض السعوديين الذين يرفضون منح أبناء المواطنات الجنسية لدواعِ أمنية
قائلا: “الهاجس الأمني موجود في كل مكان والجريمة لا ترتبط بجنسية معينة، ثم أن هناك ما يشترط حسن السيرة والسلوك في استحقاق الجنسية”.
في هذا الجانب، اعتبرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان منح الجنسية لأبناء السعوديات المتزوجات من غير سعوديين بـ “الأمر الذي يحتاج إلى اهتمام أكبر”.
وفي تصريح يعود للعام 2016، قال رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتور مفلح القحطاني:
“إن نظام الحكم في المملكة يؤكد على وحدة الأسرة ودعمها وتوثيق أواصرها، وأن وجود جنسيات مختلفة في داخل الأسرة الواحدة يعد من المؤثرات التي تؤدي إلى صعوبات مستقبلية”.
وأشار القحطاني إلى أن أبناء السعوديات اندمجوا مع المجتمع المحلي، ولا يعرفون الكثير عن أوطانهم الأصلية، موضحا أن المشاكل تتفاقم لدى هؤلاء حال وفاة والدهم الأجنبي.