أفادت تقارير واردة من الرياض بأن قرار حظر صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية سيكون مطروحًا للنقاش مرة أخرى قبل نهاية العام، بعد أن تم تمديده عدة مرات.
وتشير التقارير إلى أن ألمانيا لا يبدو أنها تخطط لرفع الحظر، على الرغم من الطلبات السعودية المتكررة للقيام بذلك.
كما أن الحكومة الألمانية عازمة على عدم الخضوع لضغوط شركات الدفاع الألمانية والأوروبية لتخفيف الحظر، في ظل الصعوبات المالية التي تواجهها هذه الشركات.
علاوة على ذلك، لم تتلق وزارة الخارجية السعودية أي إشارة حديثة من نظيرتها الألمانية حول إمكانية رفع الحظر.
على العكس من ذلك، يبدو أن ألمانيا مصممة على تمديد هذا القرار لسنة إضافية، بعد انتهاء الحظر في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وبحسب التقارير؛ فلن تتراجع ألمانيا عن قرارها إلا إذا أنهت السعودية مشاركتها في حرب اليمن وأفرجت عن سجناء الرأي في المملكة، لكن ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” يرفض هذه المطالب.
وتتصاعد الضغوط الحقوقية في ألمانيا لاتخاذ قرار حاسم بوقف نهائي لصادرات الأسلحة والمعدات العسكري إلى نظام آل سعود على خلفية ما يرتكبه من جرائم بحق المدنيين في اليمن لاسيما الأطفال.
وأظهرت دراسة مؤخرا أن أسلحة ألمانية تُستخدم في بلاد عديدة، يجند فيها أطفال أو يموت فيها أطفال بسبب الحروب، مثل اليمن. ورداً على ذلك دعت المعارضة الألمانية الحكومة إلى تقييد الصادرات وإصدار قانون للرقابة على تصدير الأسلحة.
وأعربت منظمتان حقوقيتان عن استيائهما من انتهاكات حقوق الأطفال بسبب صادرات الأسلحة الألمانية لأنظمة متورطة بحروب خارجية على رأسها نظام آل سعود.
وانتقدت منظمتا “بروت فور دي فيلت” (خبز لأجل العالم) ومنظمة “تير ديس هومس” (أرض البشر) في دراسة أن ألمانيا تورد أسلحة وذخيرة إلى دول نزاع يتم قتل أطفال بها أو تجنيدهم بها.
وتحمل الدراسة اسم “أسلحة صغيرة في أيد صغيرة- صادرات الأسلحة الألمانية تنتهك حقوق الأطفال”.
وأشار القائمون على هذه الدراسة إلى دول مثل السعودية والإمارات اللتان تقود تحالفا عسكريا في حرب اليمن منذ عام 2015، وأضافوا أنه بحسب بيانات الأمم المتحدة، لقى ثمانية آلاف طفل على الأقل حتفهم أو تعرضوا للتشويه في هذا النزاع، نصفهم تقريباً (3550 منهم) من قبل التحالف العسكري الذي تقوده السعودية.
وأشاروا أيضاً إلى “أن التحالف اقترف انتهاكات خطيرة ضد حقوق الأطفال، مثل القيام بهجمات على مدارس ومستشفيات”.
وجاء في الدراسة: “ومع ذلك حصلت الدول الأعضاء بهذا التحالف العسكري منذ عام 2015 على تصريحات لصادرات أسلحة ألمانية بقيمة 6.4 مليار يورو (!) لمجموعة واسعة من أنظمة الأسلحة، بدءاً من الأسلحة الصغيرة وصولاً إلى الطائرات المقاتلة… كثيرا منها تمت الاستعانة به في حرب اليمن أيضاً”.
وطلب القائمون على الدراسة وقف التصدير. وقال رالف فيلينغر، الخبير بحقوق الأطفال لدى منظمة “تير ديس هومس”: “صادرات الأسلحة إلى هذه الدول التي تم التوثيق من خلالها لأفظع انتهاكات حقوق الأطفال تعد انتهاكاً لاتفاقية حقوق الأطفال للأمم المتحدة ولـ ‘الموقف المشترك’ الخاص بالاتحاد الأوروبي بشأن صادرات الأسلحة”.
وذكرت زيلكه بفايفر من منظمة “بروت فور دي فيلت” الألمانية أن “ألمانيا قلما تفحص إذا ما كانت الأسلحة المسلمة تظل لدى متلقوها أم لا”، لافتة إلى أنه دائماً ما تحدث انتهاكات لما يسمى بالإخطار عن الوجهة النهائية.
وأضافت بفايفر أن “الدراسة تثبت أن دولاً مثل الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا انتهكت ذلك أيضاً بصورة متكررة وعلى الرغم من ذلك فإنهما من بين أكبر المتلقين للأسلحة الألمانية”.
ورداً على الدراسة دعا السياسي المدافع عن حقوق الإنسان كاي غيرينغ، من حزب الخضر المعارض، إلى إصلاح قانوني شامل وإصدار قانون للرقابة على تصدير الأسلحة.
وانتقد غيرينغ “رغم وعود الحكومة الاتحادية لا تزال كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة والذخيرة تصل إلى مناطق الحرب”، مضيفاً: “كثيرا ما تقع الأسلحة الألمانية في أيدي الجنود الأطفال”.
وكرر بيرند ريكسينغر، رئيس حزب اليسار (دي لينكه) دعوة حزبه لفرض حظر كامل على صادرات الأسلحة. وأوضح أن “الكلمات الرائعة للحكومة الاتحادية حول سياسة أكثر تقييداً لتصدير الأسلحة أثبتت أنها مراراً وتكراراً أنها مجرد وعود فارغة” وأضاف: “صادرات الأسلحة الألمانية تقتل الناس”.
أما غايده ينسن، رئيسة لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الألماني، وهي سياسية بالحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) فقالت إن “الائتلاف الكبير (االحكومة) فشل هنا في عقد الائتلاف الذي وقعه”.
وأضافت أن هذه الحوادث تظهر مرة أخرى أننا بحاجة ماسة إلى الشفافية وبحاجة إلى إرشادات مفهومة في مراقبة تصدير الأسلحة – والأفضل أن يكون موحد على مستوى الاتحاد الأوروبي “.