قالت دراسة دولية إن نظام آل سعود يتصدر طليعة الدول التي انتهكت القانون الدولي الإنساني من خلال حرب اليمن المستمرة منذ أكثر من خمسة أعوام وخلفت عشرات آلاف الضحايا بين القتلى والجرحى.
واتهمت منظمة غرينبيس (السلام الأخضر)، ألمانيا، بمخالفة معايير تصدير السلاح بشكل متكرر منذ عام 1990، واستندت المنظمة في اتهامها إلى نتائج الدراسة.
وكتب معدو الدراسة أن “الأسلحة الحربية ومعدات التسليح الأخرى التي يتم استخدامها في حرب اليمن واردة من ألمانيا أيضا”.
وأجرت الدراسة، مؤسسة (هيسن لأبحاث السلام والصراع) التابعة لمعهد لايبنيتس حيث أعدت قائمة ضمت حالات تصدير سلاح إلى جهات تمثل إشكالية في الأعوام الـ30 الماضية.
وذكرت الدراسة أنه في أيلول/سبتمبر 2014، تعاملت الشرطة في المكسيك على سبيل المثال بعنف مع احتجاجات الطلبة مستخدمة بنادق جي36- الواردة من ألمانيا، وقتلت العديد من الطلبة.
يذكر أن المبادئ السياسية للحكومة الألمانية لعام 1971 والخاصة بتصدير أسلحة حربية ومعدات التسليح الأخرى تنص على التعامل بشكل مقيد مع التصدير إلى الدول المعروفة باسم (دول ثالثة) وهي مجموعة الدول من خارج الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو) أو من في مستواها.
وبموجب هذه المبادئ لا يتم السماح بالتصدير إلى هذه الدول “ومن الممكن الحديث عن إصدار تصريح استثنائي في حالات فردية تنطوي على مصالح خاصة على صعيد السياسة الخارجية والأمنية لجمهورية ألمانيا الاتحادية مع مراعاة مصالح التحالف (الأطلسي)”.
وأشارت الدراسة إلى أن ما يصل إلى 60% من صادرات السلاح الألمانية في السنوات العشر الماضية، ذهبت بشكل متكرر إلى هذه الدول (الثالثة).
وقال الكسندر لورتس، خبير التسليح في غرينبيس إن الأسلحة الألمانية تظهر بشكل ممنهج في مناطق الحروب وفي أيدي الديكتاتوريين، ونحن بحاجة ملحة إلى قانون صارم لتصدير السلاح يحظر التصدير إلى دول ثالثة وينهي هذا التقويض المتعمد والممنهج لإرشادات التصدير.
ورصدت وزارة الدفاع البريطانية، مؤخرا، أكثر من 500 غارة شنها التحالف السعودي في حرب اليمن تشكل انتهاكا محتملا للقانون الدولي، رغم تبرير لندن قرارها باستئناف بيع الأسلحة للرياض بوقوع “حوادث معزولة فقط”.
وذكر تقرير لصحيفة (غارديان) البريطانية أن غارات التحالف السعودي بحسب الرصد الرسمي البريطاني طالت المدارس والمستشفيات والمنازل، وحولت تجمعات سكانية إلى مذابح وأدخلت اليمن في أزمة إنسانية خانقة.
وردا على سؤال عاجل في مجلس العموم بشأن استئناف مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية، رفض وزير التجارة، غريغ هاندز (Greg Hands)، تحديد عدد حوادث القصف التي استعرضتها المملكة المتحدة قبل موافقتها على منح تراخيص تصدير الأسلحة مرة أخرى للرياض.
وقال أيضا إنه لن ينشر أي تقارير حكومية بريطانية عن ضربات سعودية في اليمن، منوها إلى أنه لا يملك “حرية القيام” بذلك، لأن معلومات من هذا النوع يفترض أن تصدر من مصادر تحظى بالسرية.
لكن -وبعد سؤال مكتوب من أحد نواب حزب العمال طلب فيه حصر عدد الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني التي اقترفها التحالف السعودي الإماراتي منذ عام 2015 في اليمن- رد وزير الدفاع جيمس هيبي (James Heappey) بأن “عدد حالات الانتهاك المحتملة بلغت حتى 4 يوليو/تموز الجاري، وفق قاعدة بيانات وزارة الدفاع، المعروفة بـ “تراكر” (Tracker 535) حالة”.
وورد في الرد المكتوب أنه من بين 535 حالة، 19 حالة تم تسجيلها “بشكل مكرر”، أي أن بعض الحوادث تم تسجيلها في أكثر من مناسبة على الأرجح بسبب الطبيعة غير المتكاملة لنظام الرصد، ليبقى عدد الحالات المعروفة 516 على الأقل.
وكانت آخر مرة تم فيها نشر عدد مماثل من الحوادث من قبل الحكومة البريطانية في ديسمبر/كانون الأول 2017 عندما تم تسجيل 318 حادثا، وهو ما يمثل زيادة قدرها 200 حالة أو يزيد قليلا خلال عامين ونصف العام.
كما قضت محكمة الاستئناف العام الماضي خلال مراجعة قضائية بأن مبيعات الأسلحة البريطانية إلى المملكة كانت “غير قانونية”، لأنه لم يتم إجراء أي تقييم داخلي لشرعية الحملة السعودية من قبل الحكومة البريطانية.
وقالت حملة مكافحة تجارة الأسلحة (Campaign Against Arms Trade) -وهي منظمة بريطانية مناهضة للتجارة الدولية للأسلحة- إنها تدرس حاليا جميع الخيارات القانونية المتاحة للطعن في قرار الحكومة باستئناف مبيعات الأسلحة للمملكة، وإن “التبرير الوزاري غير الكافي” المقدم يشجع النشطاء للاعتقاد بأن أي إجراء آخر في المحكمة يمكن أن ينجح.
وقال أندرو سميث (Andrew Smith) المتحدث باسم الحملة، “تدعي الحكومة بأن انتهاكات القانون الدولي الإنساني في اليمن حوادث معزولة، لكن بيانات وزارة الدفاع نفسها تؤكد وقوع 516 حادثا”.
وفي 15 يوليو الجاري ارتكب نظام آل سعود مجزرة جديدة بحق المدنيين خلفت عشرات الضحايا وسط تنديد واسع من اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت مصادر يمنية إن 25 مدنيا بينهم نساء وأطفال قتلوا جراء غارة لطائرات التحالف العسكري السعودي الإماراتي في مجزرة جديدة استهدفت بيوتا في منطقة المساعفة شرق مدينة الحزم المركز الإداري لمحافظة الجوف شمالي اليمن.
وأضافت المصادر أن عددا من الضحايا نقلوا للمستشفيات في المنطقة التي كانت تشهد حفل زفاف، وأن الغارة أدت إلى تدمير ثلاثة منازل، بينما تحولت جثث بعض القتلى إلى أشلاء في مجزرة جديدة .
ويشهد اليمن للعام السادس، قتالا عنيفا بين القوات الحكومية التي يدعمها التحالف بقيادة المملكة منذ مارس/آذار 2015، وجماعة الحوثي المدعومة إيرانيا، والمسيطرة على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.
وخلّفت الحرب أحد أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إذ بات أكثر من 80% من سكان اليمن يعتمدون على مساعدات للبقاء على قيد الحياة.