تثبت سلسلة حقائق تهديد ولي العهد محمد بن سلمان حاضر ومستقبل السعودية في ظل ما يتبناه من سياسات تقوم على القمع وإضعاف للمملكة سياسيا واقتصاديا خدمة لنفوذه الشخصي.
ويجمع مراقبون على أن بن سلمان تحكمه أفكارا وقناعات وتخيّلاتٍ مهيمنة عديدة، أخطرها ظنه أنه يحسن صنعاً بتغييره لوجه المملكة السياسي والديني، وقمعه للأصوات المعتدلة.
لكن بن سلمان في الواقع يضعف السعودية ويسير بها نحو التفكك، وبالعائلة المالكة نحو الصراع والاقتتال في ظل صراع العرش والنفوذ المستمر.
ويشير المراقبون إلى بطش بن سلمان بخصومه ومعارضيه وتنفيذه حملات اعتقالات استباقية متكررة لإبعاد كل من يمكن أن يشكل منافسا له على السلطة.
ووصل الحال في المملكة لدرجة أن مجرد من يترحم على الملك عبدالله أو يذكر عهده بخيرٍ يُستدعى للتحقيق، ويُجبر على كتابة تعهد ما يعبر عن الدرجة التي وصل إليها هوس بن سلمان بمحو العهد السابق ورجاله والقضاء على ذكرهم.
ومؤخرا توقعت دراسة إسرائيلية مستقبل قاتم للمملكة السعودية بعد وفاة الملك سلمان بن عبد العزيز الذي قد يغادر هذا العام 2021م.
ورجحت الدراسة أنه بعد موت الملك سلمان قد يحدث انقلابا في السعودية، وقد تستغل إيران الفرصة لتوسيع دائرة اضطراباتها في المنطقة الشرقية.
لكن معسكر محمد بن سلمان-بحسب الدراسة- يتمكن من السيطرة على الوضع.
وبعدها تتم تولية شقيقه خالد بن سلمان (نائب وزير الدفاع الحالي) السلطة في السعودية، بحسب الدراسة.
وأضافت “ستميل السلطة الجديدة إلى التركيز على الشأن السعودي الداخلي والتخلي عن الحرب في اليمن”.
وذكرت أن الولايات المتحدة ستدفع بهذا الاتجاه عقب مقتل ابن سلمان.
وعمل على إعداد الدراسة ثلاثة باحثين هم آري هيستين الذي يعمل في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي وهو المركز الأقرب إلى نتنياهو.
أما الثاني فهو دانييل راكوف الذي عمل ضابط استخبارات عسكرية في الجيش الإسرائيلي خاصة مجال تحليل المعلومات.
أما الثالث فهو يوئيل غوزانسكي وهو باحث في معهد الشرق الأوسط ومتخصص في الأبعاد السياسية والأمنية لدول الخليج.
وجاءت الدراسة الإسرائيلية بعنوان كيف سيبدو الشرق الأوسط عام 2030.
وسبق أبرز تقرير سويسري شن ولي العهد محمد بن سلمان حملة اعتقالات استهدفت أقرب منافسيه على العرش شملت أمراء بارزين قد ينافسوه على خلافة والده “سعيا منه لاستباق أي محاولة انقلاب ضده”.
واعتبرت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ أن “هذه المحاولة الانقلابية ليست بالمفاجأة في ظل السياسات المتناقضة، التي ينتهجها بن سلمان والتي لا يتراجع عن تنفيذها ولو بالعنف”.
وقال مراسل شؤون الشرق الأوسط كريستيان فايسفلوغ في الصحيفة إن بن سلمان صنع أعداء له في السنوات الأخيرة، وقد أثار مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تشرين أول/أكتوبر 2018 تساؤلات حول مدى قدرة ولي العهد على قيادة شؤون البلاد.
وأضاف “في إطار سعيه الدؤوب للوصول إلى السلطة قام بن سلمان بانقلاب آخر لإبعاد أي منافس له عن دائرة الحكم، حيث اعتقل 20 أميرًا سعودياً والعشرات من ضباط الجيش ومسؤولين من وزارة الداخلية”.
وأشار إلى من بين الأمراء البارزين أحمد بن عبد العزيز، الأخ الأصغر لبن سلمان، وولي العهد السابق محمد بن نايف.
تهمة هؤلاء التواصل مع الولايات المتحدة ودول أجنبية أخرى للتخطيط لانقلاب ضده.
رواية تبدو غير مقنعة بالنظر إلى أن محمد بن نايف يخضع للإقامة الجبرية منذ خلعه من منصبه قبل ثلاث سنوات بحسب الصحيفة.
وأفراد العائلة المالكة المعتقلين قد يواجهون عقوبة بالسجن مدى الحياة أو حتى الإعدام بتهمة الخيانة، وإن تم إطلاق سراح عدد من الأمراء مساء الأحد الماضي”.
ورأى المراسل أن “هذه المحاولة الانقلابية ليست بالمفاجأة في ظل السياسات المتناقضة، التي ينتهجها الأمير الطموح والتي لا يتوانى عن تنفيذها ولو بالعنف”.
وقال إن “بن سلمان هو القوة الدافعة وراء الانفتاح الاجتماعي وسياسة التنوع الاقتصادي في بلاده
وهو الذي جمح نفوذ الشرطة الدينية وسمح للسياح الغربيين بدخول البلاد وسمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة والسفر بدون إذن ولي الأمر”.
وأضاف: لاهذه التغييرات السريعة في الداخل السعودي صاحبها قرارات خارجية، لم تحظ بتأييد جامع، وأولها التدخل العسكري الفاشل في اليمن ومقاطعة قطر.
“محمد بن سلمان لا يتواني عن استخدام العنف لتحقيق رؤيته السياسية وحملة البطش لم تقتصر على شيوخ الكراهية بل شملت أيضًا رجال دين معتدلين ونشطاء في مجال حقوق المرأة”.
كما شن بن سلمان حملة اعتقالات في خريف 2017 ووضع 500 أمير ورجل أعمال تحت الإقامة الجبرية في فندق ريتز كارلتون الفاخر.
وتفيد تقارير بأنهم اضطروا إلى دفع 100 مليار دولار من أموالهم لشراء حريتهم.
واعتقال ولي العهد السابق محمد بن نايف يشي بخوف بن سلمان من فقدان العرش وقد بات قاب قوسين أو أدنى من الوصول إليه، فمحمد بن نايف يعد منافساً قويا،
ولا سيما أنه شغل منصب ووزير الداخلية واعتبر مهندس الاستراتيجية السعودية لمكافحة الإرهاب بعد 11 سبتمبر 2001. وحصل على الكثير من الثقة في واشنطن.
وكان الدبلوماسيون والضباط العسكريون هناك يفضلون رؤية ابن نايف المتمرس وريثًا للعرش بدلاً من المخاطرة بن سلمان.
المنافس الآخر هو الأمير أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر المعروف بمواقفه الرافضة لسياسات بن سلمان ورفضه الحرب في اليمن.
كان الأمير يعيش في لندن وبعد تلقيه ضمانات أمنية ، قرر أحمد بن عبد العزيز في عام 2018 العودة إلى المملكة بعد أسابيع قليلة من مقتل خاشقجي.