رغم دعمها الإعلامي للانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري العام الماضي في إطار جهود المناخ العالمية، تعمل السعودية منذ ذلك الحين على تقويض هذا الانتقال في خمسة منتديات تابعة للأمم المتحدة على الأقل، وفقاً لدبلوماسيين.
وأبرزت صحيفة نيويورك تايمز أنه مع دخول محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة أسبوعها الأخير في أذربيجان واجتماع قادة مجموعة العشرين في البرازيل، يعمل دبلوماسيون من السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، على إحباط أي اتفاق يجدد الالتزام بالانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري، وفقاً للمفاوضين.
وقال ألدن ماير، وهو زميل بارز في مؤسسة E3G البحثية للمناخ في لندن، والذي يحضر المحادثات في أذربيجان: “ربما شعروا بالجرأة بعد فوز ترامب، لكنهم يتصرفون بلا حدود هنا. إنهم أشبه بكرة مدمرة.”
وقد أشار المفاوضون إلى أن هذه الجهود تأتي ضمن حملة مستمرة منذ عام من جانب السعودية لإفشال اتفاقية تم التوصل إليها العام الماضي بين 200 دولة للتحول بعيداً عن النفط والغاز والفحم، وهي مصادر الطاقة التي تسهم بشكل خطير في ارتفاع حرارة الكوكب.
ورغم توقيع السعودية على الاتفاقية، فقد عملت منذ ذلك الحين على إجهاض التعهد وضمان عدم تكراره في أي اتفاقيات عالمية جديدة، وفقاً لخمس دبلوماسيين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وقال الدبلوماسيون إن السعودية عارضت لغة الانتقال في خمس قرارات أممية على الأقل هذا العام، بما في ذلك مؤتمر للطاقة النووية، وقمة للدول الجزرية الصغيرة، وخطط أممية لمواجهة التحديات العالمية، وقمة التنوع البيولوجي، واجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في واشنطن في أكتوبر.
وقواعد الأمم المتحدة تتطلب موافقة جميع الدول المشاركة على أي اتفاق يتم التوصل إليه في قمم المناخ، مما يعني أن السعودية أو أي دولة أخرى يمكنها إفشال الاتفاق.
في أذربيجان، قال الدبلوماسيون إن المعارضة السعودية الحالية غير مسبوقة، حيث استخدمت اعتراضات إجرائية لتعطيل تقريباً جميع المحادثات المتعلقة بأسواق الكربون، وإزالة الكربون، والبحث العلمي.
وخلال مؤتمر COP28، لجأت السعودية إلى تكتيكات مثل إلقاء خطب طويلة أهدرت وقت الاجتماعات وإدخال كلمات في المسودات اعتبرتها الدول الأخرى “سموم سياسية”.
ورغم الضغوط من الدول الجزرية الصغيرة وحكومة الإمارات المستضيفة، وافقت السعودية على لغة تدعو الدول للمساهمة في “الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة”.
ولكن بعد القمة، عملت المملكة ضد هذا الوعد. حيث صرح وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، بأن الدول وافقت فقط على “قائمة خيارات يمكن انتقاؤها”.
وفي مارس: حاولت السعودية منع أي لغة تتعلق بالانتقال الطاقوي خلال قمة للطاقة النووية في بروكسل.
أما في مايو: عرقلت جهودًا لدعم الطاقة المتجددة في مؤتمر للدول الجزرية.
وفي سبتمبر: خلال قمة “مستقبل 2024”، اعترضت على إدراج التحول عن الوقود الأحفوري في النصوص النهائية.
وفي قمة الطاقة في هيوستن، قال أمين الناصر، رئيس شركة أرامكو: “علينا التخلي عن وهم التخلص من النفط والغاز.”
وقد أشار أليكز رافالوفيتش، المدير التنفيذي لمعاهدة الحد من انتشار الوقود الأحفوري، إلى أن تكرار الالتزامات في المنتديات المختلفة يرسخ الوعود المناخية للدول. وقال: “عندما تُكرر الاتفاقات على مستويات سياسية أعلى، يصبح من الواضح أن هذا هو المعيار ولا مجال للتراجع.”
وبينما تستمر السعودية في جهودها لتقويض أي تقدم ملموس في قضايا المناخ، يبقى التحدي الأكبر أمام المجتمع الدولي هو كيفية تجاوز الاعتراضات السعودية والمضي قدماً في الالتزامات المناخية العالمية.