منذ أن تولى محمد بن سلمان منصب ولاية العهد في المملكة بالإضافة إلى مناصبه الأخرى، انطلق هذا الشاب في حملةٍ متهورة لتبديد المال العام غير معلومة الحدود، وفي الوقت الذي تعاني المملكة من صعوبات اقتصادية كبرى، نجده يستمر في التبذير غير آبهٍ لما سيجره هذا التصرف على المملكة من مشاكل اقتصادية، لا تؤثر على الدولة فقط، إنما ستأثر على معيشة المواطن السعودي، بشكل عام.
وبعيدًا عن المشاريع الكبرى التي ورَّط بن سلمان المملكة فيها، والتي لا تزال مجهولةً في مدى نجاحها من فشلها، نسلط الضوء على تصرفاته التي يبدد فيها مال المملكة ومال المواطن يمينًا وشمالًا، وعلى أوجه لا تعود للمملكة بمنفعةٍ، اقتصادية أو ثقافية، بل إنها لا تعود بمنافع شخصية حتى لابن سلمان نفسه.
لم ينتظر طويلًا بعد أن أُطلقت يده بالتصرف بموارد المملكة، حتى قام بصفقات شراء غير قابلة للتبرير، ولم يصل مداها أميرًا سعوديًا من قبله، وبنفس الوقت، لا تعكس بالضبط ما هي عليه طبيعة هذا الأمير الشاب من ميول، ففي الوقت الذي لا يُعرف عن بن سلمان ولعه بالثقافة والادب أو أي نوع من الاهتمام بالفنون، نراه يعمد على شراء لوحات وأعمال فنية وبمبالغ خرافية، لم تشهد متاحف الفن مثيلًا لها.
ففي أحد المتاحف الفرنسية. كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الأمير محمد بن سلمان، قد دفع مبلغ 450 مليون دولار أمريكي، لشراء لوحة فنية تعود للفنان الشهير ليوناردو دافينشي، والتي تضم في ثناياها رموزاً “مسيحية”، هذا المبلغ، يعتبر أكبر مبلغ يتم دفعه في تاريخ البشرية مقابل لوحة فنية.
جاء ذلك متزامنًا مع كشفٍ أخر قامت به الوسائل الاعلامية الأمريكية، ذكرت فيه في أن بن سلمان، كان قد أشترى بوقت سابق، يختاً فارهاً خلال زيارته إلى فرنسا، مقابل 550 مليون دولار، هذا اليخت الذي يعتبر أيضًا الأغلى في العالم، أو على الأقل من بين أغلى وأفخم يخوت العالم، قد اشتراه محمد بن سلمان، من ملياردير روسي يدعى يوري شيفلر وفق ما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، أثناء قضائه عطلة في جنوب فرنسا.
ولم ينس بن سلمان أن ذلك اليخت لا بد له لوحة بمستوى لوحة ليوناردو دافنتشي البالغ باهظة الثمن، لتزين يخته الغالي الثمن، فقام بتعليقها داخل يخته الجميل.
لم ينته الأمر عند هذا الحد. فقد قام الأمير المطلق الصلاحيات، بشراء منزل في فرنسا بمبلغ كشفت عنه صحيفة “نيويورك تايمز” وصفته بالقصر الفاره في فرنسا مقابل 300 مليون دولار، لينضم هذا القصر إلى جملة المبالغ الفلكية التي ينفقها الأمير الشاب منذ وصول والده إلى الحكم في السعودية قبل سنوات.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة “ذا صن” البريطانية في تقرير لها عن هذا القصر الفاخر، يتميز بوجود حوض أسماك مائي هائل في الداخل، ونافورة مياه مصنوعة من الذهب، جعلت بن سلمان مهوسًا به، وأراد إجراء تعديلات عليه، حتى يكون مظهره الخارجي شبيها بقصر فرساي، أو يفوقه جمالا وفخامة.
وتقول الصحيفة، إن مع شراء هذا المنزل ذو النافورة المصنوعة من الذهب الخالص، فإن ابن سلمان يكون قد أنفق 1.3 مليار دولار أمريكي، مقابل شراء ثلاث أشياء فقط: لوحة ليوناردو ديفينشي مقابل 450 مليون دولار، ويخت مقابل 550 مليون دولار، ومنزل في فرساي مقابل 300 مليون دولار.
أما عن ميوله الغريبة في الشراء، فقد كشف موقع “بلومبيرغ” عن قيام بن سلمان، بشراء عمل فني جديد أسمه “حبي الأبدي للقرع” لرسامة يابانية تدعى يايوي كوساما بمبلغ خيالي لم يكشف عن قيمته.
ونقل الموقع عن نائب مدير المتحف “توم بيس” أن السعوديين اشتروا هذه اللوحة، والجهة التي اشترت العمل، هي “الهيئة الملكية لمحافظة العلا”، وهذه هيئة تأسست في 20 يوليو/تموز 2017، بناءً على أمر ملكي، وبرئاسة ولي العهد. كما نشرت مجلة “ديلي ميل” البريطانية، أنّ بن سلمان، قد أنفق ملايين الدولارات على معرض لليقطين!
كل هذه المبالغ المهدورة من قبل بن سلمان على رفاهيته الشخصية، تأتي في الوقت الذي أعلن عن فرض حالة من التقشف على البلاد بأكملها، وشن حملة اعتقالات واسعة على أثرياء المملكة بدعوى تطهير الفساد، وأجبر أمراء ورجال أعمال وأثرياء على التنازل عن أموالهم، بعد أن احتجزهم في فندق “ريتز كارلتون” بحجة أنهم حصلوا على أموالهم بطرقٍ غير مشروعة.
لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد توالت الأخبار، عن الانفاق الضخم على الفنانين والمشاهير، بعطايا تفوق الوصف، فقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبر إهداء بن سلمان، لمغني راب أمريكي شهير “ليل واينن” هدايا باهظة الثمن، والذي كان في زيارة للعاصمة الرياض، ضمن برنامج الترفيه الذي ينتهجه بن سلمان مؤخرًا، تُقدّر قيمة تلك الهدايا بمئات آلاف الدولارات، منها سيارة “لمبورجيني” وساعة “فرانك مولر” تتجاوز قيمتها 25 ألف دولار، وذلك كاعتذار من بن سلمان للفنان بسبب ما لاقه من تفتيش روتيني لحقائبه بالمطار، حسب ما قال ذلك الفنان نفسه.
هذه الحادثة أشعلت مواقع التواصل، فقد غرد ناشطون سعوديون وسخر عبر وسم “#لمبرغيني_او_فيراري” من تلك الهدايا الباهظة التي لم يحظ بمثلها، لا عالم سعودي ولا جندي ممن فقدوا أطرافهم على الحدود الجنوبية خلال مشاركتهم في العدوان على اليمن.
أما ميوله لشراء الأندية الرياضية، فهو أمرٌ عجيبٌ آخر يضاف إلى الأمور العجيبة التي يحاول فيها بن سلمان بعثرة ثروات المملكة عليها، فعندما فشل في شراء نادي مانشستر يونايتد عام 2015، حتى بعد أن عرض فيه مبلع 3.8 مليار دولار، ذهب لإبرام صفقة أخرى لشراء الفريق الإنكليزي نيوكاسل، وبمبلغ 340 مليون جنيه إسترليني.
ربما تكون رغبته لشراء الأندية، هو التنافس مع أصدقائه أمراء دولة الامارات، فالمعلوم أن الشيخ منصور بن زايد آل نهيان من العائلة الحاكمة في أبوظبي، كان قد أشترى ناديي “مانشستر سيتي” الإنكليزي، ونادي “بي إس جي” الفرنسي.
وإذا ما نجح بن سلمان بالاستحواذ على نادي نيوكاسل، فستكون بمثابة خطوة شبيهة للإماراتيين. وبالتأكيد، هذا الاندفاع من قبل بن سلمان لشراء الأندية الرياضية، ليس بدافع حبه للرياضة وتشجيع الرياضيين، أو لأنه استثمار مالي رابح، أنما في حقيقة أمره هو عملية غسيل لسمعته الملطخة بدماء خاشقجي وغيره من المفكرين وأصحاب الرأي السعوديين، وهذا الأمر استدعى أيضًا أن تُطالب خطيبة خاشقجي من الرأي العام البريطاني، أن يكون لهم موقف في عملية الشراء هذه، وأن يتم التحري عن الشاري وسمعته قبل إتمام عملية البيع تلك.
وسمعة بن سلمان الدموية تلاحقه أينما حل، لدرجة أنه لا يستطيع الاستمتاع بكل المشتريات التي قام بها، فبعد إنفاق مبالغ هائلة على شراء القصر في فرنسا، رفضت فرنسا زيارته لقصره، وذلك لأن زيارته، ستضع الرئيس إيمانويل ماكرون في حرج، لا سيما أن الأخير يتعرض لضغوطات داخلية، حسبما نشره موقع “ميدل إيست مونيتور” البريطاني، وأضاف الموقع، إن تورط ولي العهد محمد بن سلمان في مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي، ربما تكون من أهم الأسباب التي دفعت باريس لرفض زيارته، تجنبا لأي ردود فعل داخلية غاضبة.
لكن مع ذلك، فإن بن سلمان يزيد من ترسيخ سمعته السيئة دوليًا، ويقدم على ما يعتقده إنه تحسين لتلك السمعة. فقد كشفت صحيفة” The Telegraph”، أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، قد أبرم صفقة مع السعودية بقيمة 12 مليون دولار لتقديم الاستشارات لابن سلمان في إطار تنفيذ رؤية المملكة 2030. رغم أن بلير يوصف في بلده، بأنه الأكثر كُرهاً في بريطانيا، بسبب دوره في غزو العراق عام 2003، وتطالب عدد من الجمعيات الحقوقية ومثقفون وسياسيون بضرورة محاكمته كـ “مجرم حرب، ومع ذلك لم يكن هذا عائقًا أمام بن سلمان للتعاقد معه والاستفادة من خبراته.
وبحسب التقارير والأرقام فإن ثروة بن سلمان تُقدر بما يقرب 3 مليارات دولار فقط، ومثل هذا المبلغ لا يغطي كل تلك المغامرات المالية، والصحيح أن بن سلمان يُسخر أموال المملكة والتي هي أموال الشعب، في تمويل مغامراته المالية، من خلال صندوق الاستثمارات العامة، والذي يوصف بالمحرك الاستثماري الرئيسي لابن سلمان.
إذ أنه يستغل أموال الشعب السعودي للإنفاق على مشترياته ومغامراته الغريبة التي يهدر فيها ثروات الشعب. ووصل الحال بعد هبوط أسعار النفط، والذي هو المصدر الأساسي لثروات السعودية، أن قامت الحكومة السعودية بطرح سندات حكومية بمليارات الدولارات، لتمويل العجز الحاصل في موازنتها العامة. ومع ذلك وفي ظل كل تلك الصعوبات الاقتصادية للمملكة، يقوم بن سلمان بركوب موجة المغامرات الاستثمارية وإعطاء الهبات والهدايا لمن لا يستحقها.
وفي تحدٍ آخر لقيم المملكة ومبادئها، وفي إهدار جديد لثرواتها، قام صندوق الثروة السيادية في السعودية، باستثمار 500 مليون دولار في شركة “لايف نايشن إنترتينمنت”، وهي شركة لترويج وتنظيم الحفلات الموسيقية، رغم أن تلك الشركة تواجه صعوبات مالية، بسبب عدم تمكنها من تنظيم أي حفلات، نتيجة تحديات انتشار وباء كورونا، والاغلاق التام وقواعد التباعد الاجتماعي المتبعة اليوم في العالم.
وكشف صندوق الاستثمار العام السعودي، أنه استحوذ على 5.7٪ من أسهم الشركة. ليكون الصندوق السعودي ثالث أكبر مساهم في الشركة. وفي وقت سابق هذا الشهر كشف الصندوق، عن حصة قدرها 8.2 بالمئة في “كارنيفال كورب” المشغلة للسفن السياحية.