رفعت شركة محاماة دولية، دعوة قضائية ضد شركة “تويتر” لتعاونها مع سلطات نظام آل سعود في قمع المعارضين والناقدين لسياساتها داخل المملكة وخارجها.
وبحسب الدعوة القضائية الصادر عن شركة المحاماة غيرستمان شوارتز في المنطقة الجنوبية من نيويورك نيابة عن المدير التنفيذي لمعهد شؤون الخليج علي أحمد، فإن “تويتر” انتهك قانون الاتصالات المخزنة عن طريق الوصول المتعمد إلى رسائل الأحمد المخزنة دون إذن.
وفي ظل انتهاك صارخ للخصوصية، علّق “تويتر” حسابات الأحمد والعديد من متابعيه البالغ عددهم 36000 ألف متابع وأرسلوا معلوماتهم السرية ورسائلهم المباشرة إلى المملكة.
ويتضح من الدعوة أنه من خلال تفويض إرسال معلومات تحديد هوية منتقديها إلى المملكة فإن “تويتر” مسؤول عن العديد من جهات اتصال الأحمد التي يتم توقيفها وتعذيبها.
وكتب الأحمد في رسالة بالبريد الإلكتروني على تويتر: “تم القبض على الأشخاص الذين أتواصل معهم عبر تويتر فقط وهم الآن يتعرضون للتعذيب من قبل اتباع النظام الملكي السعودي”.
وبالإضافة إلى عواقب انتهاك سياساتهم الخاصة في توفير معلومات خاصة بشكل غير قانوني لحكومة أجنبية، فإن “تويتر” مسؤول عن الإهمال بسبب نقص الإشراف الكامل على هؤلاء الموظفين.
وقال ديفيد شوارتز، محامي الأحمد: “بسبب الافتقار التام للفحص والقيود والتدخل، كان تويتر جزءًا من هذه الجهود لإسكات الأحمد وأتباعه الكبار للتحدث علنا ضد الحكومة السعودية”.
وتعد الكيانات التي تسيطر عليها (GSA) من بين أكبر المساهمين في Twitter””.
ورغم هذا التأثير دخل جواسيس المملكة إلى الشركة وتم منحهم وصولاً غير مقيد وغير مراقب إلى موارد “تويتر”، ويعمل موظفو “تويتر” بتوجيه من GSA، وقاموا بتعديل نظام “تويتر” الداخلي بشكل غير قانوني للحصول على البيانات والمعلومات الشخصية عن النقاد السعوديين، بما في ذلك الأحمد.
وبالتالي، تمكنت الرابطة من إسكات الأحمد وإلحاق الضرر بالحركة المؤيدة للديمقراطية في المملكة من خلال إغلاق حسابه ليس فقط، ولكن حسابات العديد من أتباعه البالغ عددهم 36000 أيضًا.
وكشف أيضا عن النوايا الحقيقية لـ”تويتر” في تعليق حساب الأحمد بشكل غير قانوني في هذه الدعوى. “لقد تم توضيح مؤامرة موظفي تويتر وGSA لإسكات منتقديها بوضوح تام. إنه ليس فقط انتهاكًا لاتفاقيات شروط الخدمة الخاصة بـ Twitter ، ولكنه أيضًا خرق صارخ للعقد”.
وتسبب “تويتر” – نتيجة لتعليق حساب الأحمد عن علم دون مبرر- إلحاق ضرر اقتصادي بالأحمد. علاوة على ذلك فإن “تويتر” مسؤول عن دوره في التحريض بشكل غير قانوني على الجهود السعودية لإسكات وتدمير العلاقات الشخصية والتجارية للأحمد الذي عبر ببساطة عن رأيه في النظام دون المساس بأي سياسات “تويتر” الحالية.
وعلى العكس من ذلك، كان موظفو “تويتر” يتصرفون نيابة عن المملكة في انتهاك لجميع اتفاقيات السرية وسياسات الشركة الحالية.
وعلي الأحمد عالم سعودي وخبير في الشؤون السياسية السعودية. وساهم بكشف قصصا إخبارية رئيسية مثل ترجمة البنتاغون الفاشلة لشريط بن لادن وفيديو قتل دانييل بيرل.
وكتب العديد من التقارير حول الحرية الدينية وحرية الصحافة والتطرف في المملكة، التي جردت جنسيته واستولت على جواز سفره وإرغامه على طلب اللجوء في الولايات المتحدة وشن محاولات خطف واغتيال ضده.
وأعلنت شركة “تويتر”، سابقا، تعليق مئات الحسابات السعودية في امتداد لفضائح النظام السعودي على المستوى الدولي.
ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، تقريرا حول موقع ن “تويتر” الذي أصبح نظام آل سعود يستخدمه للتجسس على معارضيه واختراق حساباتهم.
وتحت عنوان (في السعودية، أصبح تويتر الأداة النافعة للمضطهِد لا المضُطهَد)، نشرت الصحيفة تقريرها الذي قالت فيه إن عمر عبد العزيز الناشط السعودي المقيم في مدينة مونتريال بكندا كان شخصا واحدا من بين 9.9 ملايين مستخدم لتويتر ولكن تاريخه يقدم صورة عن البقية.
وأضافت أن شبكة “تويتر” التي كانت في مركز جهود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لملاحقة المعارضين ونشر القصص المضللة عنهم أدت إلى العكس.
وكتب عبد العزيز في واشنطن بوست مقالا قال فيه إن أكثر من 30 مواطنا سعوديا مؤثرا على منابر التواصل الاجتماعي أخبروه عن تعرضهم للابتزاز باستخدام مواد سرقت من هواتفهم النقالة، تماما كما حصل لهاتف عبد العزيز الذي اخترق بنظام تجسس صنعته شركة إسرائيلية اسمها “أن أس أو غروب”.
وكانت هذه الجهود بمثابة رد عليهم، ليس لأنهم انتقدوا النظام بشكل عام ولكن لأنهم انتقدوه علنا من خلال “تويتر”. ومن بين أهم ثلاثة مؤثرين على “تويتر” قال عبد العزيز إن واحدا منهم اعتقل والثاني اختفى بدون أثر أما الثالث فهو في المنفى.
وطلب من الأشخاص الذين استهدفتهم حملة الملاحقة نشر مواد ترويجية ودعائية مؤيدة للحكومة على “تويتر” وإلا تم الكشف عن المواد التي سرقت من هواتفهم بما في ذلك الصور.
ويعني الإذعان للطلب الانضمام إلى الجيش الذي جمعه سعود القحطاني، مستشار الديوان الملكي السابق المعروف بين الناشطين بـ”وزير الذباب”.
وكان عبد العزيز يجمع جيشا مضادا أطلق عليه “النحل الإلكتروني” وبتعاون مع صحافي “واشنطن بوست” جمال خاشقجي الذي قتل وقطع في القنصلية السعودية بإسطنبول 2018.
وتقول الصحيفة إن تويتر منتشر بين السعوديين لأنه الساحة الوحيدة المتوفرة لهم خاصة أن الاحتجاج الحقيقي ممنوع.
وكان موقع “ميدل إيست آي” البريطاني نشر مقالا للباحثة والأكاديمية السعودية المعارضة الدكتورة مضاوي الرشيد أبرزت فيه أن “تويتر” تحول لوسيلة تجسس في المملكة إذ أصبح الموقع الشهير ساحة مفضلة لجواسيس المملكة الإلكترونيين.
وأشارت الرشيد في مقالها إلى أن الحكومة الأمريكية اتهمت اثنين من موظفي “تويتر” السابقين بالتجسس لمصلحة الرياض، بعدما زُعِم أنهما تسللا إلى البيانات الشخصية لأكثر من 6000 حساب على تويتر.
وما زالت منصة “تويتر” تعمل في المملكة لمساعدة النظام في تقييم المزاج العام والترويج لبن سلمان.
ففي بلد يشهد قمع حرية التعبير وحظر التنظيم السياسي، لا يوجد سوى صوت واحد: صوت آلة الدعاية للنظام. ومع ذلك، يريد النظام معرفة ما يفكر فيه السعوديون، وكيف يتفاعلون مع مغامرات الدولة المتعددة في الداخل والخارج.
ويبدو أنَّ “تويتر” أثبت أنه جهاز تنصُّت جيد، ليس فقط للقبض على المعارضين ومعاقبتهم، بل لمعرفة من يمتدح النظام كذلك، حتى يمكن مكافأته.