أكدت تقديرات دولية أن أزمة أسعار النفط التي أشعلها ولي العهد محمد بن سلمان تهدد بزيادة غير مسبوقة للتعثر الحاصل في الاقتصاد السعودي بما في ذلك تفاقم العجز في الموازنة العامة للمملكة.
وقالت وكالة رويترز العالمية للأنباء إن تفشي كورونا وهبوط أسعار النفط سيوجّهان ضربة مزدوجة لا تترك للمملكة خيارا يُذكر لتحقيق الاستقرار لموازناتها المالية.
من جهتها قالت شركة أرقام كابيتال إن “الصورة المالية العامة لدول مجلس التعاون الخليجي تتدهور تدهورا حادا”، مضيفة أن المملكة قد تشهد ارتفاع العجز في موازنتها لعام 2020 إلى 16.1% من التقدير السابق البالغ 6.4%، إذا كان متوسط أسعار النفط 40 دولارا للبرميل.
أما إذا كان متوسط الأسعار 30 دولارا للبرميل فتقول أرقام كابيتال إن العجز سيقفز إلى 22.1%، وهو ما يعادل 170 مليار دولار، وفقا لحسابات رويترز.
ومن المحتمل أن تكبّد أسعار النفط بين 30 و40 دولارا للبرميل هذا العام دول الخليج عشرات المليارات من الدولارات من إيراداتها.
وللمرة الأولى منذ عام 2016، أغلقت سعر برميل النفط الخام دون 30 دولارا اليوم الثلاثاء، في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي والطلب على النفط بسبب فيروس كورونا، في حين تواصل المملكة وروسيا خوض معركتهما على الحصص السوقية.
وتراجعت سعر البرميل في العقود الآجلة لخام برنت 1.32 دولار ليتحدد سعر التسوية عند 28.73 دولارا، وهي المرة الأولى التي يغلق فيها الخام القياسي دون 30 دولارا منذ 2016، وفقا لبياناتر رويترز.
وواصل السعر تراجعه بعد التسوية.ونزلت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 1.75 دولار أو 6.1% لتغلق على 26.95 دولارا.
يأتي ذلك فيما تأخذ دول من بينها الولايات المتحدة وكندا، وبلدان في أوروبا وآسيا، خطوات غير مسبوقة لاحتواء الفيروس، الذي قتل بالفعل 7500 شخص. وأبلغت حكومات عديدة المقيمين فيها بالحد من تحركاتهم في حين تغلق الشركات أبوابها مما يقلص الطلب على الوقود.
وقالت وزارة الطاقة في نظام آل سعود أمس إن صادرات المملكة من الخام ستزيد في الأشهر المقبلة إلى أكثر من 10 ملايين برميل يوميا، مع عزمها استخدام مزيد من الغاز لتوليد الكهرباء بدلا من حرق الخام.
وتقلصت علاوة برنت فوق غرب تكساس بشدة إلى 67 سنتا للبرميل، لتبلغ مستويات غير مسبوقة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
من جهتها قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن حرب أسعار النفط تؤكد صورة محمد بن سلمان كقائد متهور.
وحذرت الصحيفة البريطانية من أن دخول بن سلمان تلك الحرب في مواجهة روسيا هي “مقامرة كبيرة” للمملكة التي تعتمد على النفط.
وأضافت أن هذه المقامرة يمكن أن تؤدي إلى انهيار اقتصاد المملكة خاصة أنها تتزامن مع المخاطر الاقتصادية التي يشكلها وباء “كورونا”.
وأوضحت أنه بينما من الممكن أن تعاني روسيا جراء تلك الحرب، فإنه يجب الوضع في الاعتبار أن لدى الأخيرة احتياطيا دوليا أكبر وعملة أجنبية عائمة، وهي أقل اعتمادا من السعودية على الناتج الإجمالي للنفط.
وأشار الصحيفة إلى أن المملكة تراهن على أن تحميها زيادة معدلات الإنتاج من الأثر المؤقت لكلفة الإنتاج، إضافة لزيادة حصتها من السوق وإعادة موسكو إلى طاولة المفاوضات بشكل يسمح لها بتشكيل تجارة النفط.
وتدل كل الإشارات القادمة من موسكو على أن هذه المواجهة قد تطول، وقال المتحدث باسم بوتين إن الرئيس الروسي لا يخطط للحديث إلى الملك سلمان ولا لولي عهده.
وتقول “آمي ميرز جيف” من “كاونسل أون أوفرسيز ريليشنز”: “بالنسبة للسعودية، فهي تعتقد أن كل دولة تخوض حربا معها على أسعار النفط فقد خسرت، لكننا نواجه سيناريو غير مسبوق من صعود صناعة الزيت الصخري وانتشار كورونا”.
لكن الأضرار الجانبية التي ستتركها هذه المواجهة سيتردد صداها من بغداد إلى تكساس. وينتظر التجار من أجل فهم ما يجري وكيف سيتراجع أكبر منتجي للنفط في العالم، و”حتى لو تم حل أزمة أسعار النفط إلا أن المشاعر المرة ستتواصل”، كما تقول “ميرز جيف”، التي لا ترى إمكانية لحدوث “مصالحة سريعة”.