رصدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ممارسات تعذيب وانتهاكات ترافق عقوبة الإعدام في السعودية ضمن جرائم النظام لسحق حقوق الإنسان والحريات في المملكة.
ويحتفل العالم بالدورة العشرين لليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في 10 أكتوبر 2022. وفيما أحرزت الدول تقدما خلال هذه السنوات، تجلت في إلغاء 110 دولة لهذه العقوبة، لا زالت المملكة العربية على رأس قائمة مستخدميها، ومن أكثر خمس دول تنفيذا لها.
وبحسب المنظمة الأوروبية السعودية، نفذت السعودية منذ بداية 2022، 121 حكم إعدام، 81 منها ضمن إعدام جماعي هو الأكبر في تاريخ البلاد.
وكانت السعودية قد سجلت أرقاما قياسية خلال السنوات العشر الماضية، حيث أعدمت منذ العام 2013 حتى أكتوبر 2022، أكثر من 1100 عملية إعدام، أكثر من 990 منها نفذ في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز الذي بدأ مطلع 2015.
وقالت المنظمة إن استمرار الحكومة السعودية في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام وارتفاع حدة استخدام هذه العقوبة تزامن مع سلسلة من الوعود الرسمية التي صدرت خلال السنوات الماضية والتي كان من المفترض أن تقلل منها:
في أبريل 2018، قال ولي العهد محمد بن سلمان في مقابلة مع صحيفة التايم أن هناك عمل على بناء قوانين جديدة لخفض الإعدام بشكل كبير.
وفي أغسطس 2018 أقرت السعودية قانون الأحداث الذي أوقف إصدار أحكام القتل التعزيرية بحق القاصرين.
في 24 مارس 2020 صدر أمر ملكي بإيقاف تنفيذ كافة أحكام الإعدام تعزيراً بحق القاصرين، وتقليص كافة أحكام الإعدام الصادرة بحق القاصرين إلى 10 سنوات.
وفي يونيو 2020 رفع أحد أعضاء في مجلس الشورى توصية بإلغاء عقوبة الإعدام في جميع العقوبات التعزيرية والاكتفاء بعقوبات الحدود، بما يتناسب مع “الشريعة الإسلامية” وتفسيراتها المتبعة في السعودية.
في يناير 2021 قالت هيئة حقوق الإنسان الرسمية في بيان أن السعودية الوقف المؤقت لأحكام القتل بجرائم تتعلق بالمخدرات.
وفي 3 مارس 2022 وفي مقابلة مع صحيفة ذا اتلانتيك، اعتبر بن سلمان أن عقوبة الإعدام باتت تقتصر على الحالات التي يقتل فيها أحد شخص آخر.
التعذيب واستخدام عقوبة الإعدام:
يخصص اليوم العالمي للعام 2022 للتأمل في العلاقة بين التعذيب وسوء المعاملة وعقوبة الإعدام، حيث تستخدم العقوبات الجسدية والنفسية أثناء الاستجواب من أجل انتزاع اعترافات بجرائم وعند إصدار الحكم أيضا؛ وفي فترة انتظار تنفيذ الحكم.
تترافق عقوبة الإعدام في السعودية بشكل واسع مع استخدام سوء المعاملة والتعذيب.
بحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية، يتعرّض المعتقلون لأنواع مختلفة من التعذيب تبدأ منذ لحظة الاعتقال، ولا تتوقف مع إصدار الأحكام، بل إن سوء المعاملة يستمر بعد تنفيذ الأحكام، ليطال عائلات المحكومين.
تمارس السعودية أنواع مختلفة من التعذيب النفسي والجسدي بحق المعتقلين الذين يواجهون لاحقا عقوبة الإعدام، يبدأ خلال الاعتقال بالضرب واستخدام القوة والإخفاء القسري الذي تطول مدته في بعض القضايا.
أكد ذلك مقررون خاصون في رسائل إلى الحكومة السعودية، من بينها في قضايا تتعلق بإعدامات نفذت في مارس 2022، حيث أشاروا إلى تعرض أسعد شبر ومحمد الشاخوري إلى الإخفاء القسري بعد الاعتقال.
خلال مرحلة التحقيق، وثقت المنظمة الاوروبية السعودية استخدام أنماط من التعذيب الجسدي، بين ذلك الصعق الكهربائي، والحرمان من النوم، والضرب وقلع الأظافر، والتعليق من الأرجل وغيرها وذلك بهدف إجبار المعتقل على الإدلاء باعترافات أو التوقيع على اعترافات.
من بين من تعرضوا لهذه الأنواع من التعذيب، القاصر مصطفى الدرويش الذي أعدم في يونيو 2021، حيث أجبر على التوقيع على الاعترافات تحت التهديد بإعادة محاكمته.
إلى جانب التعذيب الجسدي، رصدت المنظمة ممارسة تعذيب نفسي بحق عدد من المعتقلين الذين حكم عليهم بالإعدام، من بين ذلك التهديد بعائلاتهم.
إذ تم تهديد المتظاهر حيدر آل ليف الذي أعدم في 23 أبريل 2019، بإحضار زوجته إلى السجن وتطليقه منها في حال عدم توقيعه على اعترافات. يضاف ذلك إلى ممارسات أخرى مثل الحرمان من التواصل مع العائلة، والشتم وإهانة المعتقدات.
أدى التعذيب في العديد من الحالات إلى إعاقات أو إصابات وآلام دائمة، كما أدى إلى حالات إغماء وفقدان للوعي، وفي كثير من القضايا، لم يحصل المعتقل على حقه في العلاج.
ففي حالة الشاب منير آل آدم، الذي أعدم في أبريل 2019، أدى التعذيب إلى إعاقة سمعية، فيما أشار الشاب عبد الله آل طريف الذي أعدم في نفس الإعدام الجماعي، إلى أن التعذيب الذي تعرض له أدى إلى أضرار في فقرات الظهر، وانحراف في العين اليسرى وغيرها.
على الرغم من تأكيد المعتقلين في الحالات التي رصدتها المنظمة، تعرضهم للتعذيب وإجبارهم على المصادقة على الاعترافات أمام القضاة، لم يتم التعامل بجدية مع ادعاءاتهم، ولم يتم فتح أي تحقيق جدي في هذه المزاعم.
وفيما يمنع القانون الذي تقول الحكومة السعودية أنه يستند على الشريعة، إصدار أحكام أكد فيها المعتقل أن اعترافاته التي بنيت عليها المحاكمة منتزعة تحت التعذيب، يلجأ القضاة إلى تغيير نوع الحكم، من حكم منصوص عليه في القرآن مثل أحكام الحرابة إلى حكم تعزيري يستند إلى رأي القاضي.
يستمر سوء المعاملة والتعذيب حتى بعد بدء المحاكمة وفي بعض القضايا بعد إصدار أحكام الإعدام. رصدت المنظمة إعادة المعتقل سعود الفرج الذي تطالب النيابة العامة بإعدامه إلى السجن الانفرادي بعد بدء محاكمته، بسبب اعتراضه على حرمانه من الحق في الاتصال بعائلته.
إضافة إلى ذلك، رصدت المنظمة حالات سوء معاملة بحق معتقلين صدرت بحقهم أحكام بالقتل، حيث وضعت رجل الأعمال عباس الحسن الذي أعدم في أبريل 2019 في السجن الانفرادي، وأجبروه على الوقوف على رجليه لساعات بسبب حصوله على نظارات طبية من عائلته.
إلى جانب ما يتعرض له الأفراد الذين يواجهون عقوبة الإعدام من انتهاكات، تتعرض العائلات إلى سوء معاملة، حيث تحرم العائلات من حقها في وداع أبنائها، إذ علمت بعض العائلات بتنفيذ الأحكام من الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ما شكل صدمة نفسية.
وإلى جانب ذلك، تحرم العائلات من حقها في دفن المحكومين أو حتى في معرفة مكان دفنهم ما يشكل تعذيبا مستمرا بحق العائلات.
وبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية تحتجز السعودية 132 جثمانا حتى الآن.
المهددون بالإعدام:
تنعدم الشفافية في تعامل الحكومة السعودية مع ملف الإعدام، ولا يمكن الوصول إلى العدد الفعلي للأفراد الذين يواجهون هذه العقوبة.
وفي ظل ازدياد وتيرة القمع، واعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان ومنع أي نشاط للمجتمع المدني وترهيب العائلات، أصبح الوصول إلى المعلومات التي تتعلق بالمحكومين أكثر صعوبة.
على الرغم من ذلك، وثقت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، 37 قضية يواجه فيها المعتقلون حاليا عقوبة الإعدام، من بينهم 8 قاصرين على الأقل هم:
عبد الله الحويطي، جلال اللباد، يوسف المناسف، سجاد آل ياسين، حسن زكي الفرج، مهدي المحسن، عبد الله الدرازي، وجواد قريريص.
إلى جانب القاصرين، يظهر التوثيق استخدام السعودية لعقوبة الإعدام بطريقة تعسفية ضد أفراد واجهوا أحكاما لا تعد من الأشد خطورة في القانون الدولي، من بينهم حسين أبو الخير الذي يواجه عقوبة الإعدام النهائية بجرائم تتعلق بالمخدرات.
إضافة إلى كون أبو الخير لم يحصل على محاكمة عادلة، فإنه يواجه مصيرا مجهولا بعد إعلان هيئة حقوق الإنسان وقف السعودية تنفيذ أحكام قتل بجرائم مخدرات، ولكن من دون تعديل القوانين بما يتناسب مع ذلك.
ومؤخرا صدرت أحكام بالقتل بحق شادلي الحويطي وإبراهيم الحويطي وعطالله الحويطي الذين كانوا قد اعتقلوا على خلفية رفضهم للتهجير القسري الذي تعرضت له قبيلة الحويطي لإقامة مشروع نيوم.
إضافة إلى ذلك، يواجه الشيخ سلمان العودة والشيخ حسن المالكي عقوبة القتل بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي ونشر كتب والمطالبات السياسية.
كما طالبت النيابة العامة مؤخرا كما يواجه مواطنان يحملان الجنسية البحرينية خطر الإعدام في أي لحظة على الرغم من انعدام العدالة في محاكمتهما وتعرضهما للتعذيب الشديد.
وبحسب اطلاع المنظمة الأوروبية السعودية، فإن هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان راسلت الحكومة السعودية حول العديد من قضايا الأفراد الذين يواجهون عقوبة الإعدام حاليا، وأكدوا انتهاكاها للقوانين الدولية.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن استخدام السعودية لعقوبة الإعدام مرتبط بمجموعة من الانتهاكات المنهجية.
وقالت إنه إضافة إلى استخدامها ضد القاصرين وضد معتقلي الرأي والمتظاهرين، فإنها تستخدم بشكل تعسفي بناءً على محاكمات تفتقر إلى أبسط شروط العدالة، كما أنها مقترنة إلى حد كبير بسوء المعاملة والتعذيب.
واعتبرت المنظمة أن شوائب النظام القضائي في السعودية، يضاف إلى منع أي نوع من أنشطة المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في الداخل، ليمنع المسائلة والمحاسبة ويكرس الإعدامات التعسفية.