أثار قرار الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بأوامر من محمد بن سلمان بشأن تعديل مرافق الإيواء السياحي جدلاً كبيراً في المملكة في ظل اتهامات للهيئة بالعم على سلخ المجتمع السعودي عن هويته المحافظة.
وأشار القرار الأخير إلى إدخال تعديلات على لائحة “مرافق الإيواء السياحي”، والسماح للمرة الأولى في تاريخ البلاد بمبيت المرأة السعودية والأجنبية بدون محرم في الفنادق، بشرط إثبات هويتها، والسماح بإقامة الزوار الأجانب مع بعضهم دون الحاجة لإثبات ارتباطهم برابط الزواج.
ويتركز الجدل في أغلبه ضمن معسكر المحافظين الذين قالوا إن البلاد تسير نحو “مخطط تغريبي” يهدف إلى نزع هويتها العربية والإسلامية ووصمها بهوية غربية، ابتداءً من السماح بقيادة المرأة للسيارة، ثم السفر بدون إذن ولي أمر، ووصولاً إلى قرار البدء بالاختلاط في المدارس بين الذكور والإناث، انتهاء بالسماح للمرأة بالسكن بدون محرم، والسماح لغير الأزواج من السياح الأجانب بالسكن لوحدهم في الغرف.
وفور صدور القرار انتشر وسم “#سكن ـ المرأة ـ بدون ـ محرم”، والذي كان ساحة للجدال بين معسكر المحافظين والليبراليين في المملكة.
ولم يستطع المحافظون التعبير صراحة عن رفضهم لهذا القرار خوفاً من اعتقال سلطات آل سعود لهم وتلفيق تهمة الانضمام لجماعات تعادي الوطن، في إشارة لـ”تيار الصحوة” أحد أكبر التيارات الدينية في تاريخ البلاد، والذي اشتهر بتبنيه مطالب متشددة حيال المرأة وحريتها.
لكن المحافظين عمدوا إلى نشر وتداول صور للأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز ولي العهد ووزير الداخلية الأسبق، والذي اشتهر بتبنيه مواقف محافظة وخطاباً دينياً متشدداً ضد المرأة، كما أدرجوا مقولات تؤكد حرمة خروج المرأة من بيتها دون محرم.
وقال مسفر آل سعد: “السعودية مستهدفة بشكل واضح وخبيث، يضايقهم تمسكنا بديننا وعقيدتنا، يرتفع ضغطهم من انتشار حلقات تحفيظ القرآن، يجن جنونهم من حشمة بناتنا وعفة نسائنا، يريدون طمس هويتنا الإسلامية بنشر الانحلال تدريجياً، اللهم من أرادنا وبلادنا بسوء اللهم عجل بزواله”.
وشككت ناشطات نسويات في أن يكون لهذا القرار تأثير على قضايا التغيب التي ترفعها العائلات ضد بناتهم اللواتي يخرجن من بيوتهم ويقررن العيش كنساء مستقلات، وذلك لأن السلطات السعودية لا تريد لسلطة العائلات أن تمس حتى الآن.
وتستمر الهيئات الدينية وعلى رأسها هيئة كبار العلماء التي يرأسها المفتي العام الشيخ عبد العزيز آل شيخ في التزام الصمت، رغم مطالبة المتدينين المفتي بالحديث حول ما أسموه تعديات بعض المسؤولين الحكوميين على تعاليمه الدينية.
وكان المفتي العام للمملكة (وهو منصب حكومي رسمي) قد أفتى في العام 2008 بعدم جواز مبيت المرأة خارج بيتها في الفنادق بدون محرم، لكن هذه الفتوى مثل الكثير من الفتاوى السابقة جرى تجاهلها من قبل السلطات في قراراتها الأخيرة.
وقال محامي سعودي: “إن هذا القرار هو لتطمين السياح الأجانب فقط، وإلا فإن الكثير من الفنادق كانت تتساهل في موضوع منح المرأة حق السكن، لكن الأمر أصبح رسمياً الآن وبقانون، وأعتقد أنه في الوقت القريب سيجري السماح لغير الأزواج من كافة الجنسيات بالسكن في الفندق بدلاً من الإجراء الحالي، والذي ينص على إثبات العائلة لهوياتها كعائلة”.
وأضاف: “بالنسبة لاعتراض المعسكر المحافظ في المملكة، فهو ليس على هذا القرار، بل على هذا العهد، إذ يشعر المتدينون في البلاد حالياً بأنهم في (غربة دينية) وأن المجتمع بات غريباً عنهم بفعل قرارات ولي العهد محمد بن سلمان لذلك فهم يضعون صوراً لأمراء عرفوا بقربهم من التيار الديني مثل الأمير الراحل محمد بن نايف”.