فضيحة إعلان تعداد سكان السعودية 2033.. خفايا صادمة
رافق إعلان تعداد سكان السعودية 2023 فضيحة مدوية في ظل تسجيل تباين بين الأعداد المطروحة حديثا مقارنة بالأعوام السابقة.
وأبرز حساب “العهد الجديد” المعارض، أن رؤية ولي العهد محمد بن سلمان 2030 تهدف إلى أن يصل عدد السكان إلى ما يزيد على 50 مليون نسمة، نصفهم من الأجانب.
إلا أن التقارير والمعلومات التي وردت إلى الديوان لم تكن بالاتجاه الذي تشتهيه سفن محمد بن سلمان، إذ أن انخفاض أعداد الأجانب في المملكة وهروب رؤوس الأموال، يتنافى بشكل صارخ مع مستهدفات الرؤية.
ولتغطية على هذه المشكلة قرر ابن سلمان ومعه عدد من المسؤولين في الديوان تشكيل لجنة على الفور، هدفها: كيف يخرجون معلومات إحصائية تؤكد أن أعداد الأجانب في المملكة بتزايد، وأن الرؤية تسير بالاتجاه الصحيح، وأن المال الأجنبي ما يزال يتدفق إلى البلد، (وهذا عكس الذي يحصل في البلد تماماً)، ثم أخيراً، كيف يقنعون الرأي العام المحلي والدولي بصحة ودقة المعلومات المراد نشرها.
وقد عملت اللجنة على مدار أشهر، ثم خلصت إلى نتائج إعلامية وسيناريو تتوقع أنه سيكون مقنع ومؤثر، وكان بإمكان هيئة الإحصاء الاعتماد على قاعدة بيانات الاحوال المدنية المرتبطة ب NIC للحصول على أرقام حقيقية بدل المهزلة التي خرجت بها، لولا أن هدفها إعلامي بحت، لترقيع أزمة انخفاض أعداد الأجانب في المملكة.
وأعدت لجنة الديوان آنفة الذكر تقريرها بالتعاون مع هيئة الإحصاء، وإلى جانبه، أعدت تقريراً إعلامياً عن الرسائل المراد إيصالها من هذا التقرير، ومن ثم المخاطر المحتملة، وافترضت أسئلة ونقاشات ستدور بين الناس عن الاختلاف بين نتائج تعداد 2022 و 2010، ووضعت أجوبة لتلك الأسئلة.
قبل نشر التقرير، تم التواصل مع شركاء من القطاع الحكومي، وألزموا المستفيدين من رواد أعمال وباحثين وأساتذة جامعيين، بأن يتفاعلوا ويروجوا لبيانات التعداد المضللة.
وقد اتفقوا على ركائز أربعة للخطاب الإعلامي الذي سيصدر، أبرزها: شكر وتقدير القيادة ودقة وجودة بيانات التعداد، وآلية إعدادها.
حتى أن التقرير أوصى بالوسم الرئيسي للحملة، #تعداد_السعودية_2022 ، وأن يكون العنوان الرئيسي: الهيئة العامة للإحصاء تعلن النتائج الرئيسة لتعداد السعودية 2022.
كما اتفقوا أيضا على الحسابات الحكومية التي ستتولى التغطية الإعلامية وتغذية بقية الحسابات والمنصات، وركزوا على إبراز عبارات منها: الأكثر شمولية، الأعلى دقة، أعلى معايير أمن البيانات، مشروع وطني، دعم القيادة وشكرها.
وخلال الاجتماعات التي جرت، وضعوا أسئلة افتراضية، وصنفوا احتمالية حدوثها وحدة خطرها، ثم وضعوا أجوبة لها، ومن ذلك:
١. اختلاف سكان الرياض (٧.٥) مليون الذي ذكره ابن سلمان في مقابلة منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار عن الرقم الحالي لنتائج التعداد والذي ظهر برقم (٦.٩) مليون، فأجابوا: أن هذا الرقم يشمل سكان المنطقة الإدارية للرياض فقط ولا يشمل ضواحيها!.
٢. الاختلاف بين نتائج تعداد ٢٠٢٢ و ٢٠١٠ وترقيع فضيحة اختلاف الأرقام، إذ أجابوا: أن الأرقام المنشورة سابقا تقديرية، وأن النتائج الجديدة هي الأكثر دقة للبيانات، وأنه ومنذ انطلاق الرؤية ارتفعت جودة ودقة البيانات، بمعنى آخر: أنهم يريدون نسف جهود الملك عبدالله وما تم في عهده.
٣. كما جرى الحديث عن انخفاض عدد المنازل الموصولة بشبكة الإنترنت الأرضي، فأوصوا أن يتم تضليل الإجابة بذكر الأرقام الخاصة بانتشار 5G وترتيب المملكة في المؤشرات ذات العلاقة.
ويؤكد ما جرى في بيانات تعداد السعودية 2022 كذب إحصاءات الحكومة في نسب البطالة والسكن ومعدل الدخل وغيرها. أما ما يخص حقوق الإنسان والمعتقلين فأرقام الحكومة وبياناتها كذب في كذب.
وقد كان من أبرز أهداف تعداد السعودية 2022، هو تضليل نسبة السكان السعوديين، عبر نسف الجهود السابقة، واعتبار الاحصائيات التي تمت إبان عهد الملك عبدالله غير دقيقة، وذلك لكي يؤكدوا للناس أن أعدادهم قليلة وفق حجم المصروفات من الميزانية السنوية.
كما أن محمد بن سلمان يريد مخاطبة الإعلام الغربي ومغازلته، لتلميع صورته وتغطية على الانتهاكات الإنسانية والحقوقية الصارخة التي يقوم بها، إذ يريد أن يقول أن بفضل رؤية 2030 زاد عدد الأجانب، وستستمر الزيادة، وأنها من الدول العظمى التي تستقبل الأجانب وتوفر لهم بيئات عمل مناسبة.
وإكمالاً لمسلسل التضليل، وترسيخاً للكذبة التي أطلقوها، سوف يُظهرون في الأيام القادمة ما يسمى بالخبراء والمحللين المتخصصين.
وذلك أمثال المتحدث الرسمي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، وإعلاميين من قيادات الهيئة، إضافة إلى تنظيم مؤتمر يجمع الجهات الحكومية والدولية من المهتمين بعلم البيانات.
ولأن بيان تعداد السعودية 2022 مثيرا للسخرية، فقد حاولت لجنة الديوان التي تقف وراءه، أن تتدخل في تفاصيل إعلان التعداد كافة.
إذ حتى الإنفوجراف والتصاميم تدخلت في إعدادها، ورغم كل ذلك، فشلوا في إقناع الناس، حتى مسؤول الهيئة لم يستطع ترقيع الكذبة، تلعثم ولم يعرف ماذا يجيب الناس.
ولكي تكون كذبة إحصاء تعداد السعودية 2022 أكثر قبولاً، فقد أظهروا عدداً من المعلومات التي تتنافى مع أهداف رؤية 2030، ووضعوا لها أجوبة افتراضية، مثل: انخفاض نسبة التملك من ٦٢٪ إلى ٦٠٪، ووجدوا أن يكون الرد: نسبة التملك يتم قياسها بناء على معايير الأسر المستحقة للدعم السكني.
كما أظهرت أن نسبة المنازل التي تصل إليها خدمات المياه بشكل مباشر هي ٧٧٪، وافترضوا أن الإجابة عليها تكون بأن: بقية المنازل الأخرى يتم تغطيتها من خلال صهاريج المياه، وأن الوزارة وبالتعاون مع الشركة الوطنية للمياه تعمل على زيادة نسبة المنازل الموصلة بالشبكة وأن هذا من مستهدفات 2030.
ومن المضحك ما أظهره الإحصاء من انخفاض لسكان الباحة، وبرروا ذلك بأن نتيجة الانخفاض في عدد غير السعوديين، وقالوا أن الباحة هي الأسرع نمواً في عدد السعوديين، وأن سكان المنطقة ارتفع بما يعادل ٣٥٪، ومن المفترض أن يظهر المتحدث الرسمي لإماراة الباحة لتبرير هذا الحدث إن دعت الحاجة لذلك.
وبالرغم من أن تضليل الإحصاء جاء ليفيد بارتفاع عدد الأجانب إلا أنهم أغفلوا أن الارتفاع الأكبر هو من جنسيات معينة مثل البنغلادشية (٢.١ مليون)، وهذا مؤشر خطير، يفترض أن يثير قلق أصحاب القرار وليس مدعاة للفخر.
إذ أنه يرتبط بذلك مخاطر أمنية، ولتبرير ذلك اتفقوا على قول: أنهم يخدمون قطاعات معينة مثل المقاولات، وأن الداخلية ستنشر وتؤكد أنها تستخدم التقنية للتأكد من إبعاد أصحاب السوابق من المملكة.