في خطوة مفاجئة، أطلق ولي العهد محمد بن سلمان حملة تستهدف تقويض الدور السعودي التاريخي في تعليم اللغة العربية ونشر تعاليم الإسلام.
تجلى ذلك بسحب محمد بن سلمان الدعم المقدم إلى أكاديمية الملك فهد في لندن وهي مدرسة مستقلة ومعروفة باتت تُواجه خطر الإغلاق في شهر سبتمبر/أيلول المقبل رغم شعبيتها وسط جاليات الشتات من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ 38 عاماً.
وأورد موقع Middle East Eye البريطاني، أن أكاديمية الملك فهد في لندن تعمل على خدمة الاحتياجات التعليمية لسكان العاصمة ذوي الخلفيات العربية والإسلامية منذ عام 1985، عن طريق المزج بين الدراسات العربية والإسلامية والمقررات البريطانية.
وبحسب الموقع تلقى المعلمون في المدرسة المدعومة من السعودية خبر الإغلاق شخصياً في يوم الثلاثاء، 2 مايو/أيار، بعد العودة من عطلة مزدوجة مدتها ثلاثة أسابيع بمناسبة عيدي الفصح والفطر.
وأعرب العديدون عن غضبهم الواضح إزاء فقدان وظائفهم دون سابق إنذار.
وقال أحدهم “كطالب سابق، وولي أمر ومعلم حالي، فأنا ما أزال في حالة صدمة. ويتمحور قلقي الرئيسي حول رفاه أطفالنا، كما أنني لم أتلق إخطاراً رسمياً بالإغلاق كوليّ أمر حتى الآن”.
بينما علم أولياء الأمور بخطة الإغلاق من الشائعات التي انتشرت قبل أيام، ولم يصلهم تأكيد المدرسة إلا بعد ظهر الجمعة 5 مايو/أيار.
ونص الخطاب الذي وصل لأولياء الأمور على التالي: “تُعيد المملكة العربية السعودية تنظيم وهيكلة منظومتها التعليمية. ونتيجةً لذلك، ستعدل منهجها في تقديم الخدمات التعليمية خارج المملكة، وتدرس إغلاق بعض المؤسسات التعليمية حالياً. والأكاديمية واحدة من المؤسسات التي يجري النظر في إغلاقها”.
أردف الخطاب أن من المرجح إغلاق المدرسة بنهاية العام الدراسي الحالي، إلا في حال العثور على مصدر تمويلٍ بديل.
في حين يدرس نحو 480 طالباً بأكاديمية الملك فهد حالياً، بدايةً من مرحلة الحضانة وحتى عمر 18 عاماً. وهناك قائمة انتظار للطلاب المحتملين في الأكاديمية، باعتبارها واحدةً من المدارس القليلة المعروفة بتعليم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في لندن.
قال أحد أولياء الأمور الغاضبين: “سمعنا أنها مسألة تمويل. لكن السعودية تستطيع تحمُّل تكاليف استمرار تشغيل مكانٍ كهذا بكل تأكيد. ومع توفير الاستثمار المناسب، يُمكن لهذه المدرسة أن تصبح مركزاً للتعلُّم المتميز وأن تُبرز أفضل جوانب التعليم البريطاني والإسلامي”.
يذكر أنه في يوم الخميس 4 مايو/أيار، بعث أولياء الأمور بخطابٍ إلى المدرسة ليقولوا إن “تعليم أطفالهم واستقرارهم أصبحا متروكين في وضعٍ مُعلَّق”.
اشتكى أولياء الأمور من أنهم لا يملكون الوقت الكافي للعثور على مدارس جديدة، وذلك قبل بداية العام الدراسي الجديد في سبتمبر/أيلول.
وقد أُغلِق الآن باب التسجيل في العام الدراسي 2023-2024 بالمدارس الحكومية، مما يزيد صعوبة العثور على مدرسةٍ مختارةٍ أخرى.
والمدرسة تأسست في عام 1985 على يد ملك السعودية الأسبق فهد بن عبد العزيز آل سعود، من أجل توفير التعليم لأبناء الدبلوماسيين السعوديين وغيرهم من الراغبين في الحصول على تعليمٍ ديني داخل لندن، وحظي خريجو المدرسة بمسيرات مهنية ناجحة في مجالات القانون، والطب، والإعلام، والفن.
قال طالب المدرسة السابق جمال الشيال، مدير استراتيجية المحتوى في شبكة “الجزيرة” القطرية، للموقع البريطاني: “كانت أكاديمية الملك فهد أكثر من مجرد مدرسة. لقد كانت بمثابة منزلنا البعيد عن المنزل، وساعدتنا في تعلُّم وفهم هويتنا الدينية والثقافية”.
ضمت قائمة الطلاب السابقين في المدرسة نهى ياسين، التي أصبحت أول امرأة تعمل في مجال مراقبة جراحات القولون والمستقيم بالروبوتات داخل المملكة المتحدة. وكذلك أحمد عزيز الذي يُعَد من جراحي رأب العيون البارزين في كلية لندن الإمبراطورية.
تخضع الأكاديمية لإدارة مجلس أمناء يتحمل المسؤولية أمام السفارة السعودية. ويحصل الطلاب السعوديون على تعليمهم بالمجان في المدرسة، بينما تدفع الأسر غير السعودية رسوماً تقدر بـ3795 دولاراً عن العام الدراسي.