قال جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأميركي إن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية أمر حتمي، وذلك بعد إعلان واشنطن أن الإمارات وإسرائيل اتفقتا على تطبيع كامل للعلاقات بينهما، في حين، كشف ملياردير يهودي النقاب عن خشية ولى العهد محمد بن سلمان – حدوث فوضي في بلاده – إذا أعلن اتفاق التطبيع.
وصرح كوشنر في مقابلة تلفزيونية في تعليق على الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي بأنه يعتقد أن هناك دولا أخرى مهتمة جدا بالمضي قدما في إقامة تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
وأضاف أنه يعتقد أن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة أمر حتمي، وأن “البلدين سيكونان قادرين عندها على القيام بأمور عظيمة كثيرة”.
وذكرت وكالة رويترز أن مسؤولا كبيرا في البيت الأبيض قال إن كوشنر والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط آفي بيركوفيتش على اتصال مع دول عديدة بالمنطقة، في محاولة لمعرفة إذا كانت هناك اتفاقات تطبيع أخرى ستوقع.
ولم يكشف المسؤول الأميركي عن أسماء الدول المعنية، غير أن هناك تكهنات تركز على دولتين هما البحرين وسلطنة عمان اللتان رحبتا باتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.
من جانبه، نقل الملياردير اليهودي الأميركي حاييم سابان عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قوله إنه يخشى من مهاجمة القطريين والإيرانيين له في حال أقام علاقات علنية مع إسرائيل.
وكشف سابان -الذي توسط من أجل إبرام اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل- في حديث لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أنه التقى على مأدبة عشاء محمد بن سلمان وسأله: لماذا يبقي العلاقات مع إسرائيل تحت الرادار؟ ولماذا لا يخرج ويقود الأمور؟.
وأجاب ولي العهد السعودي قائلا: أنه يستطيع أن ينفذ ذلك في لحظة، لكنه يخشى من مهاجمة القطريين والإيرانيين له، كما يخشى من حدوث فوضى داخل بلاده أيضا.
وأضاف سابان أن الإماراتيين كانوا شجعانا في إعلان الاتفاق مع إسرائيل؛ وتمنى أن يقود ذلك إلى إقناع دول أخرى بالمضي في هذا الطريق، بما فيها السعودية.
وتساءل الكاتب القطري البارز جابر الحرمي عن إمكانية أن يجرؤ أي مسؤول في المملكة على انتقاد خطوة الإمارات بالتطبيع الكامل مع (إسرائيل).
وقال الحرمي في تغريدةٍ عبر تويتر: “هل يجرؤ أي مسؤول في #السعودية أن يقول أن تطبيع #الامارات مع #إسرائيل طعنة في ظهر الموقف العربي والإسلامي الموحد؟”.
وأضاف: “دعونا نرى: إن كانت #السعودية مختطفة إماراتيا أم لا”.
هل يجرؤ أي مسؤول في #السعودية أن يقول أن تطبيع #الامارات مع #اسرائيل طعنة في ظهر الموقف العربي والإسلامي الموحد ..؟
دعونا نرى :
إن كانت #السعودية مختطفة إماراتيا أم لا ..#تطبيع_الإمارات_خيانة #التطبيع_خيانة #خليجيون_ضد_التطبيع #السعودية pic.twitter.com/CPxcFhUgWb— جابر الحرمي (@jaberalharmi) August 14, 2020
ويلتزم نظام آل سعود الصمت التام إزاء اتفاق إسرائيل والإمارات على التطبيع برعاية أمريكية.
ولم تصدر المملكة أي موقف رسمي تجاه الاتفاق الذي قوبل برفض فلسطيني شديد، فيما يبدو أنه علامة رضا غير معلنة في هذه المرحلة لاسيما في ظل تقارب نظام آل سعود مع إسرائيل مؤخرا.
واستذكر مغردون موقف سعود القحطاني مستشار ولي العهد محمد بن سلمان السابق المناهض لتطبيع قطر مع إسرائيل واعتبره “طعنة جديدة في ظهر الموقف العربي والإسلامي الموحد”.
وأثار الاتفاق الجديد بين الإمارات وإسرائيل أسئلة حول مصير مبادرة السلام العربية التي ولدت سنة 2002 برعاية الرياض وتنص على قيام دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود عام 1967 مقابل تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.
وفي دراسة حديثة، قال مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث إن ولي العهد محمد بن سلمان يسخر إعلام المملكة في خدمة الترويج للتطبيع مع إسرائيل بغرض ترك بصمته المشبوهة على ملف الصراع العربي مع إسرائيل.
ويستمر إعلام المملكة بثوبه الجديد الذي ألبسه إياه بن سلمان، في الترويج لرؤيته الجديدة تجاه العديد من القضايا، منها ما هو على الصعيد الداخلي، ومنها على الصعيد الإقليمي، وواحدة من أخطر القضايا، التي يريد أن يضع بن سلمان بصمته فيها، هو موضوع الصراع العربي الإسلامي مع إسرائيل.
ففي الوقت الذي تعتبر الشعوب العربية والإسلامية جميعًا أن العدو الأول لها هو إسرائيل بسبب اغتصابها لأرض عربية، تضم مقدسات إسلامية، يحاول بن سلمان تغير هذه النظرة إلى نقيضها، وإعادة تشكيل العقل العربي إلى حالة من التماهي مع ما يفعله الاحتلال بفلسطين وأهلها، والنظر إليهم كشعب مسالم قد وقع ضحيةً لسيل من الكراهية العربية ومن دون سبب!
ولأجل هذا الهدف يستخدم بن سلمان شتى السبل للتأثير على المواطن داخل المملكة والمواطن الخليجي والعربي، عبر آلة إعلام ضخمة يمتلكها هو وحليفه ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وبعد أن انتهى من تحييد كثير من خصومه الداخلين، من مثل هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي شن عليها حملة إعلامية كبيرة انتهت بتقزيم هذه الهيئة، ثم تصفية الرموز الإسلامية من علماء مسلمين داخل المملكة بتهمة الانتماء لجماعة الاخوان المسلمين، أو التعاطف معها، واستبدالهم برجال من وعاظ السلاطين، ومدارس فكرية مشبوهة تمشي بما يريده السلطان، مثل الجامية وغيرها، بالإضافة إلى بعض الطرق الصوفية التي يستثمر فيها حليفه الإماراتي.
ويأتي اليوم إلى القضية الإقليمية الأشد حساسية للمجتمع العربي والإسلامي وهي القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسلامي مع إسرائيل.
ففي هذا السياق، ظهرت في شهر رمضان الفضيل العديد من المسلسلات المدعومة من قبل بن سلمان والتي تصب في الترويج لموضوع التطبيع مع إسرائيل كان من أكثرها تطرفًا لمشاعر العرب المسلمين، هي مسلسل “أم هارون ” ومسلسل “مخرج 7”.
والمسلسلان يدعوان في ثناياه وبعبارات واضحة للتطبيع وتقبل فكرة مد الجسور مع إسرائيل، على اعتبارهم جيرانا لهم حق في أرض المسلمين، وشعبا لم يعتدي على العرب، إنما الفلسطينيون هم المعتدون، وهم من باعوا أرضهم لليهود إسرائيل، وبالتالي فليس من حقهم النضال ضدهم، بل وصل الأمر إلى وصف نضالهم بالإرهاب.
مسلسل “أم هارون” الذي هو من انتاج شبكة MBC الإعلامية السعودية، وبكادر تمثيلي كويتي وأخرين خليجيين، تم تصويره في الامارات، يحاول من يقف خلف انتاج هذا المسلسل، أن يجعل المشاهد العربي متعاطفًا مع الجالية اليهودية التي كانت تسكن في الخليج، على اعتبارها كانت تتعرض للمظالم والتمييز من قبل المجتمع العربي المسلم، الذين طردوهم من وطنهم بعد ذلك حسب الرواية الصهيونية.
ويتخلل المسلسل تشويهات تاريخية وتزيف يتم تسويقه للمشاهد العربي لدعم وجهة النظر الإسرائيلية، منها، المغالطة التاريخية التي أوردها المسلسل، حينما ذكر إن الانتداب البريطاني قام بصنع دولة إسرائيل على أرض إسرائيل وليس على أرض فلسطين، وهي مغالطة كبيرة، حيث لم يكن هناك أرض تسمى إسرائيل قبل تأسيس دولة الاحتلال.
ولاقى المسلسل “أم هارون” استهجانا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي قبل بداية عرضه وأثناء عرضه، وسط اتهاماتٍ للمسلسل بترويج التطبيع مع إسرائيل والترويج لفكرة التسليم للصهاينة والاستسلام لمخططاتهم التوسعية القادمة لا محالة!.
واستخدم في المسلسل نصوص مكتوبة باللغة العبرية بداعي كتابة أم هارون لمذكراتها في المنطقة مستخدمة لغتها اليهودية.