تنتهج السلطات السعودية تشويه سمعة المقاومة الفلسطينية في تنفيذ لسياسات الاغتيال المعنوي بهدف تدمير الصورة الرمزية للقضية الفلسطينية ولكل مقاوم ومناضل ضد الاستبداد والاحتلال.
ذلك لأن المقاوم والمناضل تنعكس رمزيته على الشارع العام ولها تأثيرات كبيرة على الشارع المحلي، وأهمها في السياق السعودي هو تصفية القضية الفلسطينية والسعي للتطبيع مع الاحتلال، بحسب ما أبرزت صحيفة “صوت الناس” المعارضة.
وقبل أسابيع صرح ولي العهد محمد بن سلمان بأن القضية الفلسطينية ليست أولوية لديه، لهذا مهم أن يقطع أي امتداد شعبي وتعلق بمصير هذه القضية، بعد أن كانت القضية الفلسطينية مركزية في تعاطي السعودية مع الاحتلال.
إذ ن الحكام السابقين كانوا في دعم مستمر للقضية الفلسطينية وتجاهل للتواصل مع الاحتلال، على عكس الحال اليوم، تجاهل القضية الفلسطينية وانبطاح أمام الاحتلال.
لهذا تسعى الأنظمة عبر قنواتها الرسمية وغير الرسمية لتدمير صورة الحدث الذي ينفي الكثير من سرديات الإعلام الاستبدادي أن القيادات الفلسطينية تعيش في نعيم في الانفاق، وهو ما ظهر عكسه في حالة اغتيال زعيم حركة حماس يحيى السنوار.
وهذا التدمير والاغتيال المعنوي من نتائجه أنه يشتت حاله التضامن الواسعة مع القضية الفلسطينية بشكل عام وبشكل خاص هذه الأيام، حيث أن الوضع المتأزم دولياً يحرج السعودية في صمتها المستمر رسمياً نحو فظائع الاحتلال.
جانب أخر، في سياسات الاغتيال المعنوي هو إصرار أجهزة الدولة الإعلامية والإعلام الرديف في شبكات التواصل بإيصال رسالة حول اتجاهات الدولة في إظهار قيمها الأساسية في الدولة في عدم تفويت فرصة لإلصاق كل شر بالأحرار والمناضلين.
فهذا سلوك سياسي دعائي لدى أجهزة القمع. فهي تمارس سياسات القتل المعنوي وتشويه الصورة، ولهذا هي تتحكم بالصورة والصوت والمحتوى الإعلامي، ولا تسمح لأي تعاطف أو تضامن أن يظهر في محيطها حول الإشادة بهؤلاء المدافعين عن ديارهم ضد أخر احتلال على وجه الكرة الأرضية.
الاغتيال المعنوي، يعني اتهام المقاومين والمدافعين عن حقوق الإنسان وعن بلدهم بأنهم يعيشون في فنادق وقصور كما يحدث مع كل الاحرار في كل مكان الذي يتخذون مجابه الظلم (الاحتلال، الاستبداد) نهج حياة وبوصلة أخلاقية في سعيهم الدؤوب في الانحياز للقضايا العادلة.
وهذا سلوك الاستبداد مع كل من يقاوم الظلم كان ضد احتلال أم سلطة محلية أن يواجهه بسياسية الاغتيال المعنوي التي تنص على التالي: أكذب، ثم أكذب، ثم كرر الكذب، ثم اكذب ولا تتوقف عن الكذب.
إنه منهج إعلامي يمتهنه موظفي الأجهزة القمعية، وهي خلق الأكاذيب ونشرها حول الشخصيات القيمية والمناضلة وعدم السماح بالترويج لأي تعاطف شعبي مع هذه الشخصيات ومع قضاياه.
وهذا المنهج يُعمل به بشكل أساسي في السعودية، فالمتحكم في السردية الرسمية في وسائل الإعلام هي السلطة، وهذا أمر واضح، لكن في تويتر هناك مزاحمة على خلق سرديات وصورة نمطية حول السعوديين.
حيث يظهر العديد من المواطنين ممن هم عبيد في المقام الأول في الحديث وكأنهم أفراد مستقلين عن السلطة ويروجون لهذه السياسة التي تشمت بمقاتلي حركات المقاومة.
تبعات هذه السياسة هي الخوف! نعم الخوف من تسرب الروح النضالية والأفكار في المجال العام السعودي، فالرعب الذي تعيشه الحكومة السعودية من التعاطف الشعبي فلسطين لا يمكن تصور مداه.
فالسعودية في ورطة حقيقة في خروج شخصيات لها قيمة حقيقة تنحاز للعدل والحرية والكرامة ضد الاحتلال ومع العدل، فهذا النوع من النماذج الإنسانية مرعب للاستبداد الذي يريد بشر بمواصفات معينه، لا أحرار ولا شجعان ولا أصحاب كلمه ولا قيمة، بل كائنات ممسوخه من الواقع، تعيش لأجل اللذة والمتعة الرخيصة.
والحكومة السعودية تعي أن الثائر له وهج وقيمة في ميدان الشرف، لهذا هي استنفرت كافه قواها خلال اليومين الماضيين في الحط من القيمة الرمزية لنهاية المقاتل الفلسطيني وصمود الفلسطينيين بشكل عام يزعجهم أكثر من نهاية رئيس الحركة الذي كان يعلم نهايته، لكن المزعج للأجهزة القمع هو الصمود الفلسطيني لكافة الشرائح.
وكأن لسان حال أهل غزة يقول أنا صامد ضد أعتى جيش معزز من أقوى قوة في العالم وصامد ولن أبرح أرضي، هذا ما يزعج الاستبداد الذي يمني نفسه بالتطبيع مع الاحتلال لأجل مشاريع اقتصادية لا قيمة لها أمام تجريف أهل غزة اقتلاعهم من جذورهم.
أخيراً، فإن المعركة مع الاستبداد هي معركة وعي بالمقام الأول، والاغتيال المعني وتشويه السمعة هو أحد أهم الأدوات التي تستخدمها السلطة بشكل مستمر، فهي لا تتوقف عن هذا السلوك ليل نهار، ولا يوجد ناشط وفاعل له قيمة في الميدان إلا وله ملف مخصص للحط من قيمته ومن قيمة سلوكه وتبخس قيمة نشاطه، لأنها بهذه الوسيلة تحاول تقليل الأثر الذي يحدث هذا النشاط.