في إطار نهج القمع الاستبداد الحاكم في السعودية نجد أن القضاء يعمد إلى تلفيق تهما ويحكم تعسفيا فيما وزارة الداخلية تزيف الحقائق وتروج الأكاذيب للتغطية على الظلم الحاصل في البلاد.
ففي 17 أغسطس 2024، نشرت وكالة الأنباء السعودية، بيانا صادرا عن وزارة الداخلية، أعلنت فيه تنفيذ حكم القتل بحق عبدالمجيد بن حسن بن عبدالله آل نمر.
البيان لم يشر إلى نوع الحكم الذي نفذ بحقه، إلا أنه قال أنه صادر عن المحكمة الجزائية المتخصصة وبالتالي على الأرجح هو حكم تعزيري. وعدّد البيان التهم التي من المفترض أن الحكم صدر على أساسها، وهي ارتكابه: أفعالاً مجرمة تنطوي على خيانة وطنه وانضمامه لخلية إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، وتمويله للإرهاب والأعمال الإرهابية وتأييده للفكر الإرهابي.
إحصاءات المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، كانت قد أدرجت اسم عبد المجيد النمر في قوائم المهددين بالقتل في السعودية قبل تنفيذ الحكم، مع ما يقارب 70 شخصا معظمهم يواجهون تهما تتعلق بالتعبير عن الرأي أو تهم على خلفية المظاهرات والأحداث التي شهدتها محافظة القطيف في المنطقة الشرقية.
صك الحكم الابتدائي الذي حصلت المنظمة على صورة منه والصادر بحق النمر بتاريخ أكتوبر 2021، يظهر تزييفا واضحا في بيان الداخلية، كما أنه يبين شوائب جسيمة في نظام العدالة في السعودية إلى جانب انتهاك صارخ للقوانين الدولية.
قالت وزارة الداخلية أن التهم التي واجهها النمر تتعلق بانضمامه لخلية تابعة لتنظيم القاعدة الإرهاب، بالرغم انه ينتمي للطائفية الشيعية.
إضافة إلى ذلك، تشير لائحة التهم في صك الحكم إلى أن التهم التي واجهها تتشابه إلى حد كبير مع التهم التي دأبت النيابة العامة على توجيهها إلى المتهمين الذين تم الحكم عليهم على خلفية الأحداث الذي شهدته محافظة القطيف.
وبحسب الصك واجه النمر التهم التالية:
السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية من خلال المشاركة في المظاهرات وتشييع عدد من الهالكين وتكرار ذلك بمحافطة القطيف وتأييده للأعمال التخرييبة وترديد هتافات مناوئة للدولة والمسيئة لولي الأمر وتحريضه على ذلك.
تمجيده لنمر النمر واحتجاجه على قرارات القبض والمحاكمة للمطلوبين والموقوفين أمنيا وإثارته للفتنة الطائفية بتقيدم تقاعده من الخدمة العسكرية بعد القبض على الهالك نمر النمر وتحريض العاملين بإدارة مرور الدمام من الشيعة على الخروج في.
تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية المجرم بنظام مكافحة الإرهاب من خلال: تأجيره مزرعة أخيه مع علمه بتحويلها إلى تشليح سيارات بطريقة غير نظامية ووكر لعدد من المطلوبين، تقديم المواد الغذائية لعدد من المطلوبين، إعداد وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام من خلال انضمامه لمجموعة عبر برنامج التاصل الاجتماعي واتساب تضم عددا من المطلوبين والموقوفين لتبادل المعلومات، مراقبة ورصد تحركات رجال الأمن.
لا تظهر التهم الواردة في الحكم تهمة الانتماء لتنظيم القاعدة التي أوردها بيان وزارة الداخلية، وهذا ما يعتبر تزييفا واضحا للحقيقة.
وتعتبر المنظمة أن هذا الاختلاف يؤكد انعدام الثقة في البيانات الرسمية التي كانت المنظمة قد رصدت سابقا معلومات مخفية أو غير دقيقة فيها.
وتشير المنظمة الأوروبية السعودية إلى أن النيابة العامة لم تطالب بالإعدام في لائحة الدعوى التي قدمتها ضد عبد المجيد النمر.
وبحسب صك الحكم طالبت النيابة العامة بالحد الأعلى من العقوبة المقررة في المادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلومانية والحد الأعلى من العقوبة الواردة في المادة 16 من نظام مكافحة غسل الاموال، والحكم عليه بعقوبة تعزيرية شديدة، والمنع من السفر.
أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكما بتاريخ 19/3/1443 ضده بالسجن 9 سنوات ومنعه من السفر، إلا أن محكمة الاستنئاف غيرت الحكم إلى القتل على الرغم من أن النيابة العامة لم تطالب ابتداءا بذلك.
ترى المنظمة أن رفع الحكم من السجن إلى القتل في مرحلة الاستنئناف يظهر استخفافا تاما بالحق في الحياة، ويدفع المحكومين إلى التخلي عن حقهم بطلب الاستنئناف بسبب انعدام العدالة.
كما تشير المنظمة إلى أن النمر أكد خلال المحاكمة تعرضه للتعذيب ما أدى إلى نقله إلى المستشفى، كما طلب التقارير الطبية التي تؤكد ذلك. على الرغم من تقديم التقارير إلى المحكمة وإثبات حالته الصحية بسبب التعذيب، لم يتم محاسبة المسؤولين عنه، واستندت المحكمة إلى إقرارات منتزعة تحت التعذيب.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن إعدام عبد المجيد النمر دليل جديد على انعدام أي ثقة في كافة مراحل نظام العدالة في السعودية، وصولا إلى مرحلة التنفيذ وإصدار وزارة الداخلية للحكم.
وتعتبر المنظمة أن تزييف التهم، وإصدار الحكم بالقتل على الرغم من أنه لم يواجه تهما من الأشد خطورة في القانون الدولي، وكون معظم التهم تتعلق بالتعبير عن الرأي والمشاركة في تجمعات، إلى جانب تغيير الحكم في مرحلة الاستئناف، واحتجاز الجثمان بعد التنفيذ، دلائل صارخة على الطابع الانتقامي في استخدام هذه العقوبة.
وتشير المنظمة إلى أن إعدام عبد المجيد النمر، إلى جانب أرقام الإعدامات المرتفعة منذ بداية 2024 حيث وصل عدد المعدومين حتى 19 أغسطس إلى 147 شخص، هو رسالة واضحة تؤكد استخفاف السعودية التام بالتزاماتها ووعودها، ومضيها في عمليات القتل التي تنتهك القوانين الدولية.