كشفت مجلة “فورين بوليسي” أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، “رفض بشدة”، خلال مكالمة هاتفية مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز في 6 يونيو/حزيران 2017 مقترحاً بغزو قطر، أي بعد يوم واحد على قطع دول الحصار علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة، وفرض الحصار عليها بإغلاق كافة المنافذ الجوية والبحرية والبرية.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن الولايات المتحدة – بعد رفضها غزو قطر- طلبت تفعيل الوساطة الكويتية لحل النزاع داخل حدود مجلس التعاون الخليجي.
ويتماشى ما قالته المجلة الأمريكية مع ما كشفه أمير الكويت، الشيخ “صباح الأحمد الجابر الصباح”، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في البيت الأبيض بتاريخ 7 سبتمبر/أيلول 2017، عن نجاح الوساطة الكويتية في وقف التدخل العسكري في قطر، حيث قال: “الأزمة في الخليج معقدة، لكن الأهم أننا نجحنا في وقف أي عمل عسكري”.
ونوهت “فورين بوليسي” بالدور التركي المتمثل في الوقوف إلى جانب قطر ورفض الحصار المفروض عليها، فضلاً عن تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك التي وقعها البلدان عام 2014 والتي تم بموجبها إرسال قوات عسكرية إلى القاعدة التركية في قطر.
وأشارت المجلة إلى الدعم الذي قدمته إيران لدولة قطر من خلال فتح المجال الجوي أمام الطيران القطري وإمداد السوق المحلي بالسلع والمنتجات الضرورية خلال المراحل الأولى من الحصار.
وفي مايو/أيار 2019، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن السعودية خططت، قبيل الحصار في 2017، لغزو قطر والاستيلاء على حقول الغاز بها، وفقا لمسؤولين أمريكيين وسعوديين وقطريين طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن واشنطن أقنعت الرياض بأن الغزو سيكون بمثابة خرق كبير للنظام الدولي، وبدلا من ذلك، أطلقت السعودية والعديد من حلفائها مقاطعة اقتصادية عقابية ضد قطر.
ودخل حصار قطر في 5 يونيو/ حزيران عامه الرابع بعدما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، عام 2017 وقطعت كافة المنافد البرية والبحرية معها في أسوأ أزمة منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عام 1981.
وتستمر الأزمة الخليجية وحصار قطر، دون أي مؤشرات في الأفق على حل قريب، على الرغم من أنه بات واضحاً فشل دول الحصار في تحقيق أهدافها بابتزاز الدوحة وإخضاعها لمطالب وشروط تقيّد حركتها ودورها الإقليمي والدولي.
في المقابل، أظهرت السنوات الثلاث الماضية، نجاح قطر في تعزيز أوراق القوة التي ساعدتها على تخطي الحصار والتمسك برؤيتها لحل الأزمة عبر حوار مباشر بين الأطراف المعنية، مع تعزيز علاقاتها الخارجية، خصوصاً مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وشراكتها مع تركيا.
ولا تلوح في الأفق أي حلول تطوي صفحة الحصار، التي لم تعصف بكيان مجلس التعاون الخليجي فحسب، بل بعلاقات شعوب منطقة الخليج العربية بعضها ببعض، بفعل السياسات المغامرة من قبل حكومات دول الحصار، والتي تركت جروحاً وآلاماً من الصعب أن تندمل وتزول بسهولة في الشارع القطري.
وكان المشهد الأبرز في العام الثالث من عمر الأزمة، فشل المفاوضات القطرية السعودية، التي أوقفتها الرياض من جانب واحد ومن دون سابق إنذار، مطلع العام الحالي، بعدما انطلقت أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول من العام 2019، على وقع انفراج مؤقت في الأزمة الخليجية، تمثل بإقامة دورة كأس الخليج العربية لكرة القدم في الدوحة، نهاية العام الماضي، وشاركت فيها منتخبات الدول الخليجية الست.
لكن التصعيد السياسي والهجوم الإعلامي على قطر، ما لبث أن عاد من قبل دول الحصار، وتحديداً السعودية والإمارات، بعد أن أوقفت الرياض المفاوضات، مما دفع بنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، للرد في تصريحات صحافية في شهر فبراير/شباط الماضي داعياً “دول الحصار إلى أن تعود لرشدها”، مشدداً على أنّ “لكل بلد حقه السيادي في اتخاذ إجراءاته”.
وشهد يوم 5 مايو/أيار الماضي، تصعيداً إعلامياً من قبل دول الحصار ضد قطر، وتحديداً الذباب الالكتروني السعودي-الإماراتي، للتغطية على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها دول الحصار، باختراع انقلاب وهمي في قطر، والترويج لمقاطع فيديو مزيفة تتحدث عن “عمليات إطلاق نار” في المدن القطرية ومن ثم إشاعة رغبة الدوحة بالانسحاب من عضوية مجلس التعاون الخليجي.
وتتمسك الدوحة بشروطها التي أعلنتها منذ بداية الأزمة الخليجية، برفضها شروط دول الحصار، ودعوتها لرفع الحصار، والجلوس على طاولة المفاوضات.