قالت صحيفة The Media Line الأمريكية إن الذكرى الـ 20 لأحداث 11سبتمبر تضع العلاقات الأمريكية السعودية على المحك مجدداً، لأن الوثائق التي رُفعت عنها السرية يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التدهور في العلاقات.
وأبرزت الصحيفة أن لدى الحكومة السعودية ثلاث طرق لممارسة أعمالها، بالرشوة أو التهديد أو القتل، والتلويح بإغلاق حنفية النفط.
وتابعت “لكن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت أقل اعتماداً على السعودية الآن، لذا لم تعد السعودية تمتلك أوراق الضغط التي اعتادوا عليها”.
وجاء في تقرير للصحيفة: في الشهر الماضي، كتب ما يقرب من 1700 من أحباء ضحايا الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 أيلول/سبتمبر 2001، رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن.
كانت الرسالة صريحة: أمر برفع السرية عن الوثائق المتعلقة بتورط المملكة العربية السعودية في 11 أيلول/سبتمبر، أو لا تزعج نفسك بالمجيء إلى نيويورك للاحتفال بالذكرى العشرين لتدمير مركز التجارة العالمي.
وقال تيري سترادا، الرئيس الوطني لعائلات 11 أيلول/أيلول والناجين المتحدين من أجل العدالة ضد الإرهاب، لصحيفة ميديا لاين: “اللوم في ذلك لا يقع كله على بايدن، بل يجب أن ينتهي هنا.
وتعهد بايدن خلال حملته الرئاسية برفع السرية عن المعلومات المتعلقة بالهجمات، لكنه تباطأ في الوفاء بالوعد.
وبدلا من ذلك، عمل سترادا مع قادة في مجلس الشيوخ الأمريكي لتقديم قانون الشفافية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في 11 أيلول/سبتمبر، وهو تشريع من شأنه أن يفوض وزارة العدل ووكالة الاستخبارات المركزية ومدير الاستخبارات الوطنية بالمضي قدما في رفع السرية عن الوثائق.
وقال ” ان مشروع القانون لا يتطلب من الوكالات الفيدرالية رفع السرية عن أي وثائق محددة. وبدلا من ذلك، يتطلب مشروع القانون من الوكالات إكمال الاستعراضات المناسبة لرفع السرية من خلال العمليات القائمة. كما يتطلب مشروع القانون من الوكالات تقديم مبررات لاستمرار تصنيف أي وثائق”، كتب السناتور بوب مينينديز (دي نيوجيرسي).
وكتب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، “إن التشريع على غرار مراجعة رفع السرية عن وثيقة أبوت آباد التي أقرها الكونغرس في عام 2014، والتي أدت في نهاية المطاف إلى رفع السرية عن مجموعة من الوثائق التي تم استردادها خلال غارة الولايات المتحدة على مجمع أسامة بن لادن”.
وفي حين تجري لجنته رقابة منتظمة على المملكة العربية السعودية، لم يتم بعد تحديد جلسة استماع بشأن مشروع القانون.
ولكن يبدو أن الرسالة سمعت، وأذعن الرئيس بايدن أخيرا، حيث نشر أمرا تنفيذيا في أواخر الأسبوع الماضي يأمر وزارة العدل والوكالات الحكومية الأخرى بمراجعة الوثائق المتعلقة بتحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي في 11 أيلول/أيلول لاحتمال رفع السرية عنها. يتطلب أمر الرئيس بايدن من المدعي العام ميريك غارلاند نشر الوثائق التي رفعت عنها السرية علنا على مدى الأشهر الستة المقبلة.
وقال سترادا ” ان اربعة رؤساء غطوا جميعا السعوديين . جميعهم رفضوا نشر الوثائق يدعون أن هناك أسرار الدولة. وهم يزعمون أن استعراض جميع الوثائق لرفع السرية أمر مرهق للغاية. ولكل إدارة أجندتها الخاصة.
وقال “للسعوديين ثلاث طرق للقيام بالأعمال: الرشوة أو التهديد أو القتل. هناك دائما خطر إغلاق حنفية النفط، لكننا أقل اعتمادا على السعوديين في ذلك من أي وقت مضى”.
لطالما كانت العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية التي دامت 75 عاما علاقة حماية عسكرية لأمن النفط. وقد صمدت هذه العلاقات أمام عاصفة الحظر النفطي الذي فرضه السعوديون على الولايات المتحدة في أوائل السبعينيات، والغزو الأمريكي للعراق، الذي عارضه السعوديون، خوفا (بشكل صحيح) من أن يؤدي ذلك إلى تمكين إيران.
وقال جوزيف ويستفال، الذي كان سفيرا للولايات المتحدة لدى السعودية في الفترة من 2014 إلى 2017، لصحيفة “ميديا لاين”: “كان للحظر تأثير طويل الأمد على العلاقة التي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا”.
وكان الحظر وسيلة السعوديين في محاولة لفرض تسوية سياسية حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لصالح المصالح العربية.
تركت الثورة الإيرانية في عام 1979 السعوديين كلاعب أكبر في سوق النفط الأمريكية. ومع ذلك، كان التأثير الأكبر للثورة هو الخوف من الإطاحة التي تختمر داخل المملكة، مما أدى إلى تمكين الزعماء الدينيين المتشددين، بمن فيهم أسامة بن لادن.
وشارك 19 خاطفا في هجمات 11 أيلول/سبتمبر. وكان 15 منهم سعوديين.
وتحت الضغط الداخلي، كلفت الولايات المتحدة في نهاية المطاف بإعداد تقرير عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول وخلصت إلى أنه لا يوجد دليل على أن الحكومة السعودية “كمؤسسة” أو أن مسؤولين سعوديين “كبار” مولوا الخاطفين “بشكل فردي”، لكنها أشارت إلى “احتمال” أن “تقوم الجمعيات الخيرية ذات الرعاية الحكومية السعودية الكبيرة بتحويل الأموال إلى تنظيم القاعدة”.
أشار تحقيق أجراه الكونغرس في عام 2002 ورفع عنه السرية في عام 2016 إلى وجود صلة بين خاطفي الطائرات في 11 أيلول/سبتمبر والعملاء السعوديين، لكنه لم يرسم في نهاية المطاف أي خطوط واضحة بين الرياض والهجوم نفسه.
وكانت السعودية قد اصدرت يوم الاربعاء بيانا وقائيا قبل الإفراج المتوقع عن الوثائق التي رفعت عنها السرية مؤخرا.
وقال “رفع السرية السابق عن المواد المتعلقة بهجمات 11 ايلول/سبتمبر (…) فقط تأكدت من استنتاج لجنة 11 أيلول/مارس بأن المملكة العربية السعودية لا علاقة لها بهذه الجريمة الفظيعة”. ومن المؤسف أن تستمر هذه الادعاءات الكاذبة والخبيثة”.
وعلى الرغم من أن المملكة قالت إنها ترحب بنشر الوثائق، إلا أنها أعربت عن سخطها لاستمرار الاتهامات الموجهة إليها.
وبعد 11 سبتمبر/أيلول مباشرة، رفع محامو عائلات الضحايا دعاوى ضد جمعيات خيرية سعودية وأفراد يشتبه في أنهم حولوا الأموال إلى الخاطفين، لكنهم لم يتمكنوا من مقاضاة المملكة العربية السعودية مباشرة.
وقد تغير ذلك في عام 2016 عندما تجاوز الكونغرس حق النقض (الفيتو) الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما آنذاك وعدل قانون الحصانات السيادية الأجنبية.
لكن السنوات القليلة الماضية دفعت العلاقات الأمريكية السعودية إلى نقطة أدنى من أي وقت مضى بعد 11 أيلول/أيلول.
في العام الماضي، ألحق السعوديون مرة أخرى أضرارا بالاقتصاد الأمريكي عندما قاموا عمدا، في حرب أسعار مع روسيا، بانهيار أسعار النفط في وقت الانهيار الاقتصادي العالمي وسط وباء الفيروس التاجي. فقد عانى منتجو الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، الذين يعتمدون على أسعار النفط الضخمة للبقاء مربحين، معاناة كبيرة.
وكان العديد من المشرعين الأمريكيين، وخاصة الديمقراطيين، غاضبين بالفعل من السعوديين لتعاملهم مع الحرب الوحشية في اليمن وقتل الصحفي والمقيم الأمريكي جمال خاشقجي بأمر من الدولة السعودية. كما أن الحرب الاقتصادية خلال الوباء حولت بعض الجمهوريين ضد المملكة.