يواصل العراق التحقيقات الرسمية في الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها مواقع ومستودعات تابعة لفصائل عراقية مسلحة ضمن “الحشد الشعبي” وسط فرضيات قوية بانطلاق الطائرات الإسرائيلية من المملكة في خطوة غير مسبوقة على مستوى تبيع آل سعود مع إسرائيل.
وبحسب مسؤول بمكتب مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض، والذي يشغل أيضاً منصب رئيس “هيئة الحشد الشعبي”، وهي المظلة الجامعة لنحو 70 فصيلاً مسلحاً، ويرتبط أكثر من نصف تلك الفصائل بإيران عسكرياً وعقائدياً، فإنّ “التحقيقات توشك على الانتهاء وسيتم التصديق عليها وتسليمها لوزارة الخارجية، للتوجه بها إلى مجلس الأمن الدولي”.
وذكر الفياض أن “التحقيقات تؤكد تعرض العراق لهجوم خارجي بواسطة طائرات مسيّرة، لكن حتى الآن هناك عجز واضح عن تحديد من أين دخلت المسيّرات، وهناك عدة فرضيات، بين من يتحدث عن أنها انطلقت من قواعد أميركية داخل العراق، وأخرى عن أنها انطلقت من مناطق حدودية سورية تسيطر عليها مليشيات (قسد)، وأخرى لا تستبعد أن تكون السعودية سهلت انطلاقها من أراضيها، أو مرورها منها إلى العراق، رداً على استهداف سابق لمصلح نفطية سعودية في شهر أيار (مايو) الماضي، تُتهم فصائل عراقية مرتبطة بطهران بأنها هي التي نفذته بطائرات مسيّرة وليس جماعة الحوثيين اليمنية”.
وأكد أن التحقيق تشرف عليه قيادات أمنية وعسكرية عراقية بارزة، إضافة إلى ممثلين عن “الحشد الشعبي”، وهناك تأكيدات من النظام السوري بأنه لم يتم رصد عبور أي طائرة لأجوائه نحو العراق.
وذكر أن العراق يريد حالياً تدويل الاعتداء عليه، وسيحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة، وفي حال ثبت فعلاً أن المسيّرات لم تنطلق من الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل مباشر، بل من مكان آخر قرب العراق، أو من داخله، سيكون هناك موقف آخر بالتأكيد.
ويرى مراقبون أن الهجمات الأخيرة التي طاولت أهدافاً داخل العراق والتي تجعل الحديث عن أنّ الجيش العراقي، بعد عام 2003، يجب أن يبقى جيشاً دفاعياً فقط، لم تعد مطروحة، فالاعتداءات الأخيرة أثبتت الحاجة إلى تطوير صنوف كثيرة، أبرزها سلاح الصواريخ، والدفاع الجوي، وسلاح الجو، وهو ما سيحدث فعلاً.
ووفقاً للخبير الأمني العراقي علي اللامي، فإن “الاعتداءات الصهيونية داخل العراق أطلقت رغبة عارمة داخل القيادات العراقية السياسية المختلفة في تعزيز القدرات العسكرية العراقية”، متوقعاً أن تدخل دول أخرى غير الولايات المتحدة في ملف تسليح القوات العراقية.
ويضيف أنه على الرغم من ذلك، فالتوقعات أن العراق ككل لا يريد التصعيد ويرغب بانتهاء أو وقف الهجمات بالوقت الحالي، وهو ما يسعى إليه حالياً مع الأميركيين.
في الأثناء، نقلت صحيفة يومية عراقية محلية عن النائب في البرلمان العراقي أحمد الكناني قوله إن “رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عرض في الاجتماع تقرير اللجنة المكلفة بالتحقيق في تلك الحوادث”. وبحسب الكناني، فإن التقرير الذي كشفت عنه بعض التسريبات التي خرجت من الاجتماع، أكد أن “التفجيرات كانت قد نُفذت بطائرات إسرائيلية”.
وأعلن رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي عن قدرة العراق على الرد بحزم على أي عدوان يتعرض له من داخله أو خارجه، معتبراً أن “أي اعتداء على أرض وسيادة العراق وقواته المسلحة، أو أي صنف من صنوفها وتشكيلاتها، هو اعتداء على الجميع”، وذلك بعد بيان مقتضب وعد فيه بعرض نتائج التحقيقات كاملة بشأن الاستهدافات الأخيرة لمواقع داخل العراق.
وقبل يومين كشف موقع بريطاني عن دعم آل سعود غارات إسرائيل الأخيرة على العراق وذلك في أحدث فضائح التطبيع بين الجانبين والتحالف الأمني المشبوه القائم بينهما.
وذكر موقع “ميدل إيست آي” البريطانية أن الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها قوات “الحشد الشعبي” في العراق، وألمحت إسرائيل إلى الوقوف خلفها، انطلقت من قوات عسكرية في سوريا.
وأضاف الموقع أن الغارات تمت بدعم وتمويل من سلطات آل سعود.
وأوضح الموقع البريطاني أن أجهزة المخابرات العراقية تشتبه في أن “5 هجمات حديثة بطائرات بدون طيار على القوات شبه العسكرية العراقية شنت من قواعد تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل الوحدات الكردية المكون الأبرز لها، وتتلقى دعماً مالياً من السعودية”.
ونقل الموقع عن مسؤول عراقي مطلع على أحدث إحاطة إعلامية من أجهزة الأمن في بغداد، قوله: إن “الهجمات نفذتها إسرائيل من مناطق قوات سوريا الديمقراطية بتمويل ودعم من السعوديين”.
وتعرضت قوات الحشد الشعبي في العراق لغارة جوية بمدينة القائم قرب الحدود العراقية السورية، عبر ثلاث طائرات إسرائيلية، اثنتان منها مسيرتان، والثالثة مقاتلة حربية، واستهدفت عربتين ومخزناً للعتاد، واتهمت القوات العراقية شبه النظامية “إسرائيل” رسمياً بالوقوف خلفها.
والمسؤول العراقي أشار إلى أن خطة ضرب القوات شبه العسكرية المدعومة من إيران في العراق قد وضعت عندما زار ثامر السبهان، وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، شمال شرق سوريا الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية في يونيو الماضي.
وأضاف أن السبهان، المقرب من محمد بن سلمان، قد وضع الأساس لهذه العملية من خلال دفع الأموال لقوات سوريا الديمقراطية مقابل استخدام قاعدتهم كنقطة انطلاق للضربات.
وبحسب المسؤول العراقي، فقد استخدم شمال سوريا لشن الهجمات على الحشد الشعبي “لأن الطائرات الإسرائيلية بدون طيار لا تمتلك القدرة على الوصول لمدى بعيد تستطيع من خلاله ضرب أهداف الحشد الشعبي”، مؤكداً أن “أفراداً إسرائيليين قاموا بالتحكم في الطائرات من القواعد التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية”.
وفي حزيران/يونيو الماضي، كشفت تقارير إعلامية أن الوزير السعودي ثامر السبهان التقى وجهاء في العشائر العربية والكردية بمحافظة دير الزور شرقي سوريا بهدف تقديم دعم إضافي لـ”قوات سوريا الديمقراطية”.