أكدت تقارير وتسريبات إعلامية متطابقة عن تسارع وتيرة التحضيرات لعقد لقاء علني بين ولي العهد محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأكدت التسريبات وجود تحركات عربية وخليجية لعقد لقاء إسرائيلي عربي معلن، على درجة عالية من التمثيل قبل الانتخابات الإسرائيلية العامة، المقررة في 2 مارس/آذار المقبل.
وذكرت المصادر أن القاهرة وأبوظبي تؤديان دوراً كبيراً في تنسيقه، وذلك في إطار تنسيق أكبر مع نتنياهو لمنحه قدرة دفع كبيرة للتغلب على أزماته الداخلية، وسط علاقات تُعد الأكثر تميزاً بينهم في الآونة الأخيرة.
من جهة أخرى، كشفت مصادر خاصة لصحيفة “العربي الجديد” الصادرة من لندن، كواليس لقاء رفيع المستوى جمع بن سلمان مع نتنياهو، في النصف الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في منطقة نيوم على ساحل البحر الأحمر.
وقالت المصادر، إن اللقاء الذي جاء بناء على رغبة إسرائيلية، شهد مناقشات بشأن الخطط الخاصة بمواجهة إيران، ومساعي تشكيل جبهة لمواجهة طهران، والحد من تحركاتها في المنطقة.
وأشارت المصادر إلى أن نتنياهو أطلع بن سلمان على تقارير استخباريّة إسرائيلية خاصة بتحركات إيرانية في منطقة الخليج، تستهدف زعزعة الاستقرار في المملكة، على حد تعبير المصادر.
وأضافت المصادر أن اللقاء تناول أيضاً بحث إمكانية إعلان بعض الخطوات بشأن التطبيع العربي مع إسرائيل، ولو على سبيل الجانب الإعلامي، بهدف تقديم دفعة قوية لنتنياهو في الأزمة السياسية التي كانت تشهدها إسرائيل في ظل الفشل في تشكيل حكومة جديدة.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد أكد التواصل مع نظام آل سعود في المجال الأمني، مهدداً إيران بجبهة سعودية إماراتية أميركية في حال تجاوزها ما وصفه بـ”الخط الأحمر”.
وقال كاتس، في تصريحات إعلامية على هامش منتدى “الحوار المتوسطي” في روما منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، “لا يمكنني الخوض في التفاصيل حول نقل المعلومات، لكن لدينا مصالح مشتركة، وهذا الأمر يمكّننا من رصد وإحباط كل التهديدات المعروفة بالنسبة لنا”.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية لصحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، الخميس الماضي، إن اتصالات مكثفة تجري بين واشنطن وتل أبيب والقاهرة والرياض من أجل تنظيم قمة في القاهرة بين نتنياهو ومحمد بن سلمان.
وأضافت الصحيفة أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وفريقه يجرون اتصالات بهذا الخصوص منذ عدة أشهر.
وأشارت إلى أن الاتصالات تكثفت أخيراً لمحاولة عقد القمة في الأسابيع المقبلة قبل الانتخابات الإسرائيلية، على أن يشارك فيها أيضاً، إلى جانب المصريين والأميركيين، كل من بن سلمان وحكام الإمارات والسودان والبحرين.
وأوضحت الصحيفة العبرية أن البحرين اقترحت أن تستضيف القمة في المنامة، وأن تتم دعوة العاهل الأردني عبدالله الثاني كذلك.
ويتقرب بن سلمان من إسرائيل منذ وصوله إلى منصب ولي العهد صيف عام 2017 بغرض كسب دعمها لدى الإدارة الأمريكية والتغطية على جرائمه وانتهاكاته.
وبهذا الصدد تورط بن سلمان في تمرير صفقة القرن الأمريكية والضغط على الفلسطينيين للقبول بها.
وظهر الموقف المشبوه الذي تبناه نظام آل سعود بشأن صفقة القرن تفضيله العلاقات مع الرئيس الأمريكية دونالد ترامب على حساب بيع القضية الفلسطينية والسماح بتصفيتها.
وبدا رد فعل نظام آل سعود فور إعلان صفقة القرن أنه يعطي أولوية للعلاقات الوثيقة مع ترامب لخدمة مؤامراته وحشده الدعم ضد أعدائه على حساب الدعم التقليدي الثابت للفلسطينيين.
ويقول المسؤولون الفلسطينيون إن بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة ضغط على الرئيس الفلسطيني في السابق لدعم خطة ترامب رغم المخاوف الخطيرة.
وكرس نظام آل سعود بخطوات تدريجية التطبيع مع إسرائيل -الذي ظل لسنوات يتخذ طابع السرية- إلى واقع علني وأمر واقع متجاوزا المعارضة الشعبية لأي علاقات مع دولة الاحتلال.
وجاءت خطوة إسرائيل الشهر الماضي بإقرار إصدار تصاريح لمواطنيها من أجل زيارة المملكة بمثابة قفزة نوعية في التصعيد غير المسبوق لوتيرة التطبيع مع نظام آل سعود.
وأعلنت وزارة الداخلية الإسرائيلية أنها صادقت على منح إسرائيليين تصاريح زيارة للمملكة في خطوة تمت بالتنسيق مع نظام آل سعود الذي يتورط برفع وتيرة التطبيع منذ وصول والي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة.
وتضمن قرار وزارة الداخلية الإسرائيلية السماح للإسرائيليين بزيارة المملكة، بالتنسيق مع وزارة الخارجية وجهات معنية أخرى.
وبحسب القرار ستسمح الخطوة للإسرائيليين بزيارة السعودية لأداء مناسك الحج والعمرة ولحضور اجتماعات مع رجال أعمال.
ويعمد نظام آل سعود عبر مرتزقة له إلى فرض تدريجي للتطبيع مع إسرائيل من خلال تبادل زيارات مثيرة للجدل يهدف من ورائها التمهيد لإخراج علاقات التطبيع السرية منذ عقود إلى العلن.
ويؤكد معارضون أن قرار إسرائيل بالسماح لمواطنيها بزيارة المملكة هو تتويج لمجموعة من الخطوات السابقة التي قام بها الديوان الملكي ومهدت لهذه المرحلة من التطبيع.
كما أن القرار الإسرائيلي يأتي تتويجا لمجموعة الخطوات التي تم التنسيق فيها بين نظام آل سعود وإسرائيل، ومن ذلك زيارات متكررة لمرتزقة النظام إلى إسرائيل وزيارات مسئولين وصحفيين إسرائيليين إلى المملكة.
وبموجب المرسوم، سيسمح أيضا لفلسطينيي 48 بالسفر إلى السعودية بالجواز الإسرائيلي من أجل تأدية مناسك الحج والعمرة، مما يعني تطلع تل أبيب لإنهاء الوصاية الأردنية على الحجيج من فلسطينيي 48، الذين كانوا يدخلون المملكة بموجب جواز سفر أردني مؤقت.
كما يجيز المرسوم لليهود حملة الجواز الإسرائيلي السفر إلى السعودية والمشاركة في مؤتمرات تجارية واقتصادية واجتماعات عمل مع رجال أعمال سعوديين وعرب، أو البحث عن فرص للاستثمار التجاري بين البلدين.
ويشترط المرسوم ألا تتخطى مدة إقامة اليهودي الإسرائيلي في السعودية 90 يوما كحد أقصى، وذلك شريطة أن يكون مقدم الطلب للجهات الإسرائيلية قد حصل على تأشيرة من السعودية ويحمل دعوة من مسؤول أو جهة رسمية أو شركة تجارية.
تجدر الإشارة إلى أن منح السلطات الإسرائيلية التصريح للسفر ودخول السعودية مشروط بأن مقدم الطلب ليس لديه أي موانع قانونية لمغادرة إسرائيل.
ويترافق ذلك مع تصعيد نظام آل سعود حملته لمعاداة المقاومة الفلسطينية وشيطنتها ووصفها بالإرهاب وسجن أكثر من 60 فلسطينيا منهم مسئول التنسيق في المملكة لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” محمد الخضري.