أصاب الانهيار الشامل تحالف نظام آل سعود في حربه على اليمن مع إعلان السودان سحب نحو عشرة آلاف من قواته المشاركة ضمن التحالف وذلك بعد انسحاب مماثل للقوات الإماراتية قبل فترة قصيرة.
ويعتبر مراقبون أن سحب القوات السودانية والإماراتية هو دليل على انهيار تحالف آل سعود وفشله في تحقيق الأهداف التي انطلق لأجلها.
وهناك عدة أدلة على فشل التحالف في تحقيق مهامه بعد أن خاض حربا باليمن قبل أربع سنوات بحجة إعادة الشرعية، لكن واقع الحال يؤكد أن الشرعية لم تعد لليمن بل أصبحت أسيرة، ويحاول قادة التحالف إقحام إنقلابيين عليها، في إشارة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا.
وفشل نظام آل سعود في حماية حد المملكة الجنوبي من الحوثيين، بل إن هؤلاء جاؤوا بضرباتهم وطائراتهم المسيرة إلى قلب المملكة، ووجهوا لها ضربات مهينة أجبرتها على القبول بمبدأ التفاوض معهم والبحث عن حلول سياسية، قد تنتهي بقبولها لهم جيران على حدها الجنوبي.
في هذه الأثناء يتواصل نزيف جنود المملكة في اليمن وسط استمرار تعنت نظام آل سعود الذي يعاند في حرب فاشلة لم يحقق أي من أهدافه فيها.
وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية (واس) عن مقتل اثنين من عناصرها العسكرية، على الحدود الجنوبية مع اليمن.
وكشفت (واس)، عن اسمهما وهما الرقيب أول “جبران المالكي”، والرقيب “حمود بن شوعي”، من القوات البرية.
وقالت إنهما “قتلا بالحد الجنوبي بمنطقة جازان”، المتاخمة للحدود اليمينة السعودية.
ويشهد اليمن منذ نحو أربعة أعوام حربا بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي، والحوثيين المسيطرين على محافظات عدة، بينها صنعاء.
وأدى القتال إلى مقتل أكثر من سبعين ألف شخص حسب تقديرات أممية منتصف يونيو/حزيران الماضي.
وإضافة إلى جبهات القتال في الأراضي اليمنية، يشن الحوثيون هجمات عبر حدود المملكة مع اليمن مستهدفين القوات السعودية وعددا من المنشآت السعودية بالصواريخ والقذائف.
وما زال الفشل يلاحق نظام آل سعود في حربه الإجرامية على اليمن، في وقت تتكبد فيه المملكة خسائر فادحة على كافة الصعد من دون أن تكون قادرة على تحقيق أي إنجاز عسكري ملموس باستثناء نشر القتل والفوضى والتخريب في البلاد.
واعتبر مراقبون أن المملكة ليست في مستوى مواجهة إيران لأنها لم تستطع الانتصار حتى على الحوثيين، مشددا على أن ولي العهد محمد بن سلمان هزم في اليمن أمام اليمنيين “الحفاة”.
وأوضح المراقبون أن خسائر المملكة في حربها ضد الحوثيين قدرت بنحو 800 مليار دولار على أقل تقدير.
وأضافوا أن احتياط النقد الأجنبي للرياض تراجع من 787 مليار دولار عام 2014 إلى 487 مليارا عام 2017، فضلا عن تراجع فائض الميزان التجاري بنسبة 6.1% في النصف الأول من العام 2019، أي ما يعادل 4 مليارات دولار.
وأشاروا إلى ارتفاع لجوء المملكة إلى أسواق الدين العام، حيث ارتفع دينها من 91 إلى 149 مليار دولار خلال فترة الحرب.
كما لفتوا إلى أن 500 قضية إفلاس رُفعت أمام المحاكم السعودية لشركات كبرى، من ضمنها 382 شركة موجودة في الرياض، كما حصل تقشف في الخدمات ومغادرة لعدد كبير من رجال المال والأعمال.
في المقابل أفادت تقارير بأن الحوثيين لم تكلفهم الحرب ضد المملكة سوى بضعة آلاف من الدولارات فقط، مشددا على أن التحالف العربي الذي ادعى تحرير اليمن، هدفه الحقيقي هو السيطرة على الموانئ والسواحل في عدن.
وتستعين الرياض بعشرات الآلاف من القوات السودانية والمرتزقة ومجندين يمنيين، 40% منهم أطفال حسب تقارير منظمات حقوقية موثقة.
ودعمت الرياض حملتها العسكرية في اليمن بـ30 طائرة أباتشي ومدرعات أميركية متطورة في قاعدة العند الجوية ومأرب.
وبحسب تقارير، تتكبد المملكة في عملياتها العسكرية في اليمن خسائر تقدر بـ200 مليون دولار يوميا على الأقل.
كما وصل عدد القتلى من الجنود السعوديين إلى أكثر من 3 آلاف حسب الإحصائيات الرسمية.
وكانت وسائل إعلام سعودية قالت في بداية عاصفة الحزم إن تكاليف الحرب التي شنتها الرياض ضد تمرد الحوثيين على الحكومة الشرعية؛ قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات شهريا، مشيرة إلى أن تلك التكاليف لن تشكل عبئا على ميزانية الدفاع والأمن السعوديين.
وذكرت تقديرات تشير إلى أن الرياض قد تنفق نحو 175 مليون دولار شهريا على الضربات الجوية باستخدام مئة طائرة، كما أشارت إلى أن الحملة الجوية التي قد تستمر أكثر من خمسة أشهر ربما ستكلف المملكة أكثر من مليار دولار.
وحسب تقارير سعودية، فإن تكلفة الطائرات المشاركة بالحرب تصل إلى نحو 230 مليون دولار شهريا، تشمل التشغيل والذخائر والصيانة، أي أكثر من ثمانية مليارات دولار في ثلاث سنوات فقط.
وإذا كانت الدفاعات الجوية للحوثيين تمثل نقطة ضعفهم في الحرب، فإنها استطاعت -مساعدة إيران كما تقول السعودية- أن تنقل المعركة إلى الداخل السعودي عبر استهدافها بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة كبدتها خسائر بشرية واقتصادية.
وتعتمد الرياض على صواريخ الباتريوت الأميركية كمنظومة دفاع جوية لصد صواريخ الحوثي الباليستية، وتبلغ تكلفة صاروخ الباتريوت ثلاثة ملايين دولار، ويستلزم إسقاط صاروخ باليستي ثلاثة صواريخ باتريوت على الأقل.
وفي أبريل/نيسان من العام الماضي، صرح المتحدث باسم التحالف السعودي الإماراتي العقيد تركي المالكي بأن الحوثيين أطلقوا 119 صاروخا باليستيا على المملكة، أي أن اعتراض تلك الصواريخ فقط يكلف الرياض عشرات الملايين من الدولارات.
ونشر موقع فورين بوليسي على الإنترنت تقريرا في ديسمبر/كانون الأول 2016 ذكر فيه أن الحرب في اليمن كلفت الرياض 5.3 مليارات دولار فقط من ميزانية الدفاع خلال عام 2015.
وأضاف الموقع أن الرياض بدأت بيع أصولها في الأسواق الأوروبية، مشيرا إلى تقديرات أعدتها رويترز ذكرت فيها أن المملكة تنفق 175 مليون دولار شهريا للتفجيرات في اليمن، وخمسمئة مليون دولار إضافية للتوغلات البرية، كما أجبرت هذه النفقات غير المتوقعة الرياض على بيع 1.2 مليار دولار من حيازاتها البالغة 9.2 مليارات دولار في الأسهم الأوروبية.
كما كانت لحرب اليمن أيضا آثار غير مسبوقة على الاحتياطات الأجنبية السعودية، فخلال عام 2015 فقط، انخفضت الاحتياطات الأجنبية السعودية من 732 مليار دولار إلى 623 مليار دولار في أقل من 12 شهرا.