لطالما تبنى نظام آل سعود إقامة تحالفات إقليمية يستهدف من ورائها كسب النفوذ والسيطرة لكن الفشل الذريع ظل السمة الرئيسية لهذه التحالفات.
ويصف مراقبون تحالفات آل سعود جزءا من سياسة ودبلوماسية متبعة بالسنوات الأخيرة، لا تتصف بالديمومة والثباتية، بقدر كونها رد فعل أو للتوازن مع تحالف منافس.
ويعتبر المراقبون آن تحالفات آل سعود تواجه معيقات شديدة بفعل تدهور الثقة بالمملكة عربيا وإسلاميا وما تتحمله الرياض من تكاليف تنعكس سلبا على اقتصادها الداخلي، وإعاقة أهدافها ومساعيها في تزعم الدول العربية والإسلامية.
وأصبح تحالف الدول المطلة على البحر الأحمر هو الخامس من نوعه الذي يعلنه نظام آل سعود خلال السنوات الخمسة الماضية دون أن ينجح أي منها.
فبعض تحالفات آل سعود تآكل ذاتيا مثل التحالف العربي في الحرب على اليمن، وأخرى وُلدت ميتة مثل “الناتو العربي” دون أي وجود فعلي له على الأرض.
ولم يتضمن الإعلان عن التحالف الجديد على لسان وزير الخارجية في نظام آل سعود فيصل بن فرحان، في دون ذكر تفاصيل ميثاق التحالف، باستثناء نفي وجود تصور حالي لإنشاء قوة عسكرية مشتركة.
ووقع ميثاق تأسيس تحالف “مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن” ومقره الرياض، 8 دول هي: المملكة والسودان وجيبوتي والصومال وإريتريا ومصر واليمن والأردن.
ووفق خبراء، فإن فعالية التحالفات مشروطة بوحدة الهدف والتوجهات والأولويات، وهو ما يفتقده هذا التحالف وما سبقه من تحالفات سعودية خلال السنوات الخمس الأخيرة.
تحالف البحر الأحمر
بدأت التحضيرات لهذا التحالف منذ نهاية 2017، إذ يشهد باب المندب الذي يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، “تهديدات” عدة ازدادت وتيرتها مع الحرب اليمنية.
ونفى نظام آل سعود وجود تصور، حاليا، لإنشاء قوة عسكرية للتحالف الجديد، مشيرا أن جميع الدول لديها قدرات دفاعية، وتنسيق ثنائي، ويمكن أن يتطور ذلك إلى تنسيق جماعي.
ويهدف المجلس، بحسب الرياض، إلى التنسيق والتشاور بشأن الممر المائي الحيوي، في ظل التحديات المتزايدة، ومواجهة الأخطار.
ومن المقرر أن يدعو الملك سلمان بن عبد العزيز “قريبا” إلى قمة لقادة الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (واس) عن الأمين العام للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، زياد بن حمزة أبو غرارة، قوله إن “تشكيل هذا المجلس ضرورة لا غنى عنها في المرحلة الحالية، وللحفاظ على أمن واستقرار المنطقة”.
ويرى مراقبون أن التحالف الجديد يعج بالعديد من التناقضات؛ فلا الهدف واحد، ولا الوجهات واحدة، ولا حتى الأولويات، بما في ذلك (أولويات) مصر، الحليف الأقرب لآل سعود ضمن هذا التحالف.
وعدم وجود قوات مشتركة موحدة لهذا التحالف يقلل من فاعليته من ناحية، ويؤكد من ناحية أخرى أنه جاء فقط كتحالف سياسي ورادع لإيران.
تحالف حرب اليمن
منذ مارس/ آذار 2015، ينفذ تحالف عربي بقيادة آل سعود عمليات عسكرية في اليمن دعما للقوات الحكومية، في مواجهة جماعة “الحوثي” المسيطرة على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء.
وتسببت الحرب المستمرة للعام الخامس، في تردي الأوضاع باليمن، حيث بات معظم السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ودفع الصراع الملايين إلى حافة المجاعة.
وكان التحالف في البداية يضم عدة دول عربية، قبل أن يتآكل ذاتيا ويقتصر على السعودية والإمارات، والأخيرة ترددت أنباء في الأشهر الأخيرة عن نيتها الانسحاب منه أيضا، وسط نفي إماراتي متكرر.
تحالف مع وقف التنفيذ
أواخر 2015، أعلن آل سعود تأسيس “التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب”، وتقول الرياض إنه يضم 41 دولة، وجرى أول اجتماع أواخر 2017 في الرياض، لبدء وضع تفاصيل التحالف.
لكن المملكة لم تعلن أي تحرك دولي حاسم في إطار التفويض بمحاربة الإرهاب، بخلاف عقد التحالف ندوات وأنشطة ترصدها منصاته الإعلامية، المرتبطة بالأهداف التي دشن على أساسها، كمواجهة الإرهاب وتشويه صورة الإسلام الحقيقية، بحسب القائمين عليه.
الناتو العربي
عام 2018، طرحت فكرة تشكيل “حلف الناتو العربي” بدعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي عرف بمشروع تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي (MESA).
وفي أبريل/ نيسان 2019، أعلنت المملكة استضافتها اجتماعا ضم الولايات المتحدة والإمارات والبحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر والأردن، في إطار التحضير لإطلاق “التحالف”، فيما لم تشارك مصر، أحد الأطراف المدعوة له.
وتبدو فرص تشكيل “الناتو العربي” ضئيلة، حيث أفرزت الأزمة الخليجية انقساما عربيا وخليجيا كبيرا، بخلاف عدم اتفاق الدول المرشحة لعضوية ذلك التحالف على ملفات وأولويات وتهديدات ذات طبيعة محددة.
رباعي الحصار
لم يفلح تحالف آل سعود والإمارات والبحرين ومصر، في فرض شروطه على قطر، منذ أزمة المقاطعة التي بدأت يونيو/ حزيران 2017، مع ظهور بوادر لمصالحة سعودية قطرية.
وقبل نحو عامين ونصف عام، فرض الرباعي “إجراءات عقابية” على الدوحة بزعم دعمها الإرهاب، وهو ما نفته مرارا، واتهمت الدول الأربع بمحاولة فرض السيطرة على قرارها السيادي.
وتعد أزمة المقاطعة الأسوأ منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981.