كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن فصل جديد قاتم في معركة “صراع العروش” في المملكة مع تحضير ولي العهد محمد بن سلمان تهماً بالفساد والخيانة بحقّ سلفه ومنافسه ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف الرجل الذي كان يوماً “بطل” الولايات المتحدة في الحرب ضدّ الإرهاب.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادر سعودية وأميركية تأكيدها أنّ لجنة مكافحة الفساد التابعة لبن سلمان اقتربت من إنهاء تحقيق مفصّل في ادّعاءات بأنّ بن نايف حوّل، عن غير وجه حقّ، مليارات الريالات السعودية عبر شبكة من “شركات الواجهة” والحسابات الخاصة، بينما كان يدير برامج مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية.
ويقول مساعد لبن نايف، تحدث إلى الصحيفة شرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية القضية، إن محققين سعوديين طالبوا بن نايف بدفع 15 مليار دولار يدّعون أنه سرقها، علماً أنه من غير الواضح كيف توصّلوا إلى هذا الرقم.
ويقول أنصار بن نايف إنّ هذه الاتهامات كاذبة، وتتناقض مع المرسوم الملكي الصادر عام 2007 عن الملك الراحل عبدالله، والذي أذن بكلّ نشاطات بن نايف، ونصّ على تقرير سنويّ مفصّل بشأن إنفاقه.
وتدعم الوثائق السعودية الداخلية التي قدّمها مساعد لبن نايف، وراجعتها الصحيفة الأميركية، ما يؤكده بن نايف حول أنّ أنشطته المالية السرية تمّت الموافقة عليها، في خطوطها العريضة على الأقل، من قبل الملك الراحل.
ورفض مسؤول سعودي عمل عن قرب مع ولي العهد محمد بن سلمان في التحقيق بحق بن نايف، الردّ على رسالتين نصيتين تطلبان التعليق، في وقت لم يستجب أيضاً متحدث باسم السفارة السعودية لدى واشنطن لطلب التعليق.
من جهته، يشرح مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق جون برينان، والذي عمل بشكل وثيق مع بن نايف لأكثر من عقد، أنه تم تخصيص وزارة الداخلية السعودية بميزانية حتى تتمكن من بناء القدرات، وتوظيف أفراد، وتطوير اتصالات جهاز الاستخبارات لاختراق تنظيم “القاعدة”، مؤكداً أنّ الملك عبدالله كان يرى أنه عليه أن يستثمر في النشاطات التي كان يقودها بن نايف، وأن الأخير كان أحد المفضّلين لديه.
وعن الاتهامات بالفساد بحقّ بن نايف، قال برينان إن الأخير لم يكن شخصاً اعتقد أنه متورط في نشاط فاسد أو يختلس الأموال.
وقاد بن سلمان انقلاباً أبيض على ابن عمه الأمير محمد بن نايف في شهر يونيو/ حزيران عام 2017، وجرّده من كلّ مناصبه، قبل أن يفرض عليه الإقامة الجبرية على الرغم من علاقات بن نايف بالمؤسسات والدوائر الأميركية، والتي توثقت عقب قيادته الحرب على تنظيم القاعدة في السعودية بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001.
ولم يكتفِ بن سلمان بتجريد ابن عمه من كلّ مناصبه وفرض الإقامة الجبرية عليه، إذ قام باعتقال بقية الأمراء المنافسين له، وصادر ثرواتهم وفق تسويات مالية بعد اتهامهم بالفساد، في ما عرف بحملة الـ”ريتز كارلتون” في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017.
وشنّت السلطات السعودية في السادس من مارس/ آذار حملة اعتقالات بحق عدد من أمراء الأسرة الحاكمة، من بينهم شقيق العاهل السعودي الأمير أحمد بن عبد العزيز والأمير محمد بن نايف، إضافة إلى ابن أخيه وزير الداخلية السابق الأمير سعود بن عبد العزيز بن نايف ووالده أمير منطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف.