تتصاعد التساؤلات الأمريكية عن مصير ولي العهد السابق محمد بن نايف المعتقل منذ عدة أشهر بقرار من ولي العهد الحالي محمد بن سلمان والذي يرفض تقديم أي معلومات رسمية عن وضع عمه الذي يعد من أقوى منافسيه على الحكم.
وقد طالب النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا فرانسيس روني في تغريدة على تويتر بضرورة معرفة مكان بن نايف فورا وما إذا كان آمنا، مشيرا إلى أن ن بن نايف عمل بشكل بناء مع الولايات المتحدة لسنوات عدة، وكان له دور فعال في توفير معلومات لمكافحة الإرهاب بعد أحداث ١١ سبتمبر 2011.
Crown Prince Mohammad Bin Nayef has worked constructively with the United States for many years and was instrumental in providing counter terrorism intel in the aftermath of 9/11. We need to know right now where he is and if he is safe. https://t.co/HdqFkkZsxY
— Francis Rooney (@RepRooney) July 16, 2020
وكانت صحيفة واشنطن بوست ذكرت في السادس من يوليو/تموز الجاري أن لجنة مكافحة الفساد التابعة لولي العهد الحالي محمد بن سلمان توشك على الانتهاء من تحقيق مفصل في مزاعم فساد وخيانة بحق محمد بن نايف.
يشار إلى أن السلطات السعودية وضعت بن نايف في الإقامة الجبرية منذ عزله من ولاية العهد منتصف 2017.
وأفادت تسريبات بأن السلطات اعتقلت بن نايف والأمير أحمد بن عبد العزيز ونجله إلى جانب عدد من القيادات العسكرية والأمنية في مارس/آذار الماضي.
وحسب مصادر غربية، فإن السلطات وجهت للمعتقلين تهمة التخطيط للإطاحة بولي العهد الحالي محمد بن سلمان والذي يعتبر القائد الفعلي للبلاد.
وفي وقت سابق، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بأن الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف اللذين كانا في الماضي مرشحين لتولي العرش يواجهان عقوبة السجن مدى الحياة، وصولا إلى احتمال الإعدام.
وتعليقا على تلك الاعتقالات أيضا، قالت المحللة السياسية في مؤسسة راند للدراسات في الولايات المتحدة بيكا فاسر إن “الأمير محمد (بن سلمان) بات أكثر جرأة، فسبق أن أزال أي تهديد أمام صعوده، وسجن أو قتل منتقدين لسلطته من دون أن تكون لذلك أي تبعات”.
ولم يكن قرار الملك سلمان بن عبد العزيز في أبريل/نيسان 2015 بتعيين الأمير محمد بن نايف وليا للعهد سوى بداية نهاية الرجل، الذي كان يوصف حتى الأمس القريب “بالقوي”.
فبعد أكثر من عامين بقليل على هذا التعيين، صدر قرار في يونيو/حزيران 2017 بعزل محمد بن نايف واستبداله بالأمير محمد بن سلمان نجل الملك، في خطوة أكد مراقبون آنذاك أنها تمهّد الطريق نحو إحكام الأخير قبضته على مقاليد السلطة في المملكة.
لم تقف الأمور عند حدود خلع محمد بن نايف، الذي شغل أيضا منصبي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية مع ولاية العهد، بل امتدت إلى وضعه في الإقامة الجبرية في قصره بمدينة جدة، ومنعه من السفر، حسب تقرير صادر عن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
وفي مارس/آذار الماضي، اعتقلت السلطات السعودية 3 من أفراد العائلة المالكة، وهم: شقيق الملك سلمان الأمير أحمد بن عبد العزيز، ونجله الأمير نايف بن أحمد بن عبد العزيز، والأمير محمد بن نايف، إلى جانب عدد من القيادات العسكرية والأمنية بتهمة التدبير لمحاولة انقلاب تمهيدا للإطاحة بولي العهد، وفق ما رشح من تسريبات ومعلومات.
وقال مسؤول غربي حينذاك لوكالة الصحافة الفرنسية إنه “مع عملية التطهير هذه لم يعد هناك منافس لمنع ولي العهد من الوصول إلى العرش”.
بدورها، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بأن الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف اللذين كانا في الماضي مرشحين لتولي العرش يواجهان عقوبة السجن مدى الحياة، وصولا إلى احتمال الإعدام.
وتعليقا على تلك الاعتقالات أيضا، قالت المحللة السياسية في مؤسسة راند للدراسات في الولايات المتحدة بيكا فاسر؛ إن “الأمير محمد (بن سلمان) بات أكثر جرأة، فسبق أن أزال أي تهديد أمام صعوده، وسجن أو قتل منتقدين لسلطته من دون أن تكون لذلك أي تبعات”.
وأضافت “هذه خطوة إضافية لتعزيز قوته، ورسالة إلى الجميع، بمن فيهم أفراد العائلة المالكة؛ ألا يقفوا في طريقه”.
وحسب تقارير غربية، عزز الأمير محمد بن سلمان نفوذه وقبضته على السلطة، عبر اعتقال رجال دين ونشطاء بارزين، بالإضافة إلى أمراء ورجال أعمال نافذين.
ويعد محمد بن سلمان القائد الفعلي للبلاد، لأنه يسيطر على مفاصل الحكم الرئيسية من الدفاع إلى الاقتصاد، وتُعرف عنه أيضا رغبته في محو آثار أي معارضة داخلية قبل وصوله رسميا إلى العرش.
وفيما يبدو أنه آخر فصول استهداف وتصفية محمد بن نايف السياسية -وربما الجسدية- عبر قرار قضائي، كشفت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أمس -نقلا عن مصادر سعودية وأميركية- عن أن لجنة مكافحة الفساد التابعة لولي العهد السعودي توشك على الانتهاء من تحقيق مفصل في مزاعم فساد وخيانة بحق محمد بن نايف.
وذكرت الصحيفة أن لجنة مكافحة الفساد تستعد لتوجيه اتهام لولي العهد ووزير الداخلية السابق بالاستيلاء على 15 مليار دولار عندما كان يدير برامج خاصة بمكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية، وذلك من خلال شبكة من الشركات والحسابات الخاصة.
ونقلت الصحيفة -عن مصدر سعودي خاص لم تسمه- أن المحققين طالبوا محمد بن نايف بتسديد مبلغ 15 مليار دولار يزعمون أنه استولى عليها.
وتقول اللجنة إن محمد بن نايف قام بتحويل الأموال المذكورة بشكل غير قانوني عبر شركات وهمية وحسابات خاصة، لكن الصحيفة أشارت -في المقابل- إلى أن وثائق اطلعت عليها من مقربين من محمد بن نايف تبين أن الاتهامات الموجهة له كاذبة.
وتفاعل العديد من المغردين والنشطاء مع تقرير صحيفة واشنطن بوست الأميركية بشأن لجنة مكافحة الفساد التابعة لولي العهد السعودي ومزاعم الفساد والخيانة المرتقب توجيهها للأمير محمد بن نايف، من خلال سلسلة تغريدات على تويتر.
فقد رأى الناشط السياسي المقيم في كندا محمد العتيبي أن محمد بن سلمان يحاول “حرق كارت” محمد بن نايف كبديل، ويشوه صورته عن طريق الإعلام الغربي، حيث سرب لصحيفة واشنطن بوست أنباء عن محاكمته بتهمة فساد مالي.
من ناحيته، قال المغرد تركي الشلهوب “هناك الكثير من الأسرار المهمة والخطيرة عن محمد بن سلمان والنظام السعودي ستكشف خلال الفترة القليلة المقبلة”.
والواقع أن محمد بن نايف لم يكن هو وحده من واجه ضغوطا ومضايقات كهذه في أوساط عائلة الحكم؛ فقد سبق للسلطات السعودية أن شنت حملة اعتقالات عام 2017 للعشرات من رموز العائلة الحاكمة، بالإضافة إلى وزراء ورجال أعمال، واحتجزتهم جميعا في فندق ريتز كارلتون في العاصمة الرياض بأوامر من ولي العهد السعودي، قبل أن توجه -في وقت لاحق- اتهامات بالفساد والكسب غير المشروع لعدد كبير منهم، وتم التوصل إلى تسويات مالية مع بعضهم.
ويرى بعض المحللين والمراقبين أن محمد بن سلمان يحاول القضاء بشكل نهائي على كل معارضة داخلية ممكنة، وتحديدا مع اقتراب الانتخابات الأميركية، التي يبدو أنها لا تسير في صالح حليفه وداعمه الأكبر الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، على الأقل وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، رغم أنه لا يمكن الجزم بأي شيء حتى الآن.
ومن بواعث القلق الكبيرة لدى ولي العهد السعودي أن الصورة “الإصلاحية” التي حاول تسويقها عن نفسه في الدوائر الغربية تضررت بشكل فادح بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وهو ما أثار عاصفة من الانتقادات والإدانات الدولية والحقوقية الواسعة.
وفي وقت سابق، قال مايكل ستيفنز (وهو من معهد مركز أبحاث الخدمات الموحدة الملكي) في تصريحات لبي بي سي إنه “بعد أن نجا (ابن سلمان) من موجة استياء دولية أعقبت اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018 لم يصبح لديه ما يخشاه”.
وأضاف “لقد دعم البيت الأبيض -بقيادة ترامب- محمد بن سلمان إلى أقصى حد، وكانت بريطانيا وفرنسا معترضتين إلى حد ما، ومع ذلك واصلتا التعامل مع الرياض، أما روسيا والصين فلم يكن لديهما أي اهتمام على الإطلاق”.
ويرى محللون أن زيادة الضغوط على الأمير محمد بن نايف قد تكون مرتبطة بشكل أو بآخر بلغز رجل الاستخبارات البارز سعد الجبري، والمقرب جدا من ولي العهد المعزول.
وتقول أسرة الجبري (وهو ضابط استخبارات سابق) إن محمد بن سلمان عمد خلال الأشهر الأخيرة إلى زيادة الضغط على أقاربه، بما في ذلك اعتقال ابنيه البالغين، لمحاولة إرغامه على العودة إلى المملكة من منفاه الحالي في كندا.
وذكرت مصادر مطلعة على هذا الملف أن أنظار ولي العهد تنصب على وثائق متاحة للجبري تتضمن معلومات وصفت بالحساسة جدا.
كما أفادت أسرة الجبري بأن محمد بن سلمان يعتقد أن بإمكانه استخدام الوثائق الموجودة بحوزة الجبري ضد منافسيه الحاليين على العرش. وأضافت أنه يخشى أيضا أن تتضمن هذه الوثائق معلومات إضافية قد تمسه هو ووالده الملك.
وأوضح مصدران مطلعان ومسؤول سابق في الأمن الإقليمي أن الوثائق تتضمن معلومات عن أرصدة وممتلكات الأمير محمد بن نايف في الخارج، وهو ما قد يفيد محمد بن سلمان في الضغط على سلفه.
كما أن هناك أيضا ملفات حساسة متاحة للجبري تتعلق بالمعاملات المالية لأفراد كبار في الأسرة الحاكمة، من بينهم الملك سلمان وابنه ولي العهد.
ويقيم الجبري في كندا منذ عام 2017، وشغل منصب وزير دولة، وكان أحد كبار الضباط في الداخلية السعودية، وهو خبير في الذكاء الاصطناعي، وقام بأدوار رئيسية في معركة المملكة ضد تنظيم القاعدة وتنسيقها الأمني مع الولايات المتحدة الأميركية.
غير أنه لم يشعر بالأمان في أميركا تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، خوفا من تسليمه إلى ولي العهد السعودي، وهو ما دفعه إلى تركها عام 2017، موليا وجهه شطر كندا.