تعمقت أزمات كبرى الشركات في المملكة “بن لادن” بعد استحواذ ولى العهد محمد بن سلمان على 35% من حصة الشركة السعودية في حملة الاعتقالات عام 2017م، ليضاعف الفيروس التاجي أزماتها المالية خلال العام 2020.
وقالت وكالة “بلومبرج” الأمريكية إن شركات “بن لادن” السعودية فشلت في دفع رواتب آلاف الموظفين تحت تأثير تداعيات فيروس “كورونا” المستجد وإعادة هيكلة حوالي 15 مليار دولار من الديون.
ونقلت الوكالة، في تقرير، عن مصادر لها، قولها إن شركات بن لادن فوتت بعض مدفوعات الرواتب في أبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت مجموعة الشركات التي توظف حوالي 100 ألف موظف، ستتمكن من دفع رواتب هؤلاء الموظفين في يونيو/حزيران الجاري.
وتفاقمت المشاكل الحالية في الشركة بعد عقود من تنفيذ المطور السعودي للمشروعات الضخمة مثل المطارات والمقدسات في مكة والمدينة بسبب تأثير الفيروس التاجي، الذي أوقف التطورات.
وأشارت المصادر إلى أن معظم الموظفين المتضررين يقيمون في مقر بن لادن بجدة ويعملون في وحدته الإنشائية.
وفي مايو/أيار الماضي، نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر قولها إن مجموعة “بن لادن” خفضت آلاف الوظائف، وقلصت رواتب الموظفين بما بين 30% و70%.
وأوضحت المصادر أن الآلاف من موظفي الشركة إما سُمح لهم بالقيام بإجازات غير مدفوعة الأجر أو أحيلوا إليها، بخاصة أولئك الذين كانوا يعملون بمواقع إنشاء في الأماكن المفتوحة وفي الأماكن التي يعرقل فيها تفشي فيروس “كورونا” العمل.
وقالت إن الشركة فرضت تخفيضات للرواتب ما بين 30% و70%، كما ألغت البدلات الأخرى مثل النقل في مسعى لخفض النفقات.
وقبل ذلك بأيام، نشرت “رويترز” تقريرا مفاده أن الشركة تبحث عن مستشار لخفض التكاليف وكذلك إعادة هيكلة دين مجمع ناطحات سحاب في مكة.
يذكر أن سلطات آل سعود حصلت من أفراد عائلة “بن لادن” على حصة تبلغ 35% بعد أن شملتهم حملة الاعتقالات الشهيرة في فندق الريتز الرياض في أواخر 2017.
وشملت حملة الاعتقالات الشهيرة أكثر من 381 شخصية من كبار العائلة المالكة والشخصيات الاقتصادية الشهيرة في المملكة، وأوقف المتهمون في فندق ريتز كارلتون بالعاصمة السعودية الرياض، الذي تم إخلاء جميع النزلاء منه وإيقاف خدمات الحجز وقطع جميع خطوط الاتصال الهاتفي به.
وأفرج بن سلمان عن المعتقلين آنذاك، بعد التوصل لتسوية مع 87 منهم وإحالة 56 إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءات التحقيق إضافةً إلى 8 أشخاص لم يقبلوا بالتسوية وأُحيلوا إلى النيابة العامة. وأعلنت المملكة آنذاك استعادة 400 مليار ريال لخزينتها تتمثل في عدة أصول.
وتهيمن “بن لادن” على قطاع التشييد السعودي منذ سنوات، وهي عنصر أساسي في خطط البلاد لمشروعات السياحة والبنية التحتية الرامية إلى تنويع موارد الاقتصاد بعيدا عن إيرادات النفط وخطة ولى العهد محمد بن سلمان “رؤية 2030”.
وتلك الخطط عرضة للتأثر بفعل تراجع اقتصادي ناجم عن جائحة فيروس “كورونا” وهبوط أسعار النفط، ما يجبر الحكومة على كبح الإنفاق وزيادة الاقتراض.
وضربت أزمة فيروس كورونا وحرب أسعار النفط العام التي أشعلها ولى العهد مع خصومه وأودت المملكة إلى الهاوية والاستدانة وفرض إجراءات صعبة على سكان المملكة والوافدين.
ووجد المواطن السعودي نفسه في عام 2020 أمام أكبر موجة غلاء في تاريخ المملكة، في ظل سلسلة إجراءات حكومية فرضها نظام آل سعود لمواجهة تفاقم أزمة الاقتصاد السعودي وتداعيات فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط العام.
وللمرة الأولى، أقرت وزارة المالية في المملكة، مايو/ أيار المنصرم، إجراءات وصفتها بـ “المؤلمة” لإنقاذ الموازنة العامة من العجز الكبير. وشملت هذه الإجراءات زيادة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من يوليو/تموز المقبل، ووقف صرف بدل غلاء المعيشة اعتبارا من يونيو/حزيران الجاري.
وفاجأت الهيئة العامة للجمارك في المملكة، السعوديين، بنشرها قائمة بالسلع المقرر رفع الرسوم الجمركية عليها، اعتبارا من العاشر من الشهر الجاري.
وتضم القائمة نحو 3 آلاف سلعة مختلفة، تراوحت نسبة الرفع الجمركي عليها بين 3 و25 بالمائة.
وكان وزير المالية محمد الجدعان، قال إن الضرائب الجديدة المضافة لثلاثة أضعاف وتعليق بدل غلاء المعيشة لموظفي الدولة، هدفه تحصين وضع المملكة المالي الذي تضرر بشدة من انخفاض أسعار النفط فيما تهاوي الطلب على الخام بسبب فيروس كورونا المستجد.
وأضاف الجدعان أن “الإجراءات التي تم اتخاذها وإن كان فيها ألم إلا أنها ضرورية للمحافظة على الاستقرار المالي والاقتصادي من منظور شامل وعلى المديين المتوسط والطويل، حسب زعمه.
وعقب قرارات الجدعان، نشر نشطاء سعوديون في المملكة مقطع فيديو من مقابلة مع ولي العهد محمد بن سلمان أجريت عام 2016 إبان إطلاق “رؤية 2030” يقول فيها إنه بحلول عام 2020 ستكون المملكة قادرة على العيش بدون نفط.
ولم يقتصر رفع الأسعار على السلع داخل المملكة، بل رفعت شركة النفط السعودية “أرامكو” سعر غاز البترول المسال المتجهة إلى آسيا لشهر حزيران/يونيو ٢٠٢٠.
وتوحى القرارات الجديدة، بانتهاء عهد الرفاهية في الدولة النفطية، سيما أن هناك قرارا يسمح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
ومؤخرا، أعلنت وزارة الاسكان في المملكة، لجمهورها العسكريين والمواطنين، وقف مدفوعات اثنين من برامجها لدعم الرهن العقاري في الوقت الذي تتطلع فيه إلى خفض التكاليف.
وقالت وزارة الإسكان على موقعها الإلكتروني إنه سيتم تعليق برنامج القروض بدون فائدة للعسكريين الذي يغطي 20% من العقار، أو ما يصل إلى 140 ألف ريال سعودي (37 ألف دولار). كما تم إيقاف خطة أخرى تقدم للمواطنين مساعدة تصل إلى 95 ألف ريال أو 10% من الممتلكات.
كما أظهرت معطيات رسمية، خسارة المملكة نحو 50 مليار دولار من احتياطياتها الأجنبية خلال شهري مارس/آذار، وأبريل/نيسان الماضيين (فترة تفشى الفيروس التاجي).
وانزلقت المملكة، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى عجز في الموازنة بقيمة 9 مليارات دولار في الربع الأول من العام 2020 مع انهيار إيرادات النفط، وحرب أسعار النفط العام.
وكشفت أرقام وبيانات جديدة نشرها البنك الدولي مؤخراً عن ارتفاع صاروخي في المديونية السعودية خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزير المالية محمد الجدعان أن حكومته ستقترض 220 مليار ريال (58 مليار دولار) خلال العام الحالي، وهو ما يعني أن المديونية العامة للمملكة تتجه لتسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة.