في تطور غير مسبوق في المملكة منذ عقود طويلة، عيّن الملك أبنه الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزيراً للطاقة، ليحل محل خالد الفالح، ويصبح أول عضو في الأسرة الحاكمة يتولى منصب وزير الطاقة ما يجعل نحو نصف اقتصاد المملكة في قبضة آل سلمان.
وجرى الإعلان عن تعيين الأمير عبد العزيز في مرسوم ملكي نشرته وكالة الأنباء الرسمية “واس” قبل أيام، بينما تولى حقيبة النفط خمسة وزراء منذ 1960 لم يكن أحد منهم من أفراد الأسرة الحاكمة.
وتقول مصادر اعلامية دولية في تقارير اصدرتها وكان من أبرزها وكالة رويترز العالمية، إن التفكير الذي كان سائداً هو أن الأسرة الحاكمة في المملكة تعتبر منصب وزير النفط مهماً جداً، إلى حد أن إسناده إلى أحد الأمراء قد يخل بتوازن السلطة الدقيق في الأسرة، ويخاطر بجعل السياسة النفطية رهينة للمناورات السياسية.
وتضيف الوكالة “أن قرار تعيين الأمير عبد العزيز بعد فترة وجيزة من إنشاء المملكة وزارة للصناعة والموارد المعدنية في أغسطس/آب الماضي، فاصلة إياها عن وزارة الطاقة الضخمة. وقبل قرار الفصل، كان الفالح يشرف على أكثر من نصف الاقتصاد السعودي من خلال وزارته الضخمة”.
من جهة اخري اشارت وكالة بلومبيرغ الأميركية، إلى أن تصعيد الأمير عبد العزيز بين عشية وضحاها، يركز مزيدا من السلطة داخل أسرة الملك سلمان الذي صعد إلى العرش في عام 2015″، مشيرة إلى تعيين الأمير محمد وليا للعهد كما جرى تعيين ابن آخر، هو الأمير خالد بن سلمان، نائباً لوزير الدفاع بعد أن عمل سفيراً للمملكة في الولايات المتحدة الأميركية.
وأضافت بلومبيرغ: “ليس من الواضح على الفور ما إذا كان قرار ترقية الأمير عبد العزيز يعكس الرغبة في تغيير سياسة النفط، بدلاً من استياء الملك من الفالح، الذي قيل إنه وقف ضد طرح شركة أرامكو، عملاق النفط السعودي، في البورصات العالمية خلافا لتوجه ولي العهد”.
وقد ذكرت وكالة “أويل برايس” العالمية لها الأسبوع الماضي، أنه، خلال السنوات القليلة الماضية، كافح محمد بن سلمان للحصول على دعم موحد للطرح العام الأولي، لكن القوى المحافظة داخل الديوان الملكي ووزارة الطاقة وأرامكو تعارض بوضوح أي عملية عرض عام أوّلي متسرعة.
ووفق ما ذكر التقرير فإنه “كثرت الشائعات التي تفيد بأن الفالح وبعض الأطراف حذّروا محمد بن سلمان من إعادة النظر في الطرح العام الأولي لأرامكو وأهدافه”.
واستبعد مسؤولون ومحللون في المملكة أن يغيّر الأمير عبد العزيز سياسة بلاده النفطية أو توجهها نحو منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك”.
وذكرت بلومبيرغ نقلا عن بوب ماكنالي، رئيس مجموعة رابيدان للطاقة، قوله: “لا أتوقع أي تحولات كبيرة في سياسة النفط السعودية الحالية أو العلاقات مع روسيا”، في إشارة إلى الاتفاق المبرم لخفض الإنتاج بين أوبك والمنتجين من خارج المنظمة.
وقالت حليمة كروفت، العضو المنتدب في مؤسسة “آر.بي.سي كابيتال ماركتس” لرويترز: “لا أعتقد أنه ستكون هناك أي تحولات كبيرة على صعيد سياسة أوبك أو المبادرات الأوسع نطاقا”.
والأمير عبد العزيز بن سلمان (59 عاما) أخ غير شقيق لمحمد بن سلمان. وكان قد عُين وزير دولة لشؤون الطاقة في 2017، وعمل عن قرب مع وزير البترول السابق، علي النعيمي، كنائبه لسنوات لتصديره لاستلام المنصب خلفا عن النعيمي.
يأتي ذلك فيما تواجه المملكة ضغوطا اقتصادية متزايدة في ظل تراجع عائدات النفط مع استمرار الأسعار عند مستويات متدنية، مقارنة مع فترات قبل الانهيار نهاية عام 2014، بجانب تداعيات الإخفاقات التي أحاطت بالمشروعات والخطط الاقتصادية الرئيسية، التي أدرجها محمد بن سلمان ضمن رؤية 2030، التي روج لها على أنها مستقبل المملكة، بينما تبنّت مؤسسات مالية وبحثية عالمية مواقف أكثر تشاؤمية لمستقبل المملكة، في ظل الفشل المتتالي على الصعيد الاقتصادي واستنزاف موارد الدولة.
وحيث انخفضت صادرات النفط خلال يونيو/حزيران الماضي، للشهر الثالث على التوالي، وفق بيانات صادرة، في أغسطس/آب، عن مبادرة البيانات المشتركة للدول المنتجة للنفط “جودي”، لتصل إلى 6.721 ملايين برميل يومياً، مقابل 6.942 ملايين برميل يوميا في مايو/أيار، لتسجل بذلك أدنى مستوى في 4 سنوات ونصف السنة.
وتراجعت وتيرة النفط منذ نهاية مارس/آذار الماضي، حيث انخفضت إلى مستوى 8.57 ملايين برميل يومياً في إبريل/نيسان، مقارنة بـ 8.614 ملايين برميل يومياً في مارس/آذار، لتستمر في التراجع خلال مايو/أيار ويونيو/حزيران.
كما وسجل قطاع الطاقة خلال النصف الأول من العام الجاري، تراجعاً حاداً وغير مسبوق في الأرباح، بنسبة بلغت 73.7 في المائة، وفق نتائج أعمال الشركات المقيدة في البورصة، والتي تم الإفصاح عنها الشهر الماضي.