شراكة مع متهم بقتل خاشقجي: السعودية تبيّض سجلها الأمني عبر بوابة الأمم المتحدة

وجّهت منظمتان غير حكوميتين رسالة احتجاج رسمية إلى مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، على خلفية توقيعه مذكرة تفاهم مع مسؤول أمني سعودي متهم بالتورط بقتل الصحفي جمال خاشقجي، في خطوة اعتُبرت تجاهلاً صارخاً لملف حقوق الإنسان في المملكة.
فقد بعثت كل من منظمة القسط ومجموعة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رسالة إلى ألكسندر زويف، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة لشؤون مكافحة الإرهاب، أعربتا فيها عن “قلقهما العميق” من الاتفاق الموقع مع رئاسة أمن الدولة السعودية.
وجاء توقيع مذكرة التفاهم في أواخر الشهر الماضي، عقب زيارة زويف إلى الرياض، حيث وقّع الاتفاق عن الجانب السعودي عبد العزيز الهويريني، رئيس جهاز أمن الدولة.
وأكدت المنظمتان في رسالتهما أن الهويريني “متورط بشكل مباشر في مقتل الصحفي جمال خاشقجي”، مستندتين إلى نتائج تحقيق المقررة الخاصة السابقة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامارد.
وكان خاشقجي، الصحفي البارز قُتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018، في عملية اغتيال خلصت أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى أنها نُفذت بموافقة ولي العهد السعودي.
وخلص تقرير كالامارد الصادر في العام التالي إلى أن “مسؤولي جهاز أمن الدولة قاموا بترتيب جميع تفاصيل العملية، بما في ذلك الطائرات الخاصة وأماكن الإقامة”. كما أشار التقرير إلى تسجيل صوتي سُمع فيه القنصل العام السعودي في إسطنبول يتحدث مع شخص يُعرف بالأحرف “AA” حول “مهمة سرية للغاية”.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، أفادت صحيفة الغارديان بأن شهوداً عدة أكدوا رؤية الحويريني في فيلات فاخرة بالرياض كان يقيم فيها متهمون بقتل خاشقجي.
تجاهل أممي لمخاوف حقوقية
قبل توقيع الاتفاق، خاطبت المنظمتان مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، داعيتين إلى الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، والانخراط الجاد مع المجتمع المدني لضمان احترام حقوق الإنسان في برامج مكافحة الإرهاب.
غير أن المنظمتين أكدتا أنهما تلقتا “ردوداً عامة” لم تتناول المخاوف المحددة، قبل أن يُوقّع الاتفاق بعد ثلاثة أسابيع فقط.
وبحسب سياسة العناية الواجبة لحقوق الإنسان المعتمدة لدى الأمم المتحدة، يتوجب على الكيانات الأممية تقييم مخاطر دعم قوات أمن قد تكون متورطة في انتهاكات جسيمة، بالاستناد إلى تقارير هيئات أممية ومنظمات حقوقية مستقلة، مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية.
سجل سعودي حافل بالانتهاكات
أكدت منظمات حقوق الإنسان أن إجراء تقييم جاد للمخاطر كان سيكشف “على الفور” عن السجل الممنهج لجهاز أمن الدولة السعودي في انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والاختفاء القسري.
وقالت تانيا بولاكوفسكي من مجموعة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن الاتفاق “يُضفي طابعاً رسمياً على شراكة مع جهاز أمني مسؤول عن انتهاكات موثقة على نطاق واسع، تحت غطاء مكافحة الإرهاب”.
كما شددت نادين عبد العزيز من منظمة القسط على أن السلطات السعودية “تستخدم تشريعات مكافحة الإرهاب كسلاح لإسكات المنتقدين السلميين، عبر الاعتقال التعسفي والتعذيب وحظر السفر وحتى الإعدامات”.
وإلى جانب مذكرة التفاهم، جرى اختيار السعودية كأول رئيس دوري لمجموعة عمل دولية معنية بـ“مكافحة سفر الإرهابيين”، ما أثار قلقاً إضافياً لدى المنظمات الحقوقية، نظراً لاستخدام الرياض التعسفي لحظر السفر ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وأفراد عائلاتهم.
واستشهدت المنظمات بحالة الناشطة لجين الهذلول، التي أُفرج عنها من السجن لكنها ما تزال خاضعة لحظر سفر تعسفي، في حين يُمنع والداها من السفر منذ عام 2018.



