تؤكد تقارير دولية متخصصة أن وعود نظام آل سعود بتخفيض معدلات البطالة في المملكة تحولت إلى سراب ودليل جديد على الفشل الاقتصادي الذريع.
ونشرت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية المتخصصة بالشأن الاقصادي تقريراً عن واقع اقتصاد المملكة يؤكد أن معدلات البطالة في صفوف السعوديين لن تنخفض في السنوات القادمة.
ويظهر التقرير أن أي تحسن في القطاع غير النفطي- وإن كان تحسناً قوياً- “لا يمكنه أن يسهم في حل مشكلة البطالة التي تعاني منها المملكة، خاصة في ظل حالة عدم الثقة التي تشعر بها الشركات الأجنبية العاملة في المملكة، وفي ظل استمرار فرض الضرائب والرسوم التي تؤثر في قرارات التوسع والتوظيف لديهم”.
وذكرت أن تلك العوامل جعلت نسب البطالة تراوح مكانها في السنوات الثلاث الماضية 12% .
وبق أن خفض صندوق النقد الدولي توقعات النمو الاقتصادي للمملكة في عام 2019، للمرة الخامسة خلال مدة قصيرة، وهو ما جعلها واحدة من أسوأ الدول الكبرى على صعيد تحقيق النمو الاقتصادي.
وأشار التقرير إلى أن توقعات النمو الاقتصادي للمملكة سوف ينخفض من 1.9% إلى قرابة صفر (0.2%). كما خفضت وكالة موديز توقعاتها للنمو الاقتصادي السعودي لهذا العام من 1.5% إلى 0.3%.
وذكر أن تمديد اتفاق “أوبك”، واضطرابات أسواق النفط، من الأسباب الرئيسة لذلك، “حيث يمثل قطاع الطاقة الجزء الرئيس من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة”.
كما أن الهجوم على البنية التحتية النفطية بالسعودية (هجوم أرامكو)، منتصف أغسطس الماضي، زاد من المخاطر المستقبلية على اقتصاد آل سعود.
وكانت بيانات رسمية صادرة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (حكومية) تحدثت، في نوفمبر الماضي، عن تسريح نحو 1.36 مليون موظف أجنبي من القطاع الخاص فقط، منذ مطلع عام 2017 وحتى نهاية سبتمبر 2018، وهو ما يعني مغادرة هؤلاء الموظفين البلاد وإفساح المجال أمام الشباب السعودي الباحث عن فرص عمل.
كما تظهر الأرقام أن عدد من سُرحوا فقط خلال الربع الثالث من العام 2018 يصل إلى نحو 260 ألف عامل أجنبي، وعليه؛ تراجع عدد الموظفين الأجانب إلى 7.13 ملايين فرد، بنهاية سبتمبر 2018، مقابل 8.49 ملايين في نهاية ديسمبر 2016.
كما كشفت إحصاءات أصدرتها المديرية العامة للجوازات السعودية، عن مغادرة أكثر من نصف مليون وافد المملكة خلال عام 2017 وحده، وأن هؤلاء حصلوا على تأشيرات “خروج نهائي”.
ومن بين التطورات كذلك قرارات الحكومة المتواصلة بالتوسع في تطبيق سياسة “سعودة” الاقتصاد، كأحد أركان رؤية 2030 المزعومة التي يتبناها وليّ العهد محمد بن سلمان، من خلال حصر العمل في عشرات المهن والحرف في عدد من القطاعات المهمة بالسعوديين.
ورغم أن الهيئة العامة للإحصاء بالمملكة أشارت إلى حدوث تراجع في معدل البطالة خلال الربع الثالث من العام الماضي، مقارنةً بالربع السابق والبالغ 12.9%، فإن هذا التراجع لم يتجاوز 0.1% على الرغم من حدوث تلك التطورات في سوق العمل داخل المملكة، وهي تطورات كانت كفيلة بخفض معدل البطالة الرسمي المعلن إلى النصف وربما أكثر.
وتشير تقارير دولية إلى أن السعوديين كانوا يتمتعون بأوضاع اقتصادية جيدة نسبياً في السابق، بفضل العائدات النفطية التي تحصل عليها بلادهم، لكنهم بدؤوا يشعرون خلال السنتين الأخيرتين بأن ظروفهم المعيشية قد تدهورت كثيراً، بسبب السياسات المتخبطة لبلادهم.
كما تظهر مؤشرات الاقتصاد السعودي مخاطر كبيرة تواجهها المملكة؛ فإضافة إلى عجز الموازنات السنوية المتواصل منذ عام 2014، فإن الاحتياطي العام للمملكة انخفض من 732.3 مليار دولار في نهاية 2014، إلى 490 مليار دولار، العام الماضي 2018.
ورغم مغادرة العمالة الوافدة بسبب ضعف الاقتصاد، وزيادة الرسوم، وغلاء المعيشة، والتشدد في تطبيق سياسة سعودة الوظائف، لم تنجح السعودية في خفض نسب البطالة التي لا يزال معدلها مرتفعاً بنسبة 12%.