كشفت وثيقة سرية إماراتية أن وزارة الخارجية تقدر مستقبل العلاقة مع نظام آل سعود في اليمن بأنه على المحك، وحذرت من أن يؤدي تنازع المصالح بين البلدين إلى خلق بيئة عدائية لكلا منهما و بصدام ميداني.
وبحسب الوثيقة، المُعدّة من قِبَل وحدة الدراسات اليمنية في وزارة الخارجية الإماراتية، فإن بقاء الوضع الراهن في اليمن يعني تأسيس بيئة مقاومة للسعودية والإمارات معا، أو على الأقل غير مطمئنة ومتشككة منهما، وفقا لما أوردته صحيفة “الأخبار” اللبنانية.
واستندت الوثيقة إلى تقدير موقف الأطراف المحلية للنزاع اليمني من العلاقة بين أبوظبي والرياض، مشيرة إلى أن كل هذه الأطراف، باستثناء جماعة أنصار الله (الحوثيين)، لا تملك غير البقاء في كنف راعيها، لكن نظرتها للعلاقة مع الطرف الآخر في التحالف العربي ليست موحدة.
فإعلان الإمارات، نهاية العام الماضي، تنفيذ انسحاب لقواتها من اليمن “فتح باب الأمل بتحريك المياه الراكدة، بالنسبة لبعض الأطراف المحلية” حسبما تفيد الوثيقة.
وتلفت وحدة الدراسات اليمنية بوزارة الخارجية الإماراتية إلى أن العلاقة مع السعودية في اليمن مرت بـ3 مراحل، أولاها “مرحلة الرضى والامتنان”، وفيها كانت الصورة (بمنظور الأطراف اليمنية) أن الدولتين تعملان في تكامل وانسجام لإنجاز هدف واحد، أي القضاء على الانقلاب الحوثي.
وفي مرحلة تالية عنوانها “الارتباك والتشتّت”، بدأ الإرباك والميوعة يصيبان المشهد الصراعي. وبدأت تظهر قوى جديدة. وبدت سياسات الدولتين ومواقفهما عموماً غير واضحة، وأوحت في حالات عديدة بتناقضها، بحسب الوثيقة.
أمّا في المرحلة الثالثة، والتي تسميها وحدة الدراسات الإماراتية “مرحلة الشك والمراجعة”، فبرز فيها الاعتقاد بأن اتفاق السعودية والإمارات وتنسيقهما التام بدأ بالاهتزاز، ولكن دون أن ينهار، وبدأت أطراف الصراع (اليمنية) تعتقد بوجود خلافات بينهما، خصوصاً “بفعل بعض التطورات التي كان آخرها إعلان الإمارات تقليص تواجدها العسكري في اليمن”.
وإزاء ذلك، فإن ثمة رؤية مختلفة لكل من أطراف الصراع اليمني المحلية لأفضل مستقبل للعلاقة السعودية الإماراتية، وعلى رأسها حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، التي “ليس أمامها إلا البقاء في كنف الرياض والخضوع لإرادتها، والاستمرار في محاولة إقناعها بإجراء مراجعة” على أساس أن “الإشكال يكمن في الإمارات وسياساتها”.
الأمر ذاته ينطبق على حزب الإصلاح اليمني، الذي يعد حليفا لحكومة “هادي” والسعودية فيما تحاول الإمارات استئصاله من المشهد اليمني باعتباره امتدادا لتيار “الإخوان المسلمون”، فليس أمامه سوى البقاء في كنف السعوديين والتعويل عليهم والاستمرار في محاولة إقناعهم بجدارته وبأنه حليف موثوق ولا يشكل تهديداً وليس له علاقة بالإخوان.
وبالنسبة للحوثيين، فالوضع الأنسب الذي يرغبون في تحققه غير قائم، وهو نشوب خلاف بين السعودية والإمارات من النوع الذي يلحق الضرر بعلاقتهما، “فمن شأن ذلك ليس فقط أن يربك موقف جميع خصومهم، ولكنه قد ينتهي بتفكك التحالف، بحسب الوثيقة.
وفيما يتعلّق بالمجلس الانتقالي الجنوبي، الموالي للإمارات، فهو “يعتقد أن دعم السعودية لخطط إقامة دولة جنوبية أمر غير وارد، ولديه أيضا شكوك حول حقيقة موقف الإماراتيين” حسبما أكدت الوثيقة، وعليه، فهو يسعى للحفاظ على علاقة جيدة بالإمارات والسعودية، أو بأي منهما، بما يؤمن له الدعم ليبقى على قيد الحياة.
ولأن علاقته بالإمارات أوثق، فإن سيناريو نشوب خلاف بين السعودية والإمارات قد يكون مفيداً للمجلس “لأنه قد يخلص الإمارات من الضغوط التي يعتقد أن الرياض تمارسها عليها ويطلق بالتالي يدها في دعمه”.
أما “المؤتمر الشعبي العام”، حزب الرئيس اليمني الراحل “علي عبدالله صالح”، فهو الطرف المحلي الوحيد صاحب المصلحة في وئام العلاقة السعودية الإماراتية، إذ يعيش وضعاً استثنائياً وصعباً على أثر انقسامه المركب بين جناح “هادي”، الذي يماثل موقف الحكومة، وجناح صنعاء، الذي يماثل موقف الحوثيين، وجناح الخارج، المحسوب على الإمارات.
ولا يبدو احتمال توحد الحزب مجددا في الأفق إلا إذا توافقت السعودية والإمارات وانتهت الحرب بتطبيع الأوضاع السياسية في البلاد باتفاق مع الحوثيين.
وخلصت الوثيقة الإماراتية إلى توصية بمراجعة سياسة أبوظبي في اليمن، عبر توسيع دائرة تحالفاتها الرسمية وغير الرسمية (خاصة مع منظمات المجتمع المدني والإعلام)، باعتبار أن بقاء الوضع الراهن أو تغيره يعني تضاربا محتملا في المصالح مع السعودية.