نظام آل سعود يتجاهل مناشدات أميرة معتقلة لإنقاذ حياتها

يتعنت نظام آل سعود في تجاهل مناشدات الأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز من أجل إطلاق سراحها مع بدء شهر رمضان على الرغم من حاجتها للعلاج وذلك في دافع انتقامي لمواقفه المعارضة.

ونشرت الأميرة بسمة قبل يومين رسالة جديدة على موقعها الإلكتروني وحسابها على فيسبوك، فيما أكد أحد الأقارب المقربين منها صحة الرسالة.

وجاء في الرسالة “أنا بسمة بنت سعود، أناشدك عمّي الملك المفدى سلمان بن عبد العزيز آل سعود أطال الله بعمرك وولد عمّي صاحب السمو الملكي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظكم الله- كما ذكرت سابقا أنا موجودة حاليا بسجن الحاير مع ابنتي سهود الشريف وحالتي مستمرة في التدهور يوما بعد يوم قد تؤدي إلى وفاتي. بعد المناشدة الأولى إلى الآن لم يُطلق سراحي أو النظر في أمري أو لم أتلق العلاج المناسب …الرجاء إطلاق سراحي لأسترجع صحتي في شهر رمضان المبارك مع أهلي، حيث لم أرهم منذ أكثر من سنة”.

ونقل قريب الأميرة لوكالة “رويترز” العالمية للأنباء أن بسمة (56 عاما)، وهي سيدة أعمال وكاتبة وناشطة حقوقية، كانت ستسافر للعلاج في الخارج حين قُبض عليها في فبراير/شباط العام الماضي، وأُبلغت أنها متهمة بمحاولة تزوير جواز سفر.

وأضاف المصدر أن التهم الموجهة ضدها أُسقطت، لكنها لا تزال مسجونة في سجن الحاير مع ابنة لها كانت معها عند اعتقالها وأبلغت بنفسها مؤخرا أنها محتجزة في سجن الحاير بالرياض منذ أكثر من عام وأنها مريضة.

ولم يصدر تعليق علني من مسؤولين سعوديين على المناشدة الحالية للأميرة، ولا المناشدة الأولى التي نشرتها على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي.

وتعاني الأميرة من سلسلة مشاكل صحية، بما فيها مشاكل في القلب وهشاشة العظام ومشكلات في الجهاز الهضمي، حسب السجلات الصحية من عامي 2016 و2018. وقال قريبها إنها لم تتلق رعاية طبية كافية منذ عدة أشهر.

وأشارت أُسرة الأميرة -في نداء قدمته للأمم المتحدة في مارس/آذار- إلى أن سبب احتجازها “قد يكون دورها كناقدة مفوهة للانتهاكات في البلد، الذي ولدنا فيه، وكذلك.. من أجل الاستفسار عن الثروة المجمدة التي خلفها والدها”.

وكانت الأميرة تعتبر داعمة لولي العهد السابق محمد بن نايف آل سعود، حسب رأي أسرتها. وقال قريب بسمة ومحام أميركي للأميرة إنها قبل اعتقالها استأجرت طائرة لنقلها إلى سويسرا عبر تركيا من أجل تلقي العلاج.

وقال المحامي الذي ساعدها في ترتيب الرحلة “تم بعد فوات الأوان إدراك أن وجود تركيا في خطة السفر جعل الموقف صعبا، وقد يوحي بأنها كانت تخطط للهروب”.

وكانت لقطات مصورة لكاميرات مراقبة -قدمها أحد المقربين من الأميرة وشاهدتها رويترز- أظهرت وصول سبعة رجال إلى مسكن الأميرة قرب منتصف الليل في 28 فبراير/شباط 2019. ولم يتم بعد التحقق من صحة اللقطات بشكل مستقل.

وبناء على تأكيدات قريب بسمة، كانت الأميرة متشككة لكنها ذهبت معهم برفقة ابنتها سهود الشريف (28 عاما) ثم نُقلت المرأتان إلى السجن.

ومؤخرا أبرزت وسائل إعلام دولية التصاعد الحاصل في حدة التوتر داخل عائلة آل سعود بفعل بطش ولي العهد محمد بن سلمان بأمراء وأميرات واعتقاله العشرات منهم لسحق أي معارضة له.

ونبهت وكالة الصحافة الفرنسية نشرت الأميرة بسمة رسالة على صفحتها الرسمية عبر تويتر قبل يومين تناشد فيها عاهل المملكة العربية السعودية وولي عهده إطلاق سراحها لأن حالتها الصحية تدهورت في السجن، من دون أن توجه أي اتهامات. وكانت الأميرة قد اعتقلت في مارس/ آذار من العام الماضي.

وقالت الوكالة إن الأميرة السجينة بسمة وجهت نداء علنيا نادرا إلى الملك سلمان لإطلاق سراحها من سجن عليه حراسة مشددة، مشيرة إلى أن صحّتها “متدهورة”.

وقد اعتقلت الأميرة وهي سيّدة أعمال عمرها 56 عاما وفرد العائلة المالكة، في آذار/مارس العام الماضي قبل سفرها إلى سويسرا لتلقّي علاج طبّي، حسب مصدر قريب من عائلتها.

وذكرت الوكالة أن هذا النداء الذي وجهته الأميرة المسجونة بدون اتهامات، من أجل إطلاق سراحها، هو أحدث مؤشر على التوتر داخل الأسرة الحاكمة في المملكة بعد اعتقال شقيق الملك سلمان وابن أخيه الشهر الماضي، في محاولة، على ما يبدو، لمنع أي انشقاق داخلي.

وكتبت الأميرة في رسالة نشرتها على صفحتها الرسمية على تويتر “لا أعلم إذا كان لديكم علم بوجودي بالسجن لغاية الآن مع ابنتي سهود الشريف”، داعية الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد إلى “النظر بأمري لإطلاق سراحي وتلقّي العلاج المناسب لأنني بوضع حرج جدا”.

وأضافت “أنا موجودة حاليا بسجن الحاير وحالتي الصحية متدهورة جدا وحرجة قد تؤدي الى وفاتي. ولم أحصل على أي عناية طبية أو أي استجابة لأي طلب”.

ولم تكشف سلطات آل سعود أسباب اعتقال الأميرة. فيما أنها سبق أن أوقفت في 2017 عشرات الأمراء ورجال الأعمال والسياسيين لثلاثة أشهر على خلفية تهم قالت إنها تتعلق بالفساد، فقامت باحتجازهم في فندق “ريتز كارلتون” الفخم في الرياض ولم تطلق سراحهم إلا بعد التوصل لتسويات مالية.

وأوقفت سلطات آل سعود أيضا الشهر الفائت شقيق الملك سلمان الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود، وابن شقيق الملك وليّ العهد السابق الأمير محمّد بن نايف، لاتّهامهما بتدبير “انقلاب” لإطاحة وليّ العهد، حسب ما قال مسؤولان عربي وغربي لوكالة فرانس برس.

واعتُقل أيضا أحد أشقاء الأمير محمد بن نايف، الأمير نوّاف بن نايف، حسب ما أكّد المسؤولان اللذان اشترطا عدم ذكر اسميهما.

من جهتها نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريرا سلطت الضوء فيه على الأميرة بسمة التي أعلنت أنها تعاني من ظروف صحية صعبة بسجن الحاير، وأنها لم تحصل على أي رعاية طبية، ولم يستجب لطلباتها المتكررة.

والأميرة بسمة هي ابنة الملك الراحل سعود بن عبد العزيز، عم محمد بن سلمان ولي عهد المملكة، وقد اختفت قبل أكثر من عام، قبل التوجه إلى سويسرا للعلاج.

وأشارت “الغارديان” إلى أن اثنين من الأمراء البارزين عبرا عن دهشتهما من خبر اعتقالها، وقالا إنهما لم يسمعا عنها منذ عام تقريبا، وكانا يعتقدان أنها في فترة نقاهة بعد نوبة مرض، في حين يعتقد أفراد آخرون من العائلة المالكة أنها “تحت الإقامة الجبرية”.

وذكرت الصحيفة أن أقارب تحدثوا مع الأميرة بسمة البالغة من العمر 52 عاما، أكدوا أنها “تتكلم تحت الإكراه”، لافتة إلى أنها من الداعيات المعروفات للإصلاح في المملكة، ودافعت عن حقوق المرأة والحقوق الإنسانية بعد فترة عمل قصيرة في الإعلام خلال إقامتها في لندن.

وأوضحت الصحيفة أنها طالبت بتحويل المملكة ملكية دستورية، وهو وضع كان سيفصل العائلة المالكة عن السلطة التنفيذية، ويغير وضع العائلة بشكل أساسي، منوهة إلى أنها عادت إلى المملكة عام 2015، ودعمت العائلة الحاكمة، لكنها واصلت النقد من داخل بيت آل سعود، ودعت للانضباط في حرب اليمن والإصلاحات الجارية في البلاد.

ورأت منظمة هيومن رايتس ووتش، أن “اعتقال الأميرة بسمة يناسب أشكال إسكات المعارضين في المملكة”، مضيفة أن هذه السياسية يتبعها ابن سلمان، من أجل تعزيز قوته، بعدما أطاح بالأمير محمد بن نايف.

وقالت الباحثة في قضايا المرأة بالمنظمة روثنا بيغوم، إن “أشكال الاضطهاد انتشرت في عهد محمد بن سلمان ضد النقاد، بمن فيهم الناس الذين يبتز المال منهم”، مؤكدة أنه “لم تعد هناك مساحة للنقد، وهذا وضع النساء اللاتي تم إسكاتهن وسجنهن أو إخراجهن إلى المنفى”.

وتطرقت الصحيفة إلى اعتقال السلطات السعودية ولي العهد السابق محمد بن نايف والأمير أحمد بن عبد العزيز في آذار/ مارس الماضي، بعد اتهامهما بالتآمر ضد الملك وابنه، مؤكدة أنهما أبرز أميرين يعتقلان في عمليات “التطهير” التي بدأها ابن سلمان منذ عامين، وما يزال كلاهما في المعتقل.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأميرين متهمان بعرقلة وصول محمد بن سلمان إلى العرض، وذلك عبر هيئة البيعة، معتبرة أن “اعتقالهما أثار مخاوف داخل العائلة المالكة، وكذا قطاعات في المجتمع السعودي، لأن ابن سلمان يريد ولاء كاملا من أعضاء العائلة، وعلى استعداد لسجن وملاحقة الأمراء الذي يعتبرون ألا أحد يطالهم”.

من جهة أخرى، دعا النائب في البرلمان الأوروبي مارك طرابيلا سلطات آل سعود للإفراج عن الأمير سلمان بن عبد العزيز بن محمد آل سعود الذي اعتقل مع والده في يناير/كانون الثاني 2018، دون توجيه أي تهم لهما.
اعلان

وقال طرابيلا، وهو نائب عن الحزب الاشتراكي البلجيكي، إن الأمير سلمان نُقل قسرا يوم 27 مارس/آذار الماضي إلى مكان مجهول على يد ضباط بزي مدني.

ونقل النائب الأوروبي عن مصادر سعودية أن الأمير سلمان قد يكون نُقل إلى سجن الحائر جنوبي العاصمة الرياض حيث سُجلت إصابات بوباء كورونا.

وقال طرابيلا، نقلا عن مسؤول الأمن والسياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوسيب بوريل، إن الاتحاد أثار في مناسبات عدة مع وزارة الخارجية السعودية مِلف الأمراء المحتجزين، لكنه لم يحصل على معلومات دقيقة عن مكان احتجازهم أو التهم الموجهة لهم.

وأعرب طرابيلا عن قلق الاتحاد إزاء وضع الأمير سلمان بن عبد العزيز بن محمد آل سعود، بعد نقله إلى مكان بعيد عن العاصمة الرياض.

وقال إن الاتحاد سيواصل طرح الأسئلة على سلطات آل سعود بشأن هذه المسألة، ويأمل في أن تستجيب لنداءاتهم المتكررة “خصوصا مع قرب بداية شهر رمضان الذي نأمل أن يفتح الباب أمام بداية جديدة”.