أثار الكشف عن تدريب بريطانيا جنودا سعوديين على مقاتلات لقصف اليمن غضبا واسعا في البلاد وسط مطالب حقوقية بوقف المشاركة في ارتكاب جرائم حرب عن دعم التحالف السعودي.
وكشفت منظمة “ديكلاسيفايد يو كي” البريطانيا النقاب عن أن المئات من جنود الجيش السعودي تلقوا التدريبات العسكرية في بريطانيا منذ بدء الحرب على اليمن.
وأظهرت المنظمة المعنية بكشف دور بريطانيا عسكريا في العالم، في تقريرها، أن هناك بيانات لتدريب جنود سعوديين على قيادة المقاتلات الحربية التي استخدمت لقصف المدنيين في اليمن.
وذكرت أن الجنود البريطانيين دربوا المئات من قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة في قواعد أخرى في بريطانيا.
وقال معد التقرير فيلر ميللر إن مئات الجنود التابعين لقوات التحالف تلقوا التدريبات في قواعد سلاح الجو الملكي البريطاني جاء في وقت أصدرت فيه محكمة بريطانية أمراً بمنع تصدير السلاح البريطاني إلى المملكة؛ بسبب المخاوف من حقوق الإنسان في حرب اليمن.
وبحسب البيانات التي حصلت عليها المنظمة من موقع من وزارة الدفاع في بريطانيا فقد درب 310 سعوديين في ستة مواقع عسكرية تابعة لسلاح الجو البريطاني في إنكلترا وويلز، وما يزال تدريب الطيارين السعوديين مستمراً، حيث تستغرق بعض الدورات العسكرية أربعة أعوام.
وكشفت البيانات عن تلقي 90 سعودياً تدريبات على طائرة “تايفون” في قاعدة كونينغزي، في لينكولنشاير غرب إنكلترا عام 2019. ولم تكشف وزارة الدفاع عن طبيعة المتدربين إن كانوا طيارين أم من الطواقم العاملة على الأرض.
وأدى أسطول طائرات “تايفون” المكون من 72 طائرة دوراً محورياً في عمليات القصف على اليمن، التي شملت غارات ضد إمدادات الطعام. وحصلت المملكة على هذه الطائرات ضمن صفقة مع ذراع الجيش البريطاني “بي إي إي سيستمز” بـ 20 مليار جنيه إسترليني.
وكشف موقع “ديكلاسفايد” أن 10 طيارين من رتب صغيرة دخلوا مساقات “تدريب أولية على الطيران” في القاعدة التابعة لسلاح الجو الملكي في كرانويل، وقاعدة باركستون هيث في لينكولنشاير، وقاعدة ويترينغ في كامبريدج شاير، شمال لندن عام 2019.
وفي العام الماضي، تعلم 30 سعودياً كيفية قيادة الطائرات السريعة في قاعدة فالي في أنجلسي، شمال ويلز. وتستخدم طائرة “بي إي إي هوك” في أغراض تدريب الجيش البريطاني والسعودي في قاعدة فالي، حيث توظف “بي إي إي” 78 شخصاً؛ مما يدل على العلاقة القريبة بين الجيشين.
ووجدت المنظمة البريطانية أن 11 قاعدة عسكرية في إنكلترا وويلز استخدمت لتدريب طلاب من دول التحالف الذي تقوده المملكة ضد الحوثيين.
ولم يفلح التحالف (السعودية والإمارات) بتحقيق أيٍّ من أهدافه المعلنة في مارس/ آذار 2015م أبرزها: إعادة الحكومة الشرعية بعد الانقلاب الذي نفّذه الحوثيون في أيلول/سبتمبر 2014، بل إن التحالف لم يحافظ على تماسكه.
وبينما أحكمت الإمارات سيطرتها على موانئ اليمن، عبر دعم ميليشياتها المسلحة “المجلس الانتقالي الجنوبي”، بهدف إضعاف اقتصاد البلد المنكوب مقابل تعزيز موانئ دبي وانعاشها اقتصاديا.
وعلى ذات الدرب، يعتزم آل سعود السيطرة على نفط الجمهورية اليمنية، التي صنفتها الأمم المتحدة دولة منكوبة.
في المقابل، فإن اليمن مقسم قسمين بين مناطق تابعة للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في الجنوب ومناطق تحت سيطرة جماعة الحوثي في الشمال.
وقالت منظمة العفو الدولية، في تقريرها، مؤخرا، إن الحرب في اليمن لا تظهر لها أي مؤشرات حقيقية على الانحسار مع دخوله عامها السادس، ولا يزال المدنيون من جميع أنحاء البلاد والأجيال يتحملون وطأة الأعمال القتالية العسكرية والممارسات غير القانونية للجماعات المسلحة الحكومية وغير الحكومية على حد سواء.
وتُرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ما قد يصل إلى جرائم حرب، في جميع أنحاء البلاد. وبنهاية 2019، تشير التقديرات – حسب المنظمة الدولية – إلى أن أكثر من 233 ألف يمني لقوا مصرعهم نتيجة القتال والأزمة الإنسانية.
واشتدت أزمة إنسانية من صنع الإنسان مع ما يقرب من 16 مليون شخص يستيقظون جوعى كل يوم.
وتتمتع المملكة بثالث أكبر ميزانية عسكرية في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، مما دفع بالخبراء الى التعجب من كيفية توظيف نظام آل سعود لهذه الميزانية الضخمة.
وتعاني المملكة من وضع عسكري ضعيف أمام إيران، وتلجأ الى الولايات المتحدة للدفاع عنها في مواجهة إيران، أو على الأقل تقوم بالردع.
وتمتلك المملكة أكبر ثالث ميزانية دفاع في العالم بعد الولايات المتحدة والصين، وتقدر بـ 70 مليار دولار، وتتفوق على روسيا وفرنسا وبريطانيا، وأكثر من ثلثي ميزانية مجموع الدول العربية.
لكن من غير المعروف كيف ستقوم الرياض بصرف هذه الميزانية الضخمة، والتي سجلت بدورها مفارقة في التاريخ العسكري العالمي، حيث انها ثالث دولة من حيث الميزانية العسكرية لا تستطيع حماية نفسها أمام دولة مثل إيران التي تمتلك ميزانية عسكرية تقدر بـ11 مليار دولار، اي ست مرات أقل من الميزانية السعودية.
وخصص نظام آل سعود خلال الثلاث سنوات الأخيرة قرابة 200 مليار دولار للتسلح والتسيير، بينما خصصت إيران قرابة 30 مليار دولار فقط، والفارق هو سبع مرات.
ويجهل كيف توظف المملكة هذه الميزانية الضخمة، فهي لم توقع صفقات ضخمة، ولم تبني جيشا قويا، ولم تقم صناعة عسكرية محترمة، وتعتبر الميزانية العسكرية السعودية الأغرب من نوعها في تاريخ التسلح العسكري، ومن خلال احتساب أجور الجنود والعتاد الذي تقتنيه السعودية سنويا، فهي لا تصرف أكثر من 12 مليار دولار، فأين تذهب 58 مليار الباقية.
ومؤخرا أصدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام بيانات حول الانفاق العسكري لدول العالم خلال العام الماضي أظهر فيه أن نظام آل سعود احتل المرتبة الأولى في صفقات الأسلحة.
وتصدرت المملكة دول العالم في الإنفاق العسكري من إجمالي ناتجها المحلي خلال العام الماضي، متجاوزة بذلك دولا كبرى كالولايات المتحدة والصين وروسيا.
وحسب بيانات أصدرها المعهد ونشرتها صفحة المؤشرات العالمية على “تويتر”، فقد أنفق نظام آل سعود أكثر من 9% من إجمالي الناتج المحلي على القطاع العسكري، خلال عام2018.
وتضاعف إنفاق المملكة العسكري بشكل كبير خلال السنوات الخمس الأخيرة، خاصة منذ تشكيلها التحالف العربي بهدف التصدي لجماعة “الحوثي” في اليمن عام 2015.
وبلغ حجم صادرات السلاح الأمريكي إلى المملكة خلال فترة 2015-2017 أكثر من 43 مليار دولار. وشملت معدات وأسلحة عسكرية ومروحيات وسفن حربية ودبابات «آبراهامز» إضافة إلى طائرات حربية.
وفيما يتعلق ببريطانيا، فإن حجم الصفات العسكرية خلال فترة 2015-2017 التي أبرمتها مع المملكة فاقت 13 مليار جنيه إسترليني، شملت أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية.
أما روسيا فقد وقعت معها الرياض صفقات شملت تزويد المملكة بمنظومة الصواريخ الروسية الشهيرة «إس 400»، إضافة إلى فتح مصنع لإنتاج بنادق كلاشنيكوف في المملكة، وبلغت قيمة الصفقات نحو 3 مليارات دولار.
لكن -على الجانب الآخر- أوقف مجلس الأمن الاتحادي الألماني تصدير الأسلحة للدول المشاركة في حرب اليمن.
فيما أوقفت النرويج صفقات تصدير السلاح للإمارات للسبب ذاته.
وتلوح في الأفق إجراءات مماثلة من دول أوروبية أخرى بسبب ضغوط شعبية وبرلمانية.
وحسب معهد ستوكهولم فقد ارتفعت مبيعات الأسلحة في الشرق الاوسط خلال السنوات العشر الاخيرة بمقدار الضعف، وباتت حصة هذه المنطقة 32% من واردات الأسلحة في العالم.