مشاريع “برستيج” ضخمة يطرحها بن سلمان للتغطية على أزمات السعودية

قال موقع دويتشة فيلة dw الألماني إن ولي العهد محمد بن سلمان يطرح مشاريع “برستيج” ضخمة للتغطية على أزمات السعودية.

وذكر الموقع أن تمسك السلطات السعودية وعلى رأسها بن سلمان بإنجاز مشاريع “برستيج” ضخمة من الصعب تقدير جدواها الاقتصادية غير واقعي.

وأشار الموقع إلى أن من هذه المشاريع بناء مدينة “نيوم” المستقبلية النموذجية ومشاريع الجزر السياحية في البحر الأحمر.

وتقدر تكاليف مدينة نيوم لوحدها بنحو 500 مليار دولار، في الوقت الذي تراجعت فيه قيمة أصول الصندوق السيادي السعودي بنسبة تزيد على 40 بالمائة، أو إلى أقل من 400 مليار دولار.

وأبرز الموقع أن تحديات السنوات الست الأخيرة دفعت السعودية إلى استنزاف القسم الأكبر من احتياطاتها المالية.

إضافة إلى اللجوء لأول مرة في تاريخها إلى اقتراض عشرات المليارات من الخارج.

وتشكل تكاليف الحرب التي تقودها السعودية على اليمن وصفقات الأسلحة الضخمة في وقت تراجعت فيه أسعار النفط بمعدل يتراوح بين 30 إلى 50 بالمائة أبرز هذه التحديات.

وبحسب الموقع فإن لجوء الحكومة إلى مصادرة قسم من أموال عشرات الأمراء ورجال الأعمال الأثرياء وفرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة 15 بالمائة وتجميد وتأخير إنجاز الكثير من المشاريع لا يكفي لمواجهة نقص الموارد المالية اللازمة للحكومة التي تشتري أسلحة تعادل ما تشتريه قوة عظمى وأكثر من أي دولة أخرى في الشرق الأوسط.

وتعاني السعودية من العجز المالي منذ تراجع أسعار النفط عام 2014، ومع اندلاع جائحة كورونا تزايد هذا العجز الذي يتوقع أن يصل إلى أكثر من 100 مليار دولار حسب مصادر ألمانية.

وعلى ضوء التعثر في توفير الموارد المالية اللازمة لسد هذا العجز.

لا تتردد المملكة في اتخاذ إجراءات اقتصادية قسرية يمكن القول إنها عدائية تجاه حلفائها وجيرانها في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

وفي هذا الإطار يأتي قرار السعودية قبل أيام بوقف التعامل اعتبارا من عام 2024 مع الشركات الأجنبية العالمية التي تقيم مقرات إقليمية لها خارج المملكة.

واعتبر الموقع أن المنافسة مع السعودية لن تكون متكافئة بحكم الثقل السياسي والاقتصادي للسعودية ودسامة مشاريعها بين دول المجلس.

وهكذا فإن القرار يهدد بحرمانهم من خدمات وأنشطة شركات ومصارف دولية أجنبية اتخذت من مدنها مقرات إقليمية للقيام بأنشطتها.

ويتخذ عدد من هذه الشركات من الدوحة أو المنامة مقرات لها، غير أن القسم الأكبر منها تستضيفه الإمارات وعلى رأسها إمارتي دبي وأبو ظبي.

ومن هنا يتوقع أن تكون الإمارات حليف السعودية أكبر المتضررين من القرار في حال قامت شركات أجنبية بنقل مقراتها الإقليمية إلى السوق السعودي الأكبر في منطقة الخليج.

في هذا السياق يرى ناصر الشيخ، المدير السابق للدائرة المالية في دبي إن “تحرك الرياض يتناقض أيضا مع مبادئ السوق الخليجية الموحدة”.

بالمقابل ينفي وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن يكون للقرار علاقة “بمدن مثل دبي أو أبو ظبي، بل بحق السعودية في أن يكون لديها نصيبها العادل من المقرات الإقليمية”.

ويقول المسؤولون السعوديون إن بلادهم التي تتمتع بأقوى اقتصاد عربي يبلغ ناتجه الإجمالي 800 مليار دولار لا تستضيف سوى 5 بالمائة من المقرات الرئيسية للشركات الكبرى في منطقة الخليج.

لا تريد السعودية منافسة دبي والإمارات الأخرى على اجتذاب مقرات الشركات والبنوك وحسب، بل تريد أيضا استنساخ تجربتها في السياحة والترفيه والخدمات المالية والعقارية وجذب الاستثمارات والكفاءات الأجنبية.

غير أن فرص الرياض والمدن السعودية والخليجية الأخرى ضعيفة في سباق منافسة دبي وأبو ظبي ومدن إماراتية أخرى بسبب البنية التحتية والمالية والقانونية الأكثر تطورا في الخليج.

كما تتمتع الإمارات وخاصة إمارة دبي ببساطة الإجراءات البيروقراطية والاعفاءات الضريبية الطويلة الأجل وتعتبر قوة العمل الأجنبية الماهرة وشروط إقامتها وعملها الأسهل في منطقة الخليج.

وتعد الأجواء الاجتماعية في دبي الأكثر انفتاحا في الخليج بالنسبة لظروف العيش والسكن والإقامة مقابل غياب هذه الأجواء في مجتمعات محافظة كالمجتمع السعودي.

وتحتضن الإمارات نحو 150 شركة من نحو 200 شركة عالمية تتخذ من الشرق الأوسط وإفريقيا مقرات إقليمية لها.

ويصل نصيب دبي لوحدها إلى أكثر من 100 شركة. وتُعد الإمارات من بين أكثر الدول جذبا للاستثمار والدولة العربية الأولى على هذا الصعيد.

القرارات القسرية تضر بالجميع

كان من المفترض أن تؤدي الصعوبات المالية التي زادت من حدتها جائحة كورونا إلى قيام الحكومة السعودية بوقف إصلاحات اقتصادية واجتماعية أكثر جرأة.

وذلك بالتزامن مع وقف الحرب المدمرة التي تستنزف الاقتصاد السعودي وخلفت أكبر كارثة إنسانية بعد الحرب العالمية الثانية.

غير أن إجراءات مثل وضع الشركات الأجنبية العالمية أمام خيار نقل مقراتها إلى السعودية مقابل عقد الصفقات معها لا يساعد على الإصلاح.

ولا يساعد كذلك على توفير الموارد المالية اللازمة لإنجاز المشاريع الضخمة التي كان من الأفضل إعادة النظر فيها بسبب الضربة القاصمة التي تعرض لها قطاع السياحة والترفيه في كل أنحاء العالم بعد اندلاع جائحة كورونا.

نقاط ضعف السعودية

ويعود السبب في ذلك إلى أن السوق الإماراتية بحكم تشابكها مع أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا ووسط آسيا أكثر جاذبية للشركات والاستثمارات الأجنبية من السوق السعودية التي ما تزال من الأسواق المنغلقة على العالم نسبيا.

كما أن القطاع الخاص في السعودية أقل ديناميكية ومرونة فيها من مثيله الإماراتي بحسب الموقع الألماني.

وعلى الصعيد الخليجي لا يساعد القرار السعودي على تعزيز التعاون الاقتصادي في إطار السوق الخليجية المشتركة التي تتعرض لنكسة بعد الأخرى.

واليوم وبعد عقود على هذه السوق لم يعد أحد يتحدث عن مشاريع مشتركة تؤدي إلى تكامل الصناعات والخدمات فيها ولا عن عملة مستقبلية لها على غرار منطقة اليورو.

وخلال الأزمة الأخيرة مع قطر ومقاطعتها تباعدت الأسواق الخليجية عن بعضها وأعلنت كل من دولها عن الرؤية الخاصة بها للتنمية المستقبلية.

وهكذا أضحى لدينا رؤية خاصة بالسعودية وأخرى بالكويت وثالثة للإمارات ورابعة لسلطنة عٌمان وما إلى ذلك.

ومع استمرار سياسيات كهذه ليس من المستبعد تبادل المزيد من العقوبات التجارية على غرار ما حصل بين قطر والدول التي قاطعتها وتشرذم هذه السوق وتحولها إلى أسواق صغيرة طاردة للاستثمارات العالمية لأن الخليج لا سيتحمل أكثر من دبي واحدة للخدمات والتجارة والسياحة.